قائد الطوفان قائد الطوفان

فظائع يرويها الأسرى

عمر جنيد .. شهيد جديد للعذاب في (سيدي تيمان)

صورة مسربة من معتقل سيدي تيمان.jpg
صورة مسربة من معتقل سيدي تيمان.jpg

خاص- الرسالة نت

يؤسفني أن أقول لك إن ابنك استشهد، ما الدليل على هذه الجملة التي وصلت إلى مسامع والده منقولة بشكل شفهي؟! ثم كتاب مرسل من إدارة السجون الإسرائيلية إلى نادي الأسير تقول إن ابنهم استشهد في حزيران الماضي، وقد وصلت الرسالة بعد خمسة وأربعين يوما من استشهاد الأسير عمر جنيد، الشاب البالغ من العمر 26 عاما.

 

لم يكن الأب يتوقع هذه الرسالة، كان يتوقع أن يخرج ابنه من السجن سريعا، لأنه وكما يقول: فش اشي عليه، لم أكن خائفا، كنت أتوقع أن يخرج خلال عشرة أيام" ، ثم يكذب الكلمات راجيا بأن يأتوا له بابنه حتى لو كان جثة، فيودعه وداعا طبيعيا، ويدفنه بالقرب منه.

لكن الداخل إلى معتقل (سيدي تيمان)، شهيدا على أية حال، حتى لو خرج حيا، والتجربة قاسية على شاب غض، عاش عمره معززا محترما، مسالما، وفجأة يدخل إلى جهنم سجون العدو مجبرا بريئا.

 

عائلة جنيد نازحة الآن في إحدى الخيام في جنوب القطاع، ولا زالت تحمل والدته بطاقة عرسه التي كانت قد طبعت قبل الحرب، فأتت الحرب على العرس والعريس وشردت العائلة، التي دخلت في كابوس البحث عن ابنها، أو عن أي خبر عن مكانه وصحته، فإذا به خبر استشهاده يأتي ثقيلا على العائلة المكلومة.

وبيّنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني في بيانٍ مشترك، أنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ اعتقل الشّهيد عمر جنيد في الثاني عشر من ديسمبر العام الماضي، برفقة شقيقه ياسر الذي أفرج عنه بعد أربعة شهور من الاعتقال.

لم يكن الشهيد يعاني من أي أمراض، وكان بكامل صحته يعمل مزارعا ويتحضر لإتمام مراسم عرسه، وقالت هيئة شؤون الأسرى تعليقا على الجريمة إن المعتقل عمر جنيد هو واحد من بين عشرات المعتقلين من غزة الذين استشهدوا في سجون ومعسكرات الاحتلال، تحديدًا في معسكر “سديه تيمان”، نتيجة للتعذيب الوحشي.

 

أهلا بكم في جهنم

الشهيد عمر جنيد لم يكن ضمن قائمة 48 شهيدا غزيا من 60 شهيدا ارتقوا في معتقل سيدي تيمان الوحشي، حيث الأرقام التي نشرتها منظمة بتسليم الحقوقية الإسرائيلية، والتي أعدت تقرير بعنوان "أهلا بكم في جهنم"، ويمكننا أن نقول إنه الرقم 49 في مجزرة المعتقل الذي ذاع صيته.

جمعت المنظمة الحقوقية شهادات 55 معتقلا 30 منهم من الضفة الغربية المحتلة، و21 من غزة، ولم تكن المنظمة هي التي وضعت عنوان التقرير وانما هو مقتبس من محادثة دارت بين أسير من مدينة نابلس وسجان إسرائيلي، إذ أشار الأسير الفلسطيني في شهادة له إلى أنه مع وصوله إلى سجن مجدو، ونزوله من الحافلة، قال له أحد السجانين: "أهلًا بكم في جهنم"، وهو العنوان الذي قررت المنظمة استخدامه لوصف السجون الإسرائيلية وعمليات التعذيب التي تجرى فيها.

هذا يعني أن الشهادات لم تكن فقط لأسرى في سجن سيدي تيمان، وإنما لأسرى موزعين على السجون الإسرائيلية، ذاقوا منذ السابع من أكتوبر ويلات العذاب في المعتقلات، أولها حرمانهم من الزيارة وعزلهم بشكل تام عن العالم الخارجي، وآخرها الموت قتلا تحت التعذيب.

12 سجنا ذكرها التقرير تحولت إلى مراكز للتعذيب بشهادة المعتقلين، مشيرا إلى أن الغالبية الساحقة من الشهادات التي وثقها لـ55 أسيرا لم يحاكمهم الاحتلال، وأن جميع من اعتقلوا بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 لم توجه لهم تهمة ولم يمنحوا حق الدفاع عن أنفسهم.

 

قصص العذاب

وضمن شهادات منظمة بتسليم الإسرائيلية الحقوقية، تحدث الأسير فؤاد حسن من مدينة نابلس والبالغ من العمر 42 عاما عن تنقلات عديدة بين السجون، مصحوبة بالضرب والإهانة والتفتيش العاري على يد مجندات، ويذكر الأسير كيف قالوا لهم حينما وصلوا إلى سجن مجدو" أهلا بكم في جهنم" ثم بدأت رحلة اعتقال كلها إهانة وضرب وتعرية أمام المجندات .

