مقال| ماذا بعد لم يقدمه الفلسطينيون؟

بقلم: الدكتور غالب الفريجات

شعب عشق الحياة والشهادة  معاً، سعى لهما بكل ما يملك من طاقة، قدم أغلى ما يملك عن طيب خاطر ، قدم حياته ، وولده، وهو يردد الحمد لله، فما استطاع مخلوق على وجه هذه الأرض ان يرتقي لدرجة هذا العطاء، وهذه التضحية التي جاد فيها هذا الفلسطيني الإنسان.

وحدها الأرض لم يقبل ان يتنازل عن شبر واحد فيها، هي وجوده الآني والازلي، هي هذه الام التي عشقها، وفي سبيلها وضع روحه وولده وكل متاع الدنيا ثمنأً لها، فيها خلق وفيها يعيش ابد الدهر حتى يقيض الله امراً مفعولا.

لله درك يا سيدي انت الصمود، وانت المقاومة، انت الحياة كلها دنياها واخرتها، فالشهادة حياة ابدية افضل بكثير من هذه الدنيا   الفانية، ألم يخبرنا رب الكون أن  الشهداء احياء عند الله، فها انت تهرول لها ولا تلتفت وراءك لما في هذه الدنيا إلا الأرض التي تعشقها وتبذل الغالي والنفيس لأجلها فعظمت الشهادة في سبيلها.

 لقد تساوى كل المقاومين على هذه الأرض المقدسة، كلهم تسابقوا في خط مراثوني واحد، فيه الرجل والمرأة، والطفل والشيخ، والقائد وعنصر المقاومة، فكلهم مشروع شهاده في سبيل الأرض فحيا الله الارض، وحيا الله من عليها.

رحل رجال المقاومة إلى الدار الأبدية، وكان فيهم معلم المبادئ والطالب في مدرسة المبادئ، كلاهما يزاحم الآخر، ليأخذ دوره مقدمأ، ليقابل أولئك الذين سبقوه في مقابلة كريمة من رب العباد، وفي ملكوت جنات النعيم التي اعدت للمجاهدين في سبيله.

يا ايها الفلسطيني العاشق، يا بطل هذا الزمان، وقاهر كل عناوين الجبروت والاجرام، وضارباً بعرض الحائط كل مواثيق امم الأرض التي ما كانت الا اوراقاً صفراء بالية في كل ادعاءات حقوق الإنسان، وحقوق الطفل والمرأة، وكل مؤسسات هذا العالم المنافق في مواجهة مقاومتك وتضحياتك ومعاناة انسانك أمام آلة الحرب العدوانية البربرية.

وانت ايها المواطن الفلسطيني العاشق على ارض غزة العز، قد اوفيت الوعد والعهد، واحتضنت رجالك المقاومين الابطال، وما رف لك رمش عين رغم كل ما تواجه من قهر وظلم وعدوان وبربرية كل هذا الزمان، فاحتضنت المقاومة عن طيب خاطر، لانك على يقين انه ابن هذه الأرض التي عشقت، وروح الدفاع عنها الذي تمسكت، فهنيئا للمقاومة بهذه الحاضنة الدافئة التي كانت الام الرؤوم لابنائها.

وانت ايها البطل الشجاع من رجال المقاومة التي تساوت فيه كل رتب النضال فكان بالأمس قائدها الذي سبقه ابناؤه واحفاده، والذي قال يومها دماؤنا ليست أغلى من دماء ابناء شعبنا، هنيئاً لكم ما قدمتم من تضحية وفداء، وقد نلتم أعلى المراتب التي ارادها رب هذا الكون بالشهادة والدرجة العالية في يوم تعرض فيه أعمال كل مخلوقاته لينالوا ما قدموا في دنياهم، فكنتم الأكرم أمام رب عادل، وكنتم الأكرم منا جميعاً في مراتب الدنيا.

وفي يوم فلسطين، فلسطين التي لها كل الايام، وكل التضحيات، نقف إجلالا لتاريخهها ورجالها ونسائها وأطفالها ولمقاتليها المدافعين عن ترابها من كان فيهم مقاتلاً على الأرض او يحمل قضيتها يدافع عنها في المحافل الدولية والمنتديات السياسية، فكلهم ابناء القضية، وكلهم في خندق المقاومة، وحيا الله الجمع المؤمن أينما كانوا وأينما وجدوا. 

تحية إجلال وتقدير لكل  مقاوم على ارض فلسطين، وعلى كل ارض عربية في مواجهة الظلم والقهر والعدوان، فلكم جميعاً الرحمة والغفران والعتق من النار من رب العالمين.

البث المباشر