غزة_ خاص الرسالة نت
في كل صباح تحاول الأمهات في شمال قطاع غزة عبثا إعداد وجبات صحية ومتنوعة لأطفالهن، تلك المسلمات تعد مستحيلة في هذه البقعة من الارض التي تفتقد لكل مقومات الحياة ويعاني سكانها من مجاعة طالت الجميع.
بمجرد تجولك في الشوارع تجد علامات الهزال والنحول قد ظهرت على اجساد الأطفال فلا خضروات أو فواكه في الأسواق، فيما وصلت أسعار بعض السلع القليلة المتوفرة لعشرة أضعاف ثمنها ما قبل الحرب.
ويفرض الاحتلال حصاراً على شمال قطاع غزة ويمنع إدخال الأصناف الغذائية الأساسية كالخضراوات واللحوم والبروتينات والفواكه والسكر والأرز والبقوليات والعصائر والمكملات الغذائية والأدوية وغاز الطهي والمحروقات بكل مشتقاتها.
***مهمة صعبة
تقول سندس أحمد الأم لخمسة أطفال أصغرهم توأم في شهرهم الثامن:" مهمة توفير طعام لأطفالي وخاصة التوأم باتت من أصعب المهام، هم في بداية طريق تناول الطعام ومن المفترض أن اعتمد على الخضار والفواكه في إعداد وجبات تناسب عمرهم لكنها غير متوفرة.
وتشير إلى أن طفلتيها تعانيان من نقص في الوزن لاعتمادهما على الحليب فقط في وقت تحتاجان لتنويع في الغذاء، موضحة أن حتى الحليب غير متوفر وأصبح ثمنه باهظا ويحتاج لميزانية لتوفيره.
وتخشى سندس على أطفالها من تبعات المجاعة وقلة الأطعمة المفيدة خاصة وان الفترة طالت وهم في مرحلة بناء لأجسادهم، ولا تكفي المعلبات للقيام بهذه المهمة.
بدورها تشتكي حنان مصلح الأم لطفين الاول في عامه الثالث فيما يبلغ الثاني ٩ أشهر من كثرة إصابتهم بالأمراض بسبب سوء التغذية وضعف المناعة، وتقول:" شخص الطبيب إصابة ابني الاول بسوء التغذية وهو أمر متوقع لعائلات تعيش في مجاعة منذ تسعة أشهر وفقدان لكل الاغذية الأساسية.
تضيف الأم بحزن:" بداية العدوان افتقدنا الدقيق وكل مقومات الحياة والآن لا يوجد سوى المعلبات وبأسعار باهظة، متسائلة كيف ممكن أن تكون صحة أطفال لم يتناولوا الخضروات والفواكه منذ تسعة أشهر ويعتمدون في طعامهم على معلبات مليئة بالمواد الحافظة أين حدث ذلك في كل العالم؟
وتشير مصلح الأم العشرينية إلى أنها يوميا تشعر بالعجز أمام أطفالها لعدم تمكنها من صنع طعام يناسب أعمارهم وحالتهم الصحية.
***مجاعة تفتك بالأطفال
وفي السياق قال الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان، إنهم سجلوا إصابة 200 طفل شمال قطاع غزة بسوء التغذية ويجري علاجهم ضمن برنامج تشرف عليه منظمة الصحة العالمية.
وأكد (للرسالة) أن هناك كارثة إنسانية تواجه شمال قطاع غزة وشبح المجاعة يلوح في الأفق، مشددا على أن المنظومة الصحية في غزة هدف للاحتلال.
ولفت إلى أن المعاناة في شمال القطاع شديدة نتيجة عدم دخول الأغذية وفقدان الخضروات واللحوم في حين أن المعلبات لا تدعم الجهاز المناعي للأطفال.
ووفق مدير كمال عدوان فإن 3500 طفل مصاب بالأمراض المزمنة ما بين الكلى وامراض الدم والقلب والعظام يعانون من فقدان العلاج والكادر الطبي للتعامل معهم، مؤكدا أن أغلبهم أصيب بمضاعفات أودت بحياتهم، فيما يتهدد الموت البقية في حال لم يكن هناك تدخل لإنقاذ حياتهم.
وأمام المعطيات على الأرض حذّر المتحدث الرسمي باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، رائد النمس، من انتشار المجاعة في مناطق شمال قطاع غزة، وذلك بعد سيطرة قوات الاحتلال على كافة الطرق الرئيسة المؤدية إلى الشمال ومنع ادخال المساعدات الانسانية والأغذية إليها.
وأضاف في تصريحات صحفية أن الوضع في شمال غزة خطر جدا، وقد خيّم عليه شبح المجاعة والوفيات بسبب الجوع، مشيرا إلى أن كافة التقارير التي تصدر من قبل المنظمات الصحية الدولية تشير إلى ذلك بوضوح.
ولفت النمس إلى أن التقارير التي ترد من مناطق الشمال تشير إلى انتشار الأمراض المرتبطة بالجوع مثل فقر الدم ونقص المناعة والتهاب الكبد الوبائي الهزال، مشيرا الى وجود نقص حاد بحليب الاطفال بعد ان فقدت النساء القدرة على الإرضاع.
وطالب النمس المنظمات الاغاثية الدولية بالتدخل لإنقاذ ما يزيد عن (50) ألف مواطن من أطفال ونساء وكبار سن يتواجدون في مناطق الشمال وهم بأمسّ الحاجة للغذاء والأدوية والماء الصالح للشرب.
وقتلت المجاعة 40 طفلاً في غزة، في حين يواجه 3500 آخرون خطر الموت بسبب سوء التغذية ونقص المكملات الغذائية والتطعيمات بسبب الحصار الإسرائيلي.