يحتاج للسفر لتشخيص مرضه النادر

ثلاثي الحرب والمرض والمجاعة ينهك جسد الرضيع محمد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

الرسالة نت - خاص الرسالة نت

في إحدى غرف المرضى في قسم الأطفال بمستشفى كمال عدوان الواقع شمال قطاع غزة تجلس الأم هالة الإسي محتضنة رضيعها، في محاولة منها لتخفيف أوجاعه بعد أن أنهك جسده الصغير التعب.
تسعى الأم جاهدة لإعطاء طفلها دواءه بعد أن حللت حباته في الماء مستعينة بحقنة لتخفف عنها عناء المهمة، فهو البديل المتوفر لطفلها الذي يعاني أساسا من صعوبة في التنفس تزيد من صعوبة الأمر.
بعد محاولات عدة استطاعت الأم إعطاء ابنها الصنف الأول من قائمة وصفها الأطباء احتياطا، في ظل غياب الأجهزة المساعدة على التشخيص الدقيق لحالته التي ولد بها نتيجة سوء التغذية لدى الأم فترة الحمل وما بعد الولادة.
تتألم الأم على حال طفلها الذي لم يتجاوز الستة أشهر بعد وتقول للرسالة:" ابني محمد من مواليد الحرب، قضيت أغلب أشهر حملي عندما كنا في مجاعة، لم أستطع توفير الفيتامينات الكافية لجسمي ولا حتى الغذاء الصحيء كما لم أتمكن من المتابعة مع طبيب أثناء الحمل".
تتابع الأم:" سوء التغذية تسبب بتكسير البروتين داخل جسدي والذي انتقل لجسم طفلي، فأصبح كبده يفرز هرمون الأمونيا الضار بدلا من البروتين".
لم تنته معاناة الأم البالغة من العمر 34 عاما بولادة طفلها الذي جاءها بعد انتظار دام خمس سنوات، بل استمر الوضع سوءا بعد أن تسبب سوء التغذية في نقص الأوكسجين على الطفل أثناء الولادة، فيما اكتملت قصة المعاناة بعد أن وضعته في شهر فبراير ولم يكن يتوفر في شمال القطاع أي نوع من البروتينات ولا حتى الخبز، ما أثر على حليبها وفاقم حالة رضيعها.
ووفق الأطباء فقد تسبب نقص الأوكسجين أثناء الولادة بمشاكل في غازات الدم وأصبح جسم الطفل يفرز هرمون الأمونيا بنسب عالية ما تسبب بضمور في الدماغ.
تشير الأم إلى طفلها وتتساءل: هل يحتمل هذا الجسد الصغير كل هذه المعاناة، من يوم ولادته الأول وحتى اللحظة دخل العناية المكثفة ونقل له الدم خمس مرات، خضع للأوكسجين الصناعي لم يعد يحتمل الكم الكبير من وخزات المحاليل والأبر؟!
تؤكد الإسي أن رضيعها يحتاج لعلاج في الخارج لتشخيص دقيق لحالته وإعطائه العلاج المناسب، مبينة أن الأطباء يفعلون ما بوسعهم لكن الإمكانيات المتاحة لا تساعدهم على التشخيص، فالأجهزة المخبرية بسيطة ولا تستطيع سوى قياس نسبة وجود الهرمون في الدم بينما يحتاج رضيعها لأجهزة وصور دقيقة تظهر مكان الضمور لعلاجه.
تبكي الأم وتقول: ألوم نفسي كأم وأتساءل لماذا لم أهتم بغذائي هل ذنب الطفل في رقبتي؟ لكن سرعان ما أجيب نفسي هل توفر الغذاء ولم أهتم "ذنب طفل سيتحمله كل العالم".
تضيف: طفلي لا يقوى على تناول الحليب الصناعي ولا الطبيعي ونصحني الأطباء بعدم إرضاعه لأنه يحتاج لنوع معين من الحليب وهو غير متوفر... كيف سيعيش.
تعيش الأم في قلق مستمر لأن الخطر يتهدد حياة طفلها من جميع الجهات فلا تحويلة للعلاج ولا حليب متوفرا ولا حتى الخضروات التي ممكن أن تحل المشكلة موجودة، في حين أن همها وخوفها الأكبر من أن تستيقظ يوما على خبر نفاد الدواء الشحيح بالأساس.
توضح الإسي التي فقدت منزلها وعمل زوجها خلال الحرب أن طفلها يعتمد على مادة بنزوات الصوديوم لتسهيل وصول الاكسجين إلى الدماغ، وهي مادة متوفرة لدى العطارين لكنها الآن لم تعد موجودة إلا لدى عطار واحد فقط وبكميات قليلة، في حين أن وضعها المادي لا يسمح لها بجلب كميات كافية منه.
يعلق وسام السكني مدير العلاقات العامة والاعلام في مستشفى كمال عدوان على حالة الطفل الإسي قائلا إن الإمكانيات محدودة، فيما تمر المنظومة الطبية في غزة والشمال بوضع صعب جدا بعد خروج المستشفيات عن الخدمة.
ويوضح أن الأدوية المتوفرة قلية جدا، في حين أن أدوية المناعة التي تحتاجها حالة الطفل الإسي شحيحة، مشيرا إلى أن عدم وجود الخضار والفواكه يشكل تحديا أمام الأطباء وأصحاب الأمراض الخاصة التي تحتاج لتغذية وفيتامينات ومعادن غير متوفرة في الأسواق.
وذكر أن المرضى بحاجة لخطة علاجية تتضمن غذاء ودواء لكن ذلك غير موجود في شمال القطاع، لافتا إلى أن كل أنواع الحليب الخاصة غير متوفرة كذلك وهو ما تسبب في وفاة عدد من الأطفال.

البث المباشر