لماذا كثف الاحتلال عملياته في الضفة بعد طوفان الأقصى؟

غزة - خاص الرسالة نت

منذ اليوم الأول من طوفان الأقصى – السابع من أكتوبر- هاج الاحتلال الإسرائيلي بعد الضربة التي تلقاها من كتائب القسام، فعمل لينتقم من أهالي الضفة الغربية والقدس المحتلة عبر حملة اعتقال إداري استهدفت مختلف الشرائح والفئات العمرية كالصحفيين والأسرى المحررين والناشطين، وحتى كبار السن والأطفال والنساء.
ووفق هيئة الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني بلغت "حصيلة الاعتقالات في الضفة منذ بدء معركة طوفان الأقصى من أكتوبر 2023، وحرب الإبادة المستمرة،  أكثر من 11 ألف حالة اعتقال"، بالإضافة إلى استشهاد أكثر من 680 فلسطينيا وإصابة نحو 5 آلاف.
يذكر أن "حملات الاعتقال هذه تأتي في ظل الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، كعملية انتقامية تندرج في إطار العقاب الجماعي، حيث شكلت عمليات الاعتقال، وما تزال أبرز السياسات الثابتة والممنهجة التي يستخدمها الاحتلال، لتقويض أي حالة مقاومة متصاعدة ضده".
كما اتبعت (إسرائيل) تكتيكات عسكرية جديدة، فبعد أن كانت تعتمد على العمليات الاستخباراتية، بالتركيز على المراقبة السرية، والتنصت على المكالمات الهاتفية بأنواعها المختلفة، والوصول للمسلحين والبنى التحتية والاجتياح البري للمناطق، وملاحقة عناصر المقاومة عبر قوات خاصة، تم الاستناد إلى وسائل وعمليات أكثر فتكًا، تمثلت في استخدام سلاح الجو في تنفيذ غارات جوية من خلال استخدام المسيرات والطائرات الحربية من أجل استهداف المقاومين داخل المخيمات.
وتواصلت عمليات الاجتياح شبه اليومية للضفة الغربية ومدنها وقراها؛ مع تجريف الشوارع والأرصفة، بهدف تسهيل عمليات الاقتحامات اليومية، وتعمد التدمير الشامل لأحياء ومرافق مدنية ومرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها واستخدام الجيش الإسرائيلي القوة الجوية في الضفة الغربية، في قصف المنازل والمساجد.

لماذا تخشى (إسرائيل) ثوار الضفة وقت التصعيد على غزة؟

تعتبر (إسرائيل) الضفة الغربية نقطة ضعفها، لذلك ترى إشعال الضفة بانتفاضة شاملة مسلحة أو تكرار سيناريو "طوفان الأقصى" انطلاقًا من الضفة من خلال شن الكتائب الفلسطينية في الضفة الغربية هجومًا مماثلًا على المستوطنات، لتتحول الضفة إلى جبهة قتال رئيسية وليس مجرد إسناد لغزة، خطرًا استراتيجيًا على أمنها القومي، من شأنه أن يُعقِّد من مأزق الردع الإسرائيلي. 
وسعت (إسرائيل) منذ "طوفان الأقصى" لمنع حدوث انفجار أمني شامل في الضفة الغربية والقدس يكون بمثابة انتفاضة ثالثة؛ ردًا على الحرب في غزة، بفعل الردع بالقوة المفرطة وجز العشب المتواصل للكتائب المسلحة، خشية من تطور الكتائب المسلحة من حيث قوّتها، وانتشارها الجغرافي، على النحو الذي يشكل تهديدًا على أمن (إسرائيل). 
كما شكلت عملية التفجير في "تل أبيب"، في 18 أغسطس الفائت والتي أعلنت حركتا حماس والجهاد الإسلامي عن تبنّيها، نقطة تحدٍ لـ(إسرائيل) وأثارت تساؤلات حول حدود فعالية ردع المقاومة في الضفة الغربية، وتصاعدت التحذيرات الأمنية من مخاطر تنامي قدرات المقاومة المسلحة خاصة في مخيمات شمال الضفة. 
ومع اقتراب الذكرى الأولى لطوفان الأقصى، نشطت عمليات المقاومة في الضفة والداخل المحتل، مما أربك العدو وجعله في مأزق خاصة وأن الأيام المقبلة تبشر بعمليات ثأر من الشباب الثائر.
لماذا صعدت (إسرائيل) في الضفة؟

التصعيد الحالي لا يمكن عزله عن التصعيد الأكبر في قطاع غزة والعدوان الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي يهدف كله إلى القضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني بجميع صورها وأماكن تواجدها.
يقول ساري عرابي المحلل السياسي :"الهدف الأمني للكيان الإسرائيلي كله مُجمع على ضرورة إنهاء أي حالة مقاومة في الضفة الغربية ومنع تطورها وتعاظمها وانتقالها إلى مناطق أخرى"، موضحا أن الاحتلال يمارس سياسة العقاب الجماعي مع الفلسطينيين وعلى الحواضن الاجتماعية للمقاومة.
وفسر عرابي قوله بأن سياسة العقاب للمقاومة من خلال تدمير البنية التحتية وتجريف الشوارع ومداخل المدن لتحويل المقاومة إلى عبء على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه يقدم نموذجا لإرهاب باقي الفلسطينيين وتخويفهم.
وفي ذات السياق يقول الخبير العسكري يوسف الشرقاوي إنه لا فروق كبيرة بين العمليات المركزة التي بدأت في الضفة قبل السابع من أكتوبر الماضي، ولم تتوقف، وبين العملية الموسعة الجارية حاليا في مخيمات جنين وطولكرم والفارعة بمحافظة طوباس.
ويرى أن الاحتلال يهدف من وراء اقتحاماته للمخيمات الفلسطينية في الضفة خاصة بعد السابع من أكتوبر، من أجل اجتثاث المقاومة فيها كما يقول لـ "الرسالة نت"، موضحا أن الاحتلال يدرك أن هدفه صعب كون المقاومين يحتاطون لكل الاحتمالات، علاوة على أن (إسرائيل) تريد من خلال عملياتها العسكرية طمأنة جمهورها الداخلي.
وطيلة فشل نتنياهو في استرداد الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، يبحث عن صورة نصر منذ طوفان الأقصى أمام شعبه، لاسيما بعد تدهور شعبيته، وما يفعله في الضفة يرى فيه محاولة لإنقاذ حكومته من السقوط والتدرج إلى أروقة المحاكمات، ومن ثم السجن.

البث المباشر