فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية لعام 2024 يحمل تأثيرات متعددة على الصعيدين الداخلى والخارجى، وخصوصًا فى قضايا الشرق الأوسط وأوكرانيا. وقد جرت العادة أن يُثير انتخابه الكثير من الجدل، إذ يُعرف بسياسته غير التقليدية ومواقفه المتشددة فى بعض الملفات.
ترامب قد يُعيد توجيه السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط بشكل ملحوظ، حيث يُتوقع أن يتبنى سياسة دعم واضحة لبعض الحكومات فى المنطقة. وهذا قد يعنى دعمًا أكبر لإسرائيل فى صراعها مع الفلسطينيين، وربما تهميش مسألة حل الدولتين، وهو ما قد يزيد من التوترات فى المنطقة. وقد يسعى ترامب للعودة إلى اتفاقيات اقتصادية وأمنية قوية، مع التركيز على صفقات الأسلحة والنفط، كجزء من استراتيجيته لتعزيز العلاقات التجارية والدفاعية.
فيما يخص إيران، يُتوقع أن يزيد من الضغوط الاقتصادية والسياسية عليها، عبر تشديد العقوبات أو حتى تبنى نهج تصعيدى يتجاوز العقوبات التقليدية، ما قد يؤدى إلى عودة التوترات العالية فى المنطقة، خاصةً فى الخليج. هذا التوجه قد يُعيد الولايات المتحدة إلى ساحة المواجهة مع إيران، ما