يمارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع الجرائم بحق الثقافة والتاريخ الفلسطيني في محاولة منه لشطب الهوية، فلجأ لاستهداف المكتبات والمراكز الثقافية وتعمد إحراقها وتسويتها بالأرض، خلال حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على قطاع غزة منذ عام.
الكثير من المقتنيات والوثائق والخرائط والكتب الأثرية والتاريخية فقدتها مدينة غزة بفعل بربرية الاحتلال الذي لم يستثنن أيا من مناحي الحياة في القطاع.
استهداف ممنهج
وأكدت وزارة الثقافة أن الاحتلال استهدف ودمر في القطاع 76 مركزا ثقافيا، و3 مسارح، و5 متاحف، و15 دار نشر ومركزا لبيع الكتب، و80 مكتبة عامة.
ويتبع عدد من المكتبات والمراكز الثقافية المستهدفة لبلدية غزة ومن أهمها مركز رشاد الشوا الثقافي والذي يعد الأكبر في قطاع غزة، ويضم بين جنباته مكتبة تحتوي على وثائق وكتب ومخططات تاريخية، كما أنه ينظم العديد من الأنشطة التعليمية ويشرف على المؤتمرات والمعارض والعروض المسرحية والسينمائية التي تعقد بشكل دوري في قاعاته.
ويعد مبنى المركز بحدّ ذاته تحفة معمارية أُنشأت سنة 1985، وتم ترشيحه لجائزة آغا خان المعمارية الدولية.
كما استهدف الاحتلال الأرشيف المركزي لبلدية غزة ودمره بالكامل، ليفقد الغزيون آلاف الوثائق التاريخية التي يزيد عمرها عن 100 عام.
ومن ضمن أهداف الاحتلال كانت المكتبة العامة التي تأسست عام 1981، وكانت تعتبر أحد أهم المعالم الثقافية في المدينة.
وضمت المكتبة أكثر من 100,000 كتاب تغطي مختلف المجالات العلمية والأدبية والثقافية، بالإضافة إلى آلاف العناوين التي كانت متاحة للباحثين والطلاب والمواطنين.
مخالفات صريحة للقانون
المهندس عاصم النبيه المتحدث باسم بلدية غزة عقب قائلا إن هناك عدة مراكز ثقافية ومكتبات تابعة للبلدية جرى استهدافها خلال العدوان منها مركز رشاد الشوا ومكتبة دينا تمار الصباغ ومكتبة البلدية بالإضافة للمكتبة العامة ومركز إسعاد الطفولة ودائرة الأرشيف المركزي التابع للبلدية، موضحا أن ما جرى يأتي ضمن الاستهداف الممنهج لكل البنى التحية والمرافق الحيوية داخل مدينة غزة.
وأشار إلى أن الأرشيف المركزي التابع للبلدية كان يحوي مقتنيات ثمينة ووثائق قديمة ومستندات مهمة تعرضت للحرق، كما ضمت المكتبة مجلات ومراجع بحثية وصحف قديمة كلها فقدت بفعل الاستهداف.
ولفت النبيه إلى أن جزءا من المقتنيات موجود وأرشف وجزء فقد جراء الاستهداف، منوها إلى أن البلدية تحاول حصر الأضرار حتى اللحظة لكن بسبب استمرار العدوان يصعب الوصول لحصر شامل للأضرار، وكما يصعب معرفة تأثير ذلك على المدينة وعلى تاريخها المسجل والمدون.
واعتبر المتحدث باسم البلدية أن الاستهداف ترك آثارًا خطيرة على الثقافة والتراث والتاريخ، ويستدعي تدخلا من المؤسسات الثقافية، واستنكارا دوليا للحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للقطاع.
وتسعى (إسرائيل) إلى إعدام كل جزء من التاريخ الفلسطيني رغم أن ذلك يخالف النصوص القانونية الدولية، حيث تنص المادة رقم 27 من الفقرة الرابعة (الملحق الرابع) من أنظمة لاهاي لعام 1907، على واجب القوات في حالات الحصار اتخاذ كافة الوسائل لعدم المساس بالمباني المعدّة للعبادة والفنون والعلوم والأعمال الخيرية والآثار التاريخية.
كما حرّمت المادة 56 من أنظمة لاهاي لعام 1954 هدم أي حجر أو تخريب للمنشآت المخصصة للعبادة والبر والمباني التاريخية.
وتضمنت البروتوكولات الإضافية لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1977 في المادة رقم 53 من البروتوكول الأول، والمادة رقم 16 من البروتوكول الثاني، حظرًا لارتكاب أي أعمال عدائية موجّهة ضد الآثار التاريخية، أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكّل التراث الروحي للشعب.