ثلاثة وعشرون عاما على انتفاضة الأقصى ... كيف تغيرت الصورة؟

الرسالة نت - رشا فرحات

شهر سبتمبر/أيلول ليس عاديا بالنسبة للفلسطينيين، فهو منذ احتلال الأراضي الفلسطينية يشهد المزيد من الصراعات والأحداث الساخنة مع قوات الاحتلال، فهذا العام يأتي متقاطعا مع الأعياد اليهودية لذا هو الأشد قسوة على المسجد الأقصى لما يشهده بشكل يومي من اقتحامات ومحاولات لتغيير معالمه الإسلامية بفعل طقوس المستوطنين من صلوات تلمودية ونفخ بالبوق، ومحاولة ذبح القرابين.

وبمجرد دخول شهر سبتمبر يستذكر الفلسطينيون هبة النفق التي اندلعت في 25 سبتمبر/أيلول 1996 وذلك قبل 6 سنوات من انتفاضة الأقصى الأولى، إثر افتتاح رئيس بلدية القدس -آنذاك- إيهود أولمرت، بإيعاز من رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو، ما يُعرف بالنفق الغربي أسفل المسجد الأقصى.

وفي 28 سبتمبر/أيلول 2000 اقتحم زعيم حزب الليكود (الإسرائيلي) المعارض آنذاك أرييل شارون المسجد الأقصى، متجاهلا تحذيرات فلسطينية من أن اقتحامه قد يشعل المنطقة، كان ذلك بداية الاقتحامات الأكثر منهجية وعددا.

وبين الاقتحام الأول والاقتحام الأخير والذي تم بالأمس وأول أمس تغير الكثير من المعايير وردات الفعل العالمية والمحلية، في الوقت الذي كان فيه اقتحام شارون سببا حقيقيا لقيام انتفاضة لم تهدأ حتى الآن.

منذ ذلك الوقت والاحتلال يسعى وبشــكل دؤوب إلــى اسـتهداف الوعي الفلسطيني، وإعادة صناعة فلسطيني آخر، يقبل بإعادة المنظومة والمنهجية بما يتماشى مع معايير الاحتلال وأهدافه.

محمد هلسة المختص بشؤون القدس يرى أن المشروع اليهودي يسابق الزمن للوصول إلى أهدافه النهائية واليوم الحالة التي يعيشها الأقصى غير التي عاشها أمس وسيعيشها غدا.

ويعتقد هلسة خلال حديثه مع (الرسالة) أن ذلك يمكن لمسه بسلوك الجماعات المتطرفة وشرطة الاحتلال وحكومته التي أصبحت أكثر وقاحة وتجرؤا على الحقوق العربية. وعلى صعيد التعاطي الرسمي (الإسرائيلي) أصبح انتهاك تلك الخطوط الحمراء فيما يخص القضايا الإسلامية مقبول.

ويقول: القضايا التي كنا نثور لها غضبا أصبحنا نتعاطى معها بفتور الآن كون الاحتلال حينما بدأ ينفذ أجندته عمل على مسار كي الوعي والضغط والإلحاح لتغيير تلك الصورة الذهنية واستطاع أن يوصل العالم العربي لتقبل أفعاله.

ويشير هلسة إلى أنه بسبب التخاذل العربي أصبح الميدان خاليا إلا من المقدسيين الذين يدافعون عن الأقصى، مبينا أن الاحتلال ينتظر أن يطرح العرب مشروع تقسيم المسجد الأقصى كما طرح مشروع تقسيم فلسطين.

 ويضيف: إذا تم التطبيع (الإسرائيلي) السعودي سينتهي الأمر، لأن الجدار السعودي كان آخر ورقة في القوة الإسلامية وإذا اخترق هذا الجدار انتهى الأمر.

في المقابل يؤكد المحلل السياسي سليمان بشارات أن الاحتلال إذا نجح في وأد أي محطة من محطات مقاومة الشعب الفلسطيني هو لا يستطيع أن ينهي حالة نضالية بدأت منذ الاحتلال ولن تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال.

ويلفت بشارات إلى أنه ربما تمر بعض الظروف على الحالة الفلسطينية التي تجعل الشعب يتراجع خطوات الى الخلف ويبدل أدوات النضال الفلسطيني، أو يغيرها ويبتكر أدوات جديدة، في سبيل عدم الاستسلام لمخطط التهجير، وهذا أيضا ضمن الحالة النضالية.

ويرى أن القوالب النضالية تتواءم وطبيعة الظروف الميدانية وفي المقابل الاحتلال يحاول العمل على تعزيز مشروعه ويستخدم تكتيكات واستراتيجيات، من ضمنها شراء الوقت واستغلال الظروف ومنح المشروع الاستيطاني مزيدا من الوقت ومن ضمن هذه الاستراتيجيات محاولة إعطاء جرعات أمل وتفاؤل للحكومات الفلسطينية على هيئة حل الدولتين، واتفاقية أوسلو، ومسار التسوية السياسية.

ثم يأتي مسار آخر على حد قول بشارات وهو المسار التطبيعي، وذلك لإبعاد القضية الفلسطينية عن الحاضنة العربية والإسلامية وقد بدأ الاحتلال هذا المشروع منذ كامب ديفيد حتى هذه اللحظة فظهرت صفقة القرن واتفاقية أبراهام، بهدف سلخ القاعدة العربية.

وأكد أن التغيير الحاصل انعكس على الأقصى، فالاهتمام العربي والإسلامي لم يعد كما كان، الآن استطاع الاحتلال تعزيز فكرة التقسيم من باب ديني، هو لا يريد الاعتداء وإنما يريد توزيع الأدوار الدينية على أساس جزء لليهود وجزء للمسلمين، ومن هنا بدأ بتقليص الوصاية الأردنية على الأقصى، وإبعاد المصلين والمرابطين، ومحاولة إغلاق مداخل وبوابات المسجد، واعتقال موظفي الأوقاف، على حد قول بشارات.

 

البث المباشر