خاص| الأسرى المفرج عنهم بغزة.. أجساد هزيلة أثقلها التعذيب

الرسالة نت

غزة – خاص الرسالة نت

كان الاجتياح البري لقطاع غزة، مصيدة لاعتقال الشباب والكوادر الطبية والمجتمعية، سواء خلال تواجدهم في مراكز الإيواء في الشمال أو في مناطق سكناهم في الوسطى والجنوب، أو من على الحواجز خلال عبورهم من الشمال إلى الجنوب.

عند الاعتقال تتقطع السبل للوصول إليهم، فلا محام يستطيع معرفة أخبارهم، ولا تهمة أصلا توجه حتى يعرضوا على المحاكم العسكرية ليلمحهم أحد ويطمئن ذووهم، لعدة شهور بقي أمرهم مجهولا حتى بدأ الاحتلال بفعل تكدس المعتقلات بالإفراج عنهم، فيخرج الشاب قبل المسن بوضع يرثى له، جسد هزيل وعيون شاخصة وحالة من الاضطراب واضحة عليهم فلا يمكنهم وصف ما جرى من بشاعة. 

لم يكتف الاحتلال بالتنكيل بهم مدة الاعتقال، بل حين يفرج عنهم يخبرهم سيتم نقلهم لسجن أقسى، ليتفاجأوا بعد قطع عدة كيلومترات في جيبات الاعتقال بإنزال وفك القيود والسلاسل من أيديهم وأرجلهم وتركهم في المناطق الشرقية وعليهم -خلال دقائق- ان يركضوا حتى يصلوا ذويهم وإلا ستلحق بهم الكلاب البوليسية لتنهش ما تبقى من أجسادهم، وسيطلق الرصاص عليهم أيضا.

مؤخرا أفرج الاحتلال من معتقلاته التي توصف بـ "النازية" عن نحو 50 أسيرا، منهم مجموعة من الأطباء كمدير مجمع الشفاء محمد أبو سلمية، وعدد من الأسرى القدامى مثل يوسف مقداد والذي أفرج عنه بعد اعتقال دام 22 عاما، لم يحظ كزملائه الأسرى باحتفال كبير كما جرت العادة في قطاع غزة، كان في استقباله بعض ما تبقى من عائلته الذين تبدلت ملامحهم بفعل السنين والحرب، سردوا عليه ما جرى لعائلته وقت الحرب.

يذكر أن (إسرائيل) تعتقل في سجونها 21 ألف فلسطيني وهو رقم أعلى بكثير من العدد المعلن عنه نهاية مارس الماضي والبالغ 8600 أسير، اكتظاظ السجون فاق أكبر قدرة استيعابية لها والتي تقدر ب 14 ألف، مما زاد من سوء ظروف الاعتقال السيئة أساسا.

حكايات من أفرج عنهم

يرصد موقع "الرسالة نت" حكاية مقداد، فهو تحرر بعد 22 عامًا في سجون الاحتلال، كان مُقررًا أن يخرج في 14 نوفمبر الماضي، لكن الاحتلال اعتبره "مقاتلا غير شرعي"، وقتها رد على الضابط الذي أبلغه بقرار استمرار الاعتقال: "يعني كل هالمدة أنا كُنت مقاتل شرعي، وهلقيت صرت غير شرعي؟".

استشهدت هيا ابنة يوسف، مع أولادها وزوجها في قصف بمدينة غزّة، قبل ثلاثة أشهر بالتمام. شُردّت العائلة، ونزح بعضٌ من أفرادها في الجنوب والوسط، وبقي آخرين في الشمال.

التقطت له صورة تحكي وجعه كله مع شقيقته الوحيدة "آمنة"، ويحتضن أحد أحفاده الباقين، بينما استشهد أبناء أشقائه وبناتهم وعدد آخر من أفراد العائلة أيضًا في الحرب، آخرهم كان الأسبوع الماضي.

أما الطبيب محمد أبو سلمية مدير مجمع الشفاء الطبي، الإفراج عنه سبب خلافات كبيرا بين القيادات (الإسرائيلية) المتطرفة، واعتبروا الإفراج عنه خطأ كبير كونه سيفضح ممارساتهم الهمجية.

يصف أبو سلمية أوضاع المعتقلين بـ "المأساوية للغاية"، وأضاف أن "الأسرى لم يشهدوا ظروفاً صعبةً كهذه منذ النكبة قبل 75 عاماً، إذ يذوقون العذاب الجسدي والنفسي، فلا طعام كافٍ، حيث نقصت أوزانهم بما لا يقل عن 20 كيلو".

وقال أبو سلمية إن "بعض الأسرى لقوا حتفهم أثناء التحقيق معهم"، مضيفا:" تنقلت بين أكثر من سجن، وتم التحقيق معي مرات عديدة".

ودعا جميع المنظمات الحقوقية والدولية إلى "تكثيف جهودها لزيارة الأسرى وتفقد أحوالهم"، وأكد أنه "سيعود لمجمع الشفاء، وسيعمل على إعادة بنائه من جديد".

أسير محرر يطمئن عوائل الأسرى

أحد الأسرى حين خرج قال إنه ورفقاءه بالأسر وقت الإفراج عنهم ظنوا الحرب انتهت، لكن صوت الصواريخ أكد لهم استمراريتها.

أما فرج السموني كان له حكاية، بالكاد احتضن أطفاله، حتى هرعت ليه سيدة تسأله عن زوجها باكية وهي تخشى استشهاده، بمجرد أن علم باسمه "أحمد العرقان" أخبرها أنه بخير، وتأكد منها لو كان يعمل "حلاق" فردت بإيجاب ليقول لها" أحمد بخير، بحلق للأسرى"، فرحت كثيرا فهي لا تعرف عن زوجها شيئا منذ 8 شهور.

وقال السموني، إن القوات (الإسرائيلية) اعتقلته في السادس عشر من نوفمبر الماضي من بيته في منطقة القرارة شرقي خان يونس جنوب قطاع غزة، ونقل إلى معتقل سديه تيمان ليوضع في خيمة تضم 30 معتقلا.

وعن معاناة زملائه ذكر "الجلود ذابت والجرب كساهم" فذلك جزءً من الفظائع التي يرتكبها الاحتلال في سجونه بحق أسرى غزة، مضيفا" شهدت مقتل معتقلين فلسطينيين بدم بارد في سجون الاحتلال".

وكان السموني من ضمن الأسرى الأكثر حظا في ذاكرتهم، بمجرد الإفراج عنه سرد أسماء الأسرى الذي تعرف عليهم فترة اعتقالهم.

لم تنته معاناة الأسرى داخل المعتقلات (الإسرائيلية) فكل مرة يخرج مجموعة من المحررين يصفون ويلات ما تعرضوا لهم من تعذيب ليكشف سادية الاحتلال.

البث المباشر