مدرسة الجاعوني.. 5 من 244

مجزرة الجاعوني.jfif
مجزرة الجاعوني.jfif

خاص- الرسالة نت

خاص- الرسالة نت
ليست المرة الأولى التي تقصف فيها مدرسة الجاعوني بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، حتى يُهيأ للمتابع بأن الاحتلال الإسرائيلي شن حربا خاصة على المدرسة التي تتحول صفوفها إلى حجارة صفا بعد الآخر، حتى تحولت إلى رمز للصمود والثبات، وكل من يتابع مجريات الأمور لم يعد ينسى اسم (الجاعوني).
ثم يعود النازحون إليها بعد كل قصف، يكنسون الحجارة، ويمسحون الدماء، يدفنون شهداءهم ويجلسون فيما تبقى من صفوف لم تعد تتسع كل هذا الوجع.

وفي قصف اليوم، ارتقى خمسة عشر شهيدا، فرغت أماكنهم، وتركوا وراءهم قلوبا مكلومة لم تعد الدموع كلها تكفيها، فقد كان الجميع شاهدا على سلسلة الموت التي تتابعت لخمس مرات، في خمس هجمات متفرقة على ذات المدرسة.
يتراكض الأطفال بين الزاوية والأخرى برعب يتصارخون، بينما تتساقط عليهم الحجارة من كل اتجاه، وتصرخ الأمهات وراء آثار اللعب الذي تحولت إلى لعبة موت، بينما يحاول الكبار انتشال الشهداء وحملهم فوق الأغطية لأقرب سيارة إسعاف إن وجدت.
تتحول أنواع الإغاثة في المدينة المكلومة، كغيرها من كل مدن القطاع، يعتمد الدفاع المدني على أيديهم في الحفر لإخراج المدفونين، أو لازالة الحجارة التي دفنوا تحتها،  لأن أدوات الإغاثة كلها ممنوعة من الدخول إلى قطاع غزة، وما تبقى منها في حوزة الدفاع المدني لم يعد يصلح للاستخدام، بعد استهلاك لأحد عشر شهرا من العمل.

لا سيارات إسعاف كافية، فعشر سيارات كانت تغطي المنطقة الوسطى قبل أشهر قليلة أصبحت اليوم سيارتين، والاتصالات صعبة ومقطوعة، والمواطنون باتوا يعرفون ما سيفعلون بعد كل قصف، فيوزعون الأدوار دعما لطواقم الدفاع المدني والإسعاف، لكي لا تشعر بعجزها وفقدان حيلتها أمام كل هذا الوجع الذي لا يُستطاع استدراكه.
بالأمس استهدفت المواصي بعشر حفر أكلت جثث أطفالنا ودفنتها تحت التراب، حتى أصبحت المواصي مكانا يرمز للموت والدفن،  واليوم تستهدف مدرسة الجاعوني التي أصبحت اسما مشهورا لكثرة استهدافها، فتدفن تحت ركام صفوفها أطفالا آخرين، ولا يريد العالم أن يصدق أن الهدف الأول من كل هذه الإبادة هم الأطفال، المستقبل الذي يؤرق هاجس (إسرائيل).

جيمس إلدر الناطق باسم اليونيسف والذي قد تواجد في غزة لعدة أشهر من هذه الإبادة قال واصفا المشهد هناك إن غزة هي المكان الأكثر خطورة في العالم، محذرا من أن التقاعس عن العمل والسماح باستئناف القصف، يعني السماح بقتل مزيد من الأطفال. 
استهداف مدرسة الجاعوني اليوم هو الخامس على نفس المدرسة، ولكنه رقم 244 على مستوى مدارس قطاع غزة من الشمال إلى الجنوب، والتي أصبحت هدفا يوميا لطائرات الاحتلال، بعد أن دمر 55 مدرسة بشكل كامل والتوقعات أن يكون العدد أكبر من ذلك بكثير.
وبدأت بعد ساعتين من هجوم مدرسة الجاعوني تأتي التنديدات لتكرر المكرر، و لم يعد حساب التصريحات التي تخرج كل يوم بالعشرات شيئا مهما، بل إن السؤال الذي يدور في أذهاننا منذ بداية الإبادة، لماذا المدارس، ولماذا الجامعات، ولماذا المستشفيات، أو دور الإيواء، لماذا الأطفال والنساء؟!  كل تلك الأسئلة التي لا يريد العالم أن يواجهها، بل يلتزم الصمت ويتآمر مع الظالم ضد المظلوم.

البث المباشر