قصصٌ من غزَّة..

مبادرات تعليمية بين الخيام.. إصرار على الحياة

صورة من الأرشيف
صورة من الأرشيف

الرسالة نت- رشا فرحات

لا يملك الفلسطينيون بعد حرب الإبادة المتواصلة لأكثر من 9 أشهرٍ، والتي أكلت كل مناحي الحياة إلا أن يعملوا على دعم بعضهم البعض، وتخفيف وطأة المأساة التي أكلت الأخضر واليابس، فأطلق بعض المعلمين مبادراة داعمة تضيف بعضًا من البهجة والتسهيل على الأطفال الغزيين المنكوبين في الخيام، هدفها محاربة آلية الحرب التي تسعى من خلال سياسة القتل لتجهيل جيل كامل.

مبادرات كثيرة خرجت من رحم معاناة الحرب، بل أن المبادرات التعليمية كانت كثيرة أيضًا، في ظل توقف التعليم في غزة ونزوح الأطفال وهدم المنازل، وقد شارف الآن العام الدراسي الأول على الانتهاء، وما هي إلا ثلاثة أشهر ويبدأ عام آخر، ولا أمل يلوح في الأفق لحل مشكلة التعليم الذي يكاد يكون مستحيلاً بعد كل هذا التشرذم والهدم للمدارس وانقطاع وسائل الاتصال والتواصل.

بين الخيام المتكدسة في مواصي

جميلة حلاوة مديرة مدرسة سابقة أنشأت صفًا دراسيًا بمساعدة أهل الخير، وفروا لها الأوراق والأقلام والسبورة فتحولت الخيمة إلى فصل دراسي بمساعدة معلمات متطوعات تجمع فيه الأطفال من طلاب المرحلة الابتدائية وتعطيهم دروسهم وتذكرهم بما سبق تعلموه في السنوات السابقة في محاولة لاستدراك الجيل الذي تعتمد عليه في بناء غزة واستكمال الرسالة كما تقول.

وليست هذه هي المبادرة التعلمية الوحيدة، بل أنه وبين الخيام المتكدسة في مواصي خان يونس وشاطئ رفح ومخيم دير البلح، أكثر الأماكن اكتظاظًا بالخيام، حاولت مبادرات أخرى استدراك 25000 طفل حرموا من التعليم في سياسة ممنهجة هدفها تجهيل جيل كامل.

مدرسة على الطريق

بينما القانون الدولي يحرم التدمير المتعمد للمدارس والآثار التاريخية ويعتبره انتهاكًا جسيمًا وجريمة حرب، هكذا يردد في ظل العنترة الإسرائيلية التي تضرب كل القوانين في عرض الحائط .

نور نصار معلمة فلسطينية شابة أطلقت مبادرة بعنوان "مدرسة على الطريق" تتنقل حاملة حقيبة ولوحة تعليمية وتجوب الشوارع في كل منطقة نزحت إليها وتعمل على جمع الأطفال وإعطائهم الدروس التي لا تخلو من اللعب لتخفف عنهم ظروف القصف والنزوح.

وتقول: "لكي نتغلب على الظروف الصعبة التي نمر بها يجب أن نتعاون لإنقاذ مستقبل أطفالنا"، وتسعى عبر صفحتها على شبكات التواصل لجمع أكبر عدد من الأطفال أمام لوحتها التعليمية وفي أي مكان تحط فيه فكرتها.

هذا الإصرار على الثبات وإكمال الطريق أذهل شخصيات كبيرة منخت فرنشيسكا البانيز مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي المحتلة، التي أبدت اعجابها قائلة في تغريدة: "أذهلني الفلسطينيون دائما بحبهم الذي لا مثيل له للتعليم حتى وهم يذبحون  على يد (إسرائيل) دعونا نلبي نداء كل هذه المبادرات لنوقف الإبادة المدرسية"

ورغم كل هذا ومن بين الخيام خرجت المعلمة أسماء مصطفى بمبادرة أخرى بدأتها في صف مدرسي بإحدى المدارس التي نزحت إليها، حينما دخلت مكتبة المدرسة المليئة بالكتب أخذت تقرأ على الأطفال هناك حتى تخفف عنهم وطأة الحرب وتعلمهم بعض مفردات اللغة الإنجليزية.

 ثم ما لبثت أن نزحت مرة أخرى إلى الخيام في دير البلح بعد أن هددت المدرسة التي نزحت إليها، وهناك في الخيام وسعت فكرتها، وبدأت تعطي الدروس بشكل منتظم، بل أنها أطلقت على فكرتها اسم "مدرسة البيت الدافئ"، ولا زالت مستمرة في تعليم الأطفال حتى اليوم في مخيم دير البلح للاجئين الذي كان المحطة الأخيرة في نزوح أسماء.

تمارس أسماء التعليم وكأنه هوايتها المحببة، وتكرر دوما: "سأظل أعلم الأطفال حتى اللحظة الأخيرة وحيثما كان مكان نزوحي".

وفي عام 2020، فازت أسماء مصطفى، معلمة اللغة الإنجليزية الفلسطينية من غزة، بجائزة المعلم العالمية بعد أن تنافست مع آلاف المعلمين من 110 دول.

وقالت وكالة الغوث في بيان لها: "إن 625,000 طفل في جميع أنحاء غزة حُرموا من التعليم منذ بدء الحرب، حيث اضطرت المدارس إلى البقاء مغلقة"، مؤكدة أن دعم الفلسطينيين بالأنشطة التي تساعدهم على العودة إلى التعلم ليس كافيًا.

البث المباشر