غزة- أحمد أبو قمر
لقرابة 7 أشهر لم تدخل السيولة النقدية إلى أسواق قطاع غزة، لتعاني البنوك التجارية من عدم قدرتها على إيفاء متطلباتها للعملاء.
ففي ظل الحرب الجارية على غزة، تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فروع البنوك في غزة من تلقي الأموال، في وقت تخرج ملايين الشواكل والدولارات للخارج يوميا.
ومع عدم دخول النقد وخروجه بشكل مستمر لشراء البضائع من الخارج والتنسيق للسفر، اشتدت الأزمة بصورة لم بسبق لها مثيل.
أزمة تشتد!
ويأتي اشتداد الأزمة في ظل اغلاق فروع البنوك بشكل كامل في مدينة غزة وشمالها، والإبقاء على عدد محدود من الصرافات الآلية التي تعمل في جنوب القطاع.
ويتكدس المواطنون يوميا أمام صراف أو اثنين فقط تفتحها البنوك لسكان القطاع، في محاولة منهم الحصول على أموالهم ولكن دون جدوى.
الموظف خالد عليان من مخيم جباليا للاجئين يقول إنه لم يتلقَ راتبه منذ 5 شهور بسبب عدم وجود بنوك تعمل في شمال غزة منذ الأيام الأولى للحرب على غزة في أكتوبر الماضي.
ويضيف في حديث ل "الرسالة نت": "كنت أستدين الأموال خلال الأشهر الماضية حتى أستطيع تلقي الراتب، ولكن الأزمة اشتدت أكثر ولم يتبقَ أموالا لدى الأصدقاء حتى نستدين منهم".
ويشير إلى أنه اضطر خلال شهر رمضان الماضي لسحب جزء من أمواله بنسبة عمولة 18%، متسائلا عن دور سلطة النقد الفلسطينية والبنوك في قطاع غزة مما يحدث.
ويشدد على أنه كموظف يتعامل مع إحدى البنوك منذ أكثر من 25 عاما، فَقَد الثقة في التعامل معها، في وقت لا تستطيع هذه البنوك توفير السيولة اللازمة لعملائها.
سوق سوداء
هذه الأزمة خلقت السوق السوداء ومكاتب لسحب الأموال بنسبة وصلت ل 20% من قيمة المبلغ.
وفي ظل حاجة المواطنين الشديدة للأموال وارتفاع الأسعار، يضطر المواطنين لسحب أموالهم وفقدان خُمس المبلغ لصالح مكاتب الصرافة.
وفي بيان لها، قالت سلطة النقد الفلسطينية، إن عدداً من فروع المصارف ومقراتها تعرض للتدمير نتيجة الحرب المستمرة في مناطق متفرقة من قطاع غزة.
وأشارت سلطة النقد في بيان إلى تعذر فتح ما تبقى من فروع للقيام بعمليات السحب والإيداع في القطاع كافة، بسبب القصف والظروف الميدانية القاهرة وانقطاع التيار الكهربائي والواقع الأمني.
وقال البيان إن ذلك نجم عنه أزمة غير مسبوقة في وفرة السيولة النقدية بين أيدي سكان قطاع غزة وفي الأسواق، وتفاقمت الأزمة مع خروج معظم أجهزة الصراف الآلي من الخدمة.
وأضاف البيان: «سلطة النقد تتابع شكاوى السكان من قطاع غزة، حول عمليات ابتزاز يقوم بها أشخاص وتجار وبعض أصحاب محلات الصرافة غير المرخصة، باستخدام أجهزة الخصم المباشر في نقاط البيع، أو التحويلات المالية على التطبيقات البنكية».
وختم: «هؤلاء يستغلون حاجة السكان إلى الكاش مع استمرار تعذر وصولهم إلى أفرع البنوك والصرافات الآلية، ويتقاضون نسبة تصل إلى 15% على أي مبلغ يتم سحبه من حساب المواطن بوساطة البطاقات البلاستيكية أو الحوالة، مقابل تسليمه الجزء المتبقي نقداً».
(مالك. و) الموظف في احدى مكاتب الصرافة وسط قطاع غزة، والذي رفض ذكر اسمه كاملا، يؤكد أن شركات الصرافة ربحت أموالا طائلة من العمولة المرتفعة التي نهبت جيوب المواطنين.
وعن آلية عمل هذه المكاتب والتي نما عمل الكثير منها خلال الحرب، يقول مالك إن هذه المكاتب تتعامل مع تجار لديهم سيولة زائدة عن حاجتهم أو موظفين في البنوك يتمكنون من سحب الأموال لهم من حساباتهم.
ويؤكد أن حركة السحوبات والايداعات في هذه الحسابات تؤكد لمراقب البنك أن ما يحدث هو تكييش للأموال، في وقت تعلم البنوك أن نسبة العمولة مرتفعة، ولكن لم تجرؤ هذه البنوك على اتخاذ عقوبات بحق هذه المكاتب غير المرخصة.
ويضيف: "المتتبع لعمل الصرافات يجد أن هناك أُناس يسيطرون عليها دون تمكن غيرهم من سحب الأموال، وأن هذه الجهات المسيطرة تطلب عمولة لكل من يريد سحب الأموال".
وبعد استفحال الأزمة لأكثر من 7 أشهر، تساءل عن الوقت الذي ستتمكن فيه سلطة النقد من إنهاء أزمة السيولة والعمل الجاد على إدخال الأموال اللازمة للبنوك وفتح الصرافات وفروع البنوك في جميع محافظات قطاع غزة؟