قائد الطوفان قائد الطوفان

صامدون رغم حرب الإبادة

الرسالة توثق شهادات مروعة من مجازر الاحتلال شمال قطاع غزة

الرسالة نت- محمد العرابيد

لليوم الخامس والعشرين على التوالي، يواصل جيش الاحتلال (الإسرائيلي) حرب الإبادة والقتل والتجويع والحصار الخانق على شمال قطاع غزة، بالتزامن مع ارتكابه مجازر جماعية مروعة وبشعة بحق المدنيين العزل. 


وعلى مدار الساعة لم يتوقف القصف على شمال غزة، الذي يتواجد به أكثر من 200 ألف مواطن دون أدنى مقومات الحياة، بالتزامن مع توقف الخدمات الطبية في المستشفيات وتوقف عمل جهاز الدفاع المدني جراء قصف الاحتلال لمركباته واستهداف طواقمه. 


وارتكبت قوات الاحتلال صباح يوم الثلاثاء، مجزرة بشعة في استهداف منزل من خمسة طوابق يعود لعائلة أبو نصر في مشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، ما أدى لاستشهاد 93 مواطنًا وإصابة وفقدان العشرات.


وما زال عشرات الشهداء والجرحى تحت الركام وأنقاض المنازل المدمرة، وفي الطرقات بمخيم جباليا، في ظل استمرار الحصار وانعدام الخدمات الطبية والإسعاف والدفاع المدني.


مجازر مروعة!
وعلى مدار الأسابيع الماضية، كثف الاحتلال (الإسرائيلي) بشكل متعمد استهداف البنايات السكنية المدنية والتي يتواجد بها عشرات العائلات الفلسطينية، مرتكبا العديد من المجازر بحقهم، ما أسفر عن مسح عائلات بأكملها من السجل المدني. 


الشابة أسماء جابر وهي من سكان مخيم جباليا، نزحت بالقرب من مستشفى كمال عدوان منذ بدء العدوان على الشمال تروي لـ"الرسالة" مشاهد مروعة عن المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال في شمال القطاع. 


وتقول الشابة جابر التي تبلغ من العمر (31 عامًا): "إن الاحتلال ارتكب مجازر في الشمال بشكل مروع ومدروس أيضًا، من خلال حصار مخيم جباليا ثم قصف منازل المدنيين على ساكنيها". 


وتضيف: "أثناء تواجدنا بمخيم جباليا كانت بعض الأحياء السكنية تحلق فوقها طائرات من نوع "كواد كابتر" في وضح النهار، وهي ترصد حركة المدنيين والأطفال أسفل وبالقرب من هذه المنازل، إلا أننا كنا نتفاجأ مع حلول الليل بقصف المنازل دون تحذير مسبق ما يوقع العشرات من الشهداء". 


وتتابع الشابة أسماء، التي أصيب والدها المقعد بجراح جراء قصف مدرسة تتبع لوكالة "الأونروا" في مخيم جباليا،: "بعد قصف المنازل السكنية كان الاحتلال يعمل على إطلاق العشرات من قذائف المدفعية محيط المناطق المقصوفة في محاولة لمنع الأهالي من إنقاذ ما تبقى من الأحياء تحت الأنقاض". 


وتختم الشابة التي نزحت قبل عشرة أيام إلى محيط مستشفى كمال عدوان شهادتها قائلة: "تعرضنا هناك إلى قصف شديد.. قبل اقتحام محيط المستشفى عملت دبابات والجرافات على هدم كثير من المنازل فوق رؤوس ساكينها فيما قصفت من حاول النزوح إلى مناطق بيت لاهيا لإجبارنا على النزوح إلى المناطق الجنوبية بدلًا من الشمال، لكننا لم نترك الشمال حتى آخر قطرة دم".


ويتعرض شمال القطاع، جباليا، وبيت حانون وبيت لاهيا، لحرب "إبادة" جماعية ضد المواطنين، يستخدم جيش الاحتلال خلالها كافة أنواع الأسلحة؛ وذلك بهدف دفعهم للتهجير والخروج إلى المناطق الجنوبية للقطاع.
 ليلة من الرعب! 
"كانت ساعات قاسية وصعبة لم أتصور أن أمر بهذه اللحظات".. بهذه الكلمات تصف المواطنة خلود الكحلوت الساعات الأخيرة لاقتحام جيش الاحتلال مستشفى كمال عدوان ومحيطه في شمال قطاع غزة. 


وتقول المواطنة الكحلوت التي تبلغ من العمر (46 عامًا): "بسبب إصابة طفلتي في قصف سابق قبل 3 أسابيع بمخيم جباليا، مكثت برفقتها في مستشفى كمال عدوان من أجل مواصلة تقديم العلاج لها، على الرغم من تحذيرات الاحتلال لم نخلي المستشفى أنا وجميع المرضى لأنه لا يوجد مكان آخر نذهب إليه لتلقى العلاج".


وتتابع: "قبل 5 أيام اشتد الحصار الخانق على محيط المستشفى، وبدأ الاحتلال بقصف المباني السكنية وحرقها بشكل مكثف.. الصوت كان مرعب كثير للمرضى والأطفال حتى أن بعض الشظايا والزجاج تطايرت إلى داخل أقسام المستشفى". 


وتكمل المواطنة الكحلوت حديثها قائلة: "ليلة الاقتحام اقتربت دبابات الاحتلال من المستشفى وبدأت تطلق القذائف على السور الخارجي وهدمته، فيما كانت قناصة الاحتلال تطلق النار على كل من يتحرك داخل أقسام المستشفى حتى الطواقم الطبية.. ثم اقتحمت المبنى وبدأت الجنود بالصراخ تجاه المرضى الأطفال وتهديدنا بالقتل، ثم طلبت منا البقاء في إحدى الغرف واقتادت الطاقم الطبي وبعض المصابين إلى مناطق مجهولة، ثم سمعنا إطلاق نار وكأنه إعدامات لبعض المصابين". 


تختم المواطنة الكحلوت حديثها، وهي لا تزال صامدة في مستشفى كمال عدوان:" لن نترك الشمال وننصاع لأوامر الاحتلال مهما كلفنا ذلك من ثمن.. أروحنا فداء الأرض ونحن درع الأبطال الحامي". 
ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، "فإن قوات الاحتلال تصعد من جرائم الإبادة الجماعية شمالي القطاع، وأنه لا توجد هناك أكفان لدفن جثامين الشهداء شمالي القطاع، فيما المرضى ينزفون حتى الموت بسبب انعدام شبه تام للخدمات الصحية".


 جرائم ممنهجة ومدروسة!
أما الحاج أبو أحمد جابر وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، يرى أن الاحتلال استخدم سياسية ممنهجة ومدروسة في حرب الإبادة على شمال قطاع غزة، من أجل إجبار الناس على ترك منازلهم والانصياع لأوامر الجيش.


ويقول الحاج جابر الذي يبلغ من العمر (62 عامًا) ولا يزال صامدًا في شمال القطاع: "الاحتلال بدأ بالاستهداف العشوائي للمنازل والأحياء السكنية بالقصف الشديد من الطيران الحربي والمدفعية والطائرات المسيرة".


ويتابع "ثم لجأ للمرحلة الثانية وهي استهداف طواقم الإسعاف والدفاع المدني وإخراج المستشفيات عن الخدمة، لتضييق الخناق أكثر على المدنيين العزل وإجبارهم على النزوح، ثم بدأ الحصار المطبق واقتحام الأحياء السكنية وحرق المباني ونسفها". 


ويوضح الحاج أبو أحمد أن الاحتلال ظن بأننا سنترك الشمال وننصاع لأوامره ونترك منازلنا وأحياءنا، لكنه تفاجأ بصمود المواطنين ورفضهم شروط الاحتلال؛ لذلك يرتكب المجازر بحق المدنيين في كل يوم. 


والإبادة في شمال القطاع مستمرة مع حصارٍ خانق، في حين تتنوع هذه الأزمات بين خطر المجاعة من جهة ونفاد الأغذية، وبين انهيار المنظومة الطبية وخروج عددٍ من المستشفيات عن الخدمة جراء استهداف جيش الاحتلال لها بشكلٍ مباشر كمستشفى كمال عدوان والإندونيسي.


ومنذ السابع من أكتوبر2023 ، يشن الاحتلال (الإسرائيلي) وبدعم أميركي على مرأى من العالم كله، حرباً على غزة خلّفت أكثر من 143 ألف شهيد وجريح.


ووفق وزارة الصحة الفلسطينية فإن معظم الشهداء هم من الأطفال والنساء، كذلك ما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية العالمية.

البث المباشر