قائد الطوفان قائد الطوفان

محرر بالجزيرة مذهولاً من تنازلات سلطة فتح

السلطة قدمت التقارير الأمنية كالطفل المطيع للاحتلال

لندن- الرسالة نت

أجمع متحدثون في ندوة عن وثائق المفاوضات الفلسطينية السرية التي قامت قناة الجزيرة القطرية بنشرها قبل أسابيع أن تلك الوثائق تبرهن مجدداً على فشل حل الدولتين الذي تقوم على أساسه المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي منذ سنوات.

وأعرب المتحدثون في الندوة التي نظمها مرصد الشرق الأوسط في جامعة لندن ونشرت تفاصيلها صحيفة القدس العربي، عن اعتقادهم بأن حل الدولة الواحدة قد يكون الأنسب لحل الصراع طويل الأمد مع تحفظ بعضهم نظراً لصعوبة تطبيق هذا الحل في الوقت الراهن.

وكان من بين المتحدثين كليتون سويشر وهو أحد العاملين بوحدة الشفافية في قناة الجزيرة التي أشرفت على مهمة تحرير وتدقيق الوثائق المسربة والتي بلغ عددها نحو 1600 وثيقة.

وقال سويشر ان العمل على الوثائق وقراءتها والتمحيص فيها كان مضنياً نظراً لكثافة المعلومات الواردة فيها والحرص على المصداقية والمهنية في عرضها بحيث يمكن استقطاب أكبر عدد ممكن من الجمهور لمتابعتها، الأمر الذي توجب معه العمل بجد على الوثائق مدة خمس شهور قبل أن يبدأ عرضها علناً.

وعاب على من انتقد الجزيرة لاتخاذها قرار الكشف عن هذه الوثائق أنهم انتقدوا كل شيء الا مضمون هذه الوثائق وما تكشف عنه من حقائق مذهلة وتنازلات فظيعة، معتبراً أن قرار نشر هذه الوثائق كان قراراً شجاعاً من الجزيرة ولا يتعارض مع مبادئ السرية المهنية لأن المصلحة العامة يجب أن تتقدم على أي اعتبارات.

وقال سويشر وهو باحث وكاتب أمريكي عمل في عدد من المؤسسات التي تعنى بشؤون الشرق الأوسط قبل أن ينتقل للعمل في الجزيرة في العام 2007 ان مضمون الوثائق شكل صدمة له شخصياً وان الوقوف على حجم التنازلات ونهج المفاوضات المتبع أعاد الى ذهنه تجربة سابقة عايشها في كامب ديفيد عندما أتيحت له الفرصة لمراقبة أجواء المفاوضات ذلك الوقت ولاحظ مستوى التهاون والاستهانة بحقوق الشعب الفلسطيني، الأمر الذي دعاه في العام 2004 الى نشر كتاب حول هذا الجانب المخفي من المفاوضات عن العامة حيث حمل الكتاب عنوان: "الحقيقة حول كامب ديفيد".

وتابع سويشر قائلاً انه كان من الصعب عليه تصديق أن الأخطاء ذاتها التي تكررت بكثافة في كامب ديفيد تتكرر في المفاوضات التي جرت في العام 2008 حسب ما جاء في الوثائق التي عكف على دراستها طيلة شهور.

وأضاف: ليس فقط الأخطاء نفسها بل الأخطاء نفسها ومن الأشخاص أنفسهم.

وقال انه يعتقد بأن 20 الى 30 بالمئة من المفاوضات التي تمت بين الطرفين في العام 2008 غلب عليها الطابع الأمني وأن السلطة الفلسطينية كانت تتعامل مع "حماس" على أنها العدو الأول لها وليس الاحتلال الاسرائيلي.

وتابع: تقارير الوفد الفلسطيني وايفاداته في الموضوع الأمني بدت لي وأنا أتفحصها في الوثائق وكأنها تقارير أطفال المدارس التي يقدمها الأطفال لوالديهم للتأكد من حسن أدائهم... أما الأمريكان فقد اعتمدوا سياسة تشبه سياسة الهاء الأطفال بما يمكن الهاؤه بهم كي يستمر الآخرون في أعمالهم وهكذا ضاعت سنوات من المفاوضات في مهام أمنية يؤديها الفلسطينيون على حساب القضايا الكبرى مثل اللاجئين والقدس.

وكشف سويشر أنه أعد كتابا عن هذه الوثائق من المتوقع صدوره مطلع نيسان/ أبريل القادم في لندن وسوف يتضمن نسخا كاملة من هذه الوثائق ومحادثات سرية شارك فيها توني بلير وصائب عريقات وتسيبي ليفني وكوندوليزا رايس وغيرهم. كما يتوقع أن يكشف عن الكتاب الشهر القادم في معرض أبو ظبي للكتاب.

وكان داوود عبد الله من مجلس ادارة مرصد الشرق الأوسط أشاد بقرار الجزيرة الكشف عن هذه الوثائق التي أسهمت في امداد الشعوب بسلاح المعرفة وهو السلاح الذي كان رأس الحربة في ثورات العالم العربي التي تؤدي الى التغيير في أنظمة الحكم، معتبراً أن هذه الوثائق لم تأخذ حظها من الاهتمام بسبب الثورة المصرية وتراجع الاهتمام الاعلامي لصالحها ومؤكداً على ضرورة محاسبة المتورطين ومراجعة بعض الدول لدورها من هذه المفاوضات مثل بريطانيا وفرنسا.

أما الكاتبة الأمريكية كاثلين كريستسون فقد قدمت مراجعة للدور الأمريكي في المنطقة من خلال ما قدمته الوثائق من معلومات وفيرة حول عدم نزاهة الوسيط الأمريكي الذي ينحاز لـ(اسرائيل) انحيازاً أعمى لا يخدم حتى (اسرائيل) نفسها.

ومن جهته، دعا الدبلوماسي البريطاني ريتشارد دلتون الذي عمل سفيراً لبلاده في ليبيا وايران في سنوات سابقة خارجية بلاده بالانفصال عن المواقف الأمريكية وعدم التبعية الكاملة لها الا بما يتوافق مع مواقفها الذاتية.

كما حث الاتحاد الأوربي على الاخذ بوجهات نظر المجتمع المدني واقالة توني بلير من منصبه كمبعوث سلام في الشرق الأوسط لأنه لا يؤدي مهامه كما يجب.

وقال الأكاديمي المختص بحل الصراعات أوليفر ماكتيرنن ان الوثائق توضح أن الهم الأكبر كان استبعاد حماس عن دائرة الحكم وتقويض تأثيرها وليس العمل الجدي على ايجاد حلول للصراع طويل الأمد، مستنكراً دور أجهزة استخبارات بلاده في الأراضي الفلسطينية وتورطها في تعذيب الفلسطينيين الأمر الذي يتطلب فتح تحقيق حول المسألة.

واعتبر الاعلامي البريطاني تيم لويلن أن وسائل الاعلام العالمية ومنها البريطانية والبي بي سي تحديداً تتحمل مسؤولية تضليل الرأي العام حول حقيقة ما يجري من أمور المفاوضات، وقال ان التغطية الاعلامية في هذا الخصوص وصلت الى حد غير مسبوق من انعدام التوازن والنزاهة.

 

البث المباشر