ويضيف في شهادته:" منعونا من استخدام الحمام، والاغتسال، حتى أن ملابسي نفسها التي اعتقلت بها بقيت فيها كذلك لعشرين يوما، وفهمت من الأسرى أنهم لا يبدلون ثيابهم ولا يغتسلون، أحد الأسرى قال لي إنه لم يبدل ثيابه منذ خمسين يوما".

كسرت ثلاثة من أضلاع الأسير حسن تحت التعذيب، وحرم من النوم، وكانت الزنزانة التي ينام فيها مع أخرين ضيقة لا تكفي، حتى أنه كان ينام جالسا، بالإضافة إلى أن نوافذها مفتوحة، فكانوا يعانون من البرد الشديد وقلة الأغطية .

 

وفي شهادته قال الأسير محمد البسيوني البالغ من العمر 34 عاما والمعتقل من أحد مدارس الإيواء في بيت حانون في بداية كانون الأول الماضي .

عند منتصف اللّيل، كان جميع الأسرى يتلقّون الضرب، وآنذاك كان السجّانون يتركون الكلاب تهاجمنا، و كان الجنود يوقظوننا في الـ6:00 صباحاً فكان علينا أن نستيقظ وأن نركع حتى الساعة 11:00 تقريباً، وبعد ذلك كانوا يسمحون لنا بالنوم.

 

لم يأت أحد لزيارتهم، لا محامٍ ولا مندوبون من الصّليب الأحمر، ولم يحدث أن تلقى أحد منهم علاجا.

ويضيف الأسير:" بالنسبة للعلاج كان الأمر يتعلّق بمزاج وأهواء المُسعف المناوب. فترة اعتقالي كلّها كانت تعذيباً متواصلا - ضرب، إفلات كلاب، تقييد الأيدي خلف الظهر، النوم وأيدينا مكبّلة وأعيننا معصوبة. هناك أسرى ضُربوا على أعضائهم التناسليّة. أحد المعتقلين - لم يُطلق سراحُه حتى اليوم - صار يبول في ملابسه واضطرّ إلى استخدام حفاضات بعد أن تلقى ضربات كثيرة على أعضائه التناسليّة. كانوا يضربونهم في هذا الموضع ويقولون لهم "لا نُريد أن تُنجبوا أطفالا".

وكان لنساء غزة نصيب أيضا من الاعتقال والتعذيب، ففي تقرير بتسليم تحدثت المعتقلة المفرج عنها هديل الدحدوح عن تلك الطرق الكثيرة التي حاول الجنود فيها تعذيبهم، فقد اعتقلوها من منزلها في حي الزيتون، وضعوها في حفرة مع معتقلين آخرين، وطلبوا منها خلع حجابها، وتعرضت على يد المجندات للتعذيب والتعري.

 

تقول:" أمرني الجنود بخلع الحجاب. قال لي أحدهم: "أنا قتلتُ زوجك وأريد أن أقبركما وأنتما حيّان، حتّى تأكلكما الكلاب".

احتجزت عطالله في سجن الدامون لأربعين يوما :" بعد ذلك نقلوها مع أسيرات أخريات إلى سجن الدامون قرب حيفا :" وتمّ تفتيشي وأنا عارية مرّة أخرى.

خذوني للتحقيق خمس مرّات، وفي كلّ مرّة كانوا يسألونني نفس الأسئلة: "هل أنت حماس؟ أين كنتِ في 7 أكتوبر؟". كما سألوني عن السنوار وعن الأنفاق، وفي كلّ مرّة كانوا يقولون لي إنّهم قتلوا زوجي وطفليّ. احتجزونا هناك في الجناح 9، مع سجينات من الضفّة ساعدننا. استحممنا، وهنّ قدّمن ثيابهنّ لي ولكلّ المعتقلات من غزّة".

 

أما سفيان أبو صلاح من مدينة خان يونس فقد خرج من المعتقل مبتور الساق، وتحدث تلك التجربة المريرة التي بدأت بألم في رجله، ثم خدر، وانتهت بقطعها.

" عندما جاء طبيب العظام وفحصني قال لي: "عليك أن تختار: رجلك أو حياتك. يجب أن تقرّر". كان ذلك أصعب قرار اتّخذتُه في حياتي كلّها. أن أختار وأقرّر قطع رجلي" يقول أبو صلاح

المواطن سفيان من شرق خانيونس في قطاع غزة، اعتقلته قوات الاحتلال الاسرائيلي، لمدة 50 يوما، هي الأبشع والأقسى في حياته، تعرض فيها لشتى أنواع التعذيب وخسر خلالها 30 كيلوغراما من وزنه أيضا.

وعن سبب إصابته يكشف أبو صلاح أنه تعرض للتعذيب الشديد وجرحت قدمه جراء هجمات الكلاب التي كان يطلقها السجانون عليهم، فالتهبت جراحه جراء الإهمال الطبي، والتعذيب المتواصل ورفض إدارة السجون علاجه حتى تعفنت قدمه .

كثيرة هي الشهادات التي جمعها تقرير منظمة بتسيلم والتي تحكي معاناة جيل كامل تعرض للأسر، بشكل ممنهج ضمن أهداف الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال على الفلسطينيين منذ عشرة أشهر .

البث المباشر