يمنع الاحتلال لم شملهم

ثلاثة توائم من غزة تعرّفن على (ماما) من خلال الصورة

احدى الرضيعات
احدى الرضيعات

خاص- الرسالة نت

قصة أخرى من الظلم الواقع على غزة، حرمان جديد يدل على انتهاك متواصل لحقوق الإنسان، مهما كان هذا الحق قليلا ومستحقا.
ففي أغسطس آب من العام الماضي 2023 وقبل نشوب هذه الإبادة بشهرين، توجهت حنان البيوك إلى مدينة القدس لتقوم بعملية ولادة خطيرة ومعقدة، لأم حرمت من الإنجاب لسنوات عديدة.
البيوك كانت قد نجحت في حملها عن طريقة زراعة ثلاثة توائم، ولخطورة وضعها حولت للولادة في مستشفى المقاصد، ولم تكن تعرف أن تلك العملية ستكون بداية لحياة جديدة من التشتت دفعت ثمنها أم وثلاثة توائم.

ولدت حنان البيوك ثلاث طفلات (نجوى ونور ونجمة) وكانت حالتهن الصحية لا تسمح بخروجهن من الحضانات، بل كانت حياتهن على المحك، في الوقت الذي انتهى فيه تصريح علاج والدتهن، فاضطرت أن تعود إلى قطاع غزة وتترك الثلاثة في حضانة مستشفى المقاصد، على أمل العودة في الوقت المناسب لهن، بعد أن يأذن الطبيب المعالج بخروجهن والعودة إلى غزة.
ثم اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر، وفصلت كل الطرق وانقطعت السبل بالأم، في شكل آخر من أشكال القمع الإسرائيلي التي لم يشهد مثلها التاريخ.  وحتى حينما تماثلت التوائم للشفاء، وبدأن بممارسة حياتهن باعتيادية وثبات، وأصبح من المفترض أن تأتي الأم لاصطحابهن إلى غزة، كان ذلك مستحيلا في ظل إغلاق المعابر والحصار المشدد على غزة، فكبرت الطفلات الثلاث بعيدا عن أمهن.


في حضانة تابعة لمستشفى المقاصد يزحفن، يضحكن، وتخطو كل منهن خطواتها الأولى، بعد أن أكملن عاما من البعد وبدأن بالتعلم واللعب، دون الحصول على فرصة رضاعة طبيعية، أو معرفة بالأم الحقيقية التي يجب لها أن تكون، بينما تحاول المربيات تدريبهن على كلمة ماما، من خلال الصورة والتواصل.
تحاول البيوك أن تتكلم معهن عبر الانترنت، فتلتقط الصورة مرة، وتغيب عشرات المرات بسبب انقطاع الإنترنت وضعف الاتصال في قطاع غزة.


تزحف الرضيعات الآن، دون أن يكون لديهن القدرة على تمييز ما حدث، ولا تعلم الأم إلى أي درجة سيكبرن بعيدا عنها وتقول :" نفسي أشوف بناتي قبل ما أموت، كل إنسان بغزة معرض للموت في أي لحظة، لا يوجد آمان في أي منطقة بغزة، وفي لحظة يمكن أن نكون نحن الخبر القادم".


حاتم خماش مدير مستشفى المقاصد يؤكد أن وضع الرضيعات جيد، ويحاول العاملون هناك أن يعرفوهن بوالدتهن عن طريق الصور، وتدريبهن على قول كلمة ماما، ويلفت إلى أن وضع غزة الصعب حال دون عودة الطفلات الثلاث إلى حضن والدتهن ففضلت المستشفى بقاءهن في حضانتها خوفا عليهن، مؤكدا أن الرضيعات الثلاث يتطورن تطورا صحيا وعقليا جيدا، وبصحة طبيعية جدا، ويضيف:" المحزن فقط في قصة الرضيعات أنهن بعيدات عن الأم".


لم تر البيوك رضيعاتها الثلاث سوى للحظة واحدة بعد ولادتها، قبل أن ينقلن لغرفة الحاضنة لتلقي الرعاية المركزة، وبعد ثلاثين ساعة من ولادتها كانت البيوك في طريقها إلى غزة لانتهاء فترة التصريح المسموحة لها، ولتبدأ قصة الحرب والحرمان، وجع مركب تدفع ثمنه الأم وتوائمها الثلاثة.

البث المباشر