مقال: مسارات المقاومة في طوفان الأقصى

د. خالد النجار

منذ اللحظات الأولى لعمليات الإنزال والاقتحام لمستوطنات الغلاف والبدء بتطهير القاطع الشرقي لغزة من جنود ومستوطني الكيان، بات من الواضح أن المسارات التي أعدتها المقاومة خلال معركة طوفان الأقصى تتعلق بالآتي:

 

أولاً: عدم العودة إلى مفاوضات تجزئة الحلول، أو حصرها في مطالب إنسانية، ضمن برامج باتت لا تخدم الهدف الاستراتيجي للمقاومة، ولم تؤثر بالحد الأدنى في مشروع كنس الاحتلال عن أرض فلسطين، والتوجه نحو التمسك بخيارات ذات بعد استراتيجي من الدرجة الأولى، كاستعادة الأرض التي تم السيطرة عليها في الغلاف، والدخول في مفاوضات تخدم مضامينها المرحلة الحالية في إطار التحضيرات للمعركة الشاملة والتي تقود نحو التحرير الكامل لأرض فلسطين.

 

ثانيًا: الضغط على الاحتلال للرضوخ لصفقة تبادل أسرى، تشمل كافة المعتقلين في سجون الكيان الصهيوني، وإنهاء هذا الملف عسكريًا من خلال زيادة أعداد الجنود الأسرى لدى المقاومة، باعتبار أن ما وقع في يد المقاومة يُعد ثمنًا كبيرًا لتنفيذ الصفقة، وبالتالي ترتكز المساعي حاليًا حول إدخال العدو لوسطاء دوليين لاستعاده الجنود والمستوطنين، بعد أن عيّن منسقًا جديدًا برتبة عميد لتولي ملف أسرى الكيان.

 

ثالثًا: تعزيز الدور الشعبي والوطني في معركة طوفان الأقصى، من خلال انخراط كافة القوى الوطنية والمركبات المجتمعية في المعركة، على قاعدة "جماعية العمل" لاستعادة الحقوق الفلسطينية، حيث أن تقديرات العدو تؤكد نجاح المقاومة في توظيف وتجنيد الموقف الشعبي الداعم للمقاومة، وكبح جماح كي الوعي الذي حاول الكيان من خلاله استهداف البنية المجتمعية للشعب الفلسطيني.

 

رابعًا: على الصعيد العملياتي، مواصلة القتال، والتوسع في ذلك بكل الأدوات في غزة والضفة والداخل المحتل، والعمل على ضرب الحالة النفسية للجيش الصهيوني الذي فقد مكانته ووزنه العسكري في المنطقة بعد أن سيطرت المقاومة على فرقة غزة بأكملها، وحققت انتصارًا عظيمًا على الجيش الذي يدّعي أنه لم يقهر.

 

وفي هذا السياق، ومن خلال تلك المسارات، يمكن القول أن المقاومة دخلت المعركة بنجاح استراتيجي بعد أن قدّرت عوامل التأثير التي دفعتها نحو التحكم والسيطرة على إيقاع المعركة، وإلحاق الهزيمة بجيش يُشار إليه عالميًا من بين الجيوش العظمى، وقد جعلته المقاومة أضحوكة وسُخرية، وقد خلّدت ذلك في سجلات التاريخ.

البث المباشر