بدأت العصابات الصهيونية المتطرفة، الدعوة للاحتشاد الأكبر عشية، اليوم الأحد، للاحتفال بما يسمى بعيد "الفصح" العبري، الذي ينتهي في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، في ظل التأكيد على خطورة هذه الإجراءات ضد المسجد الأقصى المبارك.
ويصنف مراقبون الأوضاع الراهنة، في ظل هذه الأعياد بـ "الأخطر على وجود الأقصى"، منذ احتلاله عام 1967، مرورًا بمحاولة حرقه في العام 68، إلى مجموعة مفاعيل تعتقد أوساط القرار الإسرائيلي، أنها تمثل فرصة للانقضاض على واقع المسجد المبارك.
**5 عوامل
وتتمحور العوامل بحسب شخصيات مقدسية، حول خمسة عوامل رئيسية، يتمثل أولها بأوضاع العصابات المتطرفة أو ما يسمى "أمناء الهيكل" المزعوم، وانضمام ممثليها لصناعة القرار السياسي في دولة الكيان، خاصة وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير الذي انتمى سابقًا لجماعة كاهانا المتطرفة، إلى جانب وزير مالية الاحتلال سموتريتش الذي ينتمي لعصابة أمناء الهيكل.
وبموجب انضمام هذه الشخصيات لصناعة القرار، فإن مطامح هذه العصابات ومخططاتها، تصبح ذات اهتمام رسمي وتمثل اتجاه دولة الكيان، وهي التي ترجمت لاحقًا في مخططات عرفت بـ20/50 و20/75، والتي تهدف بشكل أساسي لحسم الواقع التاريخي والجغرافي بالقدس لصالح تهويدها، والقول هنا لمسؤول قسم الدراسات "الإسرائيلية" بمركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية د. طارق فهمي.
فيما يشير المختص في شؤون الاستيطان مراد اشتيوي، إلى أنّ هذه الجماعات تحظى بتمويل رسمي بالإضافة إلى التمويل الوارد من الجمعيات الصهيونية بالخارج، كما أنها تستفيد من واقع نشوء دولة المستوطنين التي يبلغ قوامها مليون مستوطن، وفق مخططات بن غفير، والتي وصلت لحد تسليح 60 ألف شخص منهم في دفعتين خلال الأشهر الست الماضية.
وتجدر الإشارة إلى، تصريحات رئيس وزراء الكيان السابق ايهود باراك، الذي اتهم فيها هذه العصابات بمحاولة تعجيل "المسيح اليهودي"، وهي إشارة إلى معتقدات صهيونية ترتبط بالتحركات الحثيثة لذبح "البقرات الحمراء" التي تم شراؤها من واشنطن وإيداعها في مستوطنة شيلو بالضفة المحتلة، وبلوغها النصاب المقدر بعامين ،وفق خزعبلاتهم، فيما يخططون لذبحها في التاسع والعشرين من الشهر الجاري وهو الموعد البديل عن ذبحها قبل أيام بسبب ترافقها مع عيد الفطر السعيد، تبعًا لما أوضحه فخري أبو دياب المختص بالشأن المقدسي.
** العامل الثاني
ويعزز ذلك، دافع آخر يُغري دولة الاحتلال، بحسب ناصر الهدمي رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، متمثلًا بالظرف الفلسطيني، إذ يعتقد بأن الإجراءات التي اتخذتها في سياق الحرب الجارية، قد ردعت أهل الضفة والقدس والداخل المحتل من أي تحرك تجاه مناصرة القدس، خاصة بعد "حرب الإبادة" على قطاع غزة؛ لكنّ إدامة الحرب دون تحقيق أهداف، ألحقت به خسارة تكتيكية وأخرى استراتيجية.
ويرى الهدمي، أن ثمة مغامرة قد يقدم عليها هؤلاء المتطرفون بدعم كامل من حكومتهم، تجاه المسجد الأقصى المبارك، في محاولة يائسة للحصول على صورة نصر مزعومة، تبرز وكأنه قد انتصر في حرب الإبادة.
ولهذا يرى أنّ هزيمة الاحتلال في غزة، ستدفعه للبحث عن انتصار وهمي في باحات المسجد الأقصى، تحت غطاء "الأعياد اليهودية".
** العامل الثالث
ووفقًا رئيس جمعية علماء الجزائر د. عبد الرزاق قسوم، فإن الصمت العربي والإسلامي المطبق تجاه المجازر وحرب الإبادة التي استهدفت الشعب الفلسطيني في القطاع ومجازره المتتالية في الضفة، ثمة منطق لأن يغري ذلك الكيان للقيام بجرائم مماثلة في القدس، دون أن ينهره أحد عربيًا أو إسلاميًا أو دوليًا.
ويردف قسوم: "من دمر المساجد والكنائس والمستشفيات والمدارس وحاضنات الأطفال، دون رادع؛ فإن ذلك يمنحه ضوءًا أخضرًا لممارسة المزيد من الجرائم بحق المقدسات، وأن يمس الأقصى بشكل خطير".
وذلك يتوافق مع شخصيات مقدسية، ترى بأن الأمر لم يقتصر فقط على الصمت، بل إيضا افتقار الدور، خاصة بعد نزع الاحتلال إدارة الوقف الإسلامي من الأوقاف المقدسية التي ترعاها الأوقاف الأردنية بموجب الوصاية الهاشمية، تلك الوصاية التي ضرب بها الاحتلال عرض الحائط دون رقيب أو حسيب، بحسب الشيخ عكرمة صبري، الذي دعا الدول العربية والإسلامية لتحمل مسؤولياتها، تجاه الأقصى.
** العامل الرابع
يُضاف العامل الأخير إلى، جملة المتغيرات السياسية الداخلية في "إسرائيل"، وسعي نتنياهو الحثيث لبقاء علاقته بعصابات اليمين المتطرف، التي تناديه لاستغلال الظرف القائم في حسم الواقع بالضفة والقدس لصالح ضمها لدولة الكيان.
رغبة رئيس حكومة الاحتلال اليمني المتطرف بنيامين نتنياهو، صنفها مراقبون بـ "الهروب للأمام"، في محاولة للبقاء على كرسيه؛ لقاء كسب أصوات اليمين في وجه قوى إسرائيلية رفعت صوتها في وقت سابق تجاه إجراءات بن غفير، ودعته لعدم تصعيد الموقف في القدس بشهر رمضان.
لكنّ هذا السياق، تبعًا لمراقبين، لا يعني أن الكيان بكل أطيافه لا يبحث عن تهويد القدس فقط؛ لكن وفقا لأساليب مختلفة، لا تعاظم التهديد الأمني على الكيان من جميع الجبهات الأخرى.
** العامل الخامس
وهنا، يتمحور العامل حول واقع المدينة المقدسة، الذي حاول الاحتلال تطويعه في بداية العدوان الجاري، من خلال حملة تنكيل غير مسبوقة بشباب القدس والداخل المحتل تحديدًا، طالت اعتقال المئات منهم، ومنعهم من النشاط الإعلامي، ومحاسبة عدد كبير منهم على خلفية تغريداتهم عبر وسائط التواصل.
كما ترافق ذلك مع حملة إبعادات شاملة طالت العشرات من المرابطين والمرابطات في المدينة.
وتمثل ذلك أيضًا بحملة استدعاءات للمئات من الشبان الذين يقطنون بالمناطق المجاورة للأقصى، حذرتهم فيها من أي مواجهة، مع تشديد إجراءات نقل المصلين للأقصى من الداخل المحتل.
مكافآت مالية لمن يستطيع تهريب قربان إلى رحاب الأقصى
وفي وقت سابق، كشفت مؤسسة "القدس الدولية"، الجمعة، عن تحضير المنظمات المتطرفة لرفع حدة الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك هذا العام، ورصد مكافآت جديد، لمن يستطيع إدخال القربان إلى الأقصى.
وقالت المؤسسة في بيان صحافي، إن "منظمة (عائدون إلى جبل المعبد)، وتحت شعار (النجاح هو التضحية الصحيحة)، أعلنت عن برنامج مكافآت جديد، تصل إلى 50 ألف شيكل (13 ألف دولار أميركي)، لمن يستطيع إدخال القربان إلى الأقصى".
وأوضحت المؤسسة، أنه في عام 2022، “أعلنت واحدة من المنظمات المتطرفة عن مكافآت مالية لمن يستطيع إدخال القربان إلى الأقصى أو تقديمه بالفعل، وفي عام 2023 أعلنت منظمة (العودة إلى جبل المعبد) عن مضاعفة هذه المكافآت، ليحصل كل مستوطن يعتقل أثناء التحضيرات على 500 شيكل (نحو 140 دولارا)،
أما من يتم اعتقاله داخل البلدة القديمة وهو يحمل القربان فسيحصل على 1200 شيكل (نحو 330 دولار أمريكي)، ومن يُعتقل داخل المسجد الأقصى وهو يحمل “نعجة الفصح” يصل تعويضه إلى 2500 شيكل (نحو 690 دولار أمريكي)، فيما تبلغ مكافأة من يذبح القربان داخل المسجد الأقصى 20 ألف شيكل (نحو 5500 دولار أمريكي)”.
وأشارت إلى، أن المنظمة رفعت مكافآت المستوطنين هذا العام، لتصل إلى “50 ألف شكيل (نحو 13 ألف دولار) لمن يذبح القربان ويقدمه، و200 شكيل (نحو 30 دولارا) لمن يشارك في الذبح، و700 شيكل (نحو 185 دولارا) لمن يحضر مراسم الذبح، و2500 (نحو 660 دولار) لمن ينشر صورة أو فيديو للذبح على وسائل التواصل الاجتماعي”.
من جهته، قال القيادي في حركة حماس ماجد أبو قطيش، إنّ "تخطيط المستوطنين لتدنيس جماعي وإقامة طقوس تلمودية ولا سيما ذبح قربان حيواني بالمسجد الأقصى المبارك، يعني إشعال مزيد من ساحات المواجهة والغضب في وجه الاحتلال".
جماعات "الهيكل" تعدّ برنامجَ اقتحامٍ للأقصى يقوده متطرفون بعيد "الفصح"
دعت منظمات "الهيكل" المزعوم، إلى اقتحام المسجد الأقصى المبارك، لتقديم "قربان" عيد الفصح اليهودي، وستقود الجولات شخصيات متطرفة عديدة، وذلك منتصف الليلة التي تسبق بدء العيد، في الثالث والعشرين من الشهر الجاري.
وذكرت صحيفة "إيسرائيل هيوم" العبرية، أن "منظمات الهيكل" طلبت من أنصارها التجمع عند باب المغاربة للمطالبة بالسماح لهم باقتحام الأقصى في منتصف تلك الليلة لتقديم "قرابين" الفصح داخل المسجد.
وتستغل سلطات الاحتلال الأعياد والمناسبات اليهودية للتضييق على المواطنين وفرض العقوبات الجماعية بحقهم، من خلال إغلاق الحواجز وتشديد الإجراءات العسكرية عليها، وإعاقة حركة تنقل المواطنين ومنعهم من الوصول إلى الأماكن المقدسة، في الوقت الذي تُسهّل فيه اقتحامات المستعمرين للمدن الفلسطينية، والمقامات الإسلامية والأثرية في الضفة، خاصة الحرم الإبراهيمي في الخليل، والمسجد الأقصى في القدس.
وفي تفاصيل جديدة، أعدّت جماعات الهيكل برنامجًا يوميًا في الأسبوع السابق لعيد الفصح، لاقتحامِ المسجد الأقصى وإجراء جولاتٍ للمستوطنين في رحابه، وستقود الجولات شخصيات متطرفة عديدة منها الصحافي أرنون سيجال، وعضوا الكنيست الأسبقين شولي معلم وموشيه فيجلن، والمستشرق الصهيوني مردخاي كيدار.
وعيد الفصح، هو عيد رئيسي عند اليهود، ويحتفل به في ذكرى خروج بني "إسرائيل" من مصر هربًا من فرعون، ويحظر دينياً العمل في اليوم الأول والأخير من العيد، ومن أبرز طقوس العيد، امتناع اليهود عن أكل الخبز وأي طعام مصنوع من الخبز المختمر، وشرب 4 كؤوس من الخمر خلال قراءة النصوص الدينية.
ويتوقع أن يُقتحم المسجد الأقصى أيضاً، يوم الاثنين 22 نيسان، إحياء ليوم الصيام الاختياري الدي يسبق عيد الفصح.
ويتهدد الأقصى خطر كبير، يتمثل بمحاولة ذبح القربان الحيواني في رحابه، فحسب التعاليم التوارتيه فإن القربان يجب أن يذبح عشية عيد الفصح، وأن ينثر دمه عند السلسة في المسجد الأقصى، حيث تقدمت في 27 من آذار الماضي، إحدى جماعات الهيكل المزعوم بطلب من قوات الاحتلال للسماح لها بذبح قربان عيد الفصح اليهودي داخل المسجد الأقصى.
وتتواصل الدعوات للحشد والنفير، وشد الرحال إلى المسجد الأقصى خلال الأيام المقبلة، للتصدي لاقتحامات المستوطنين ومخططات الاحتلال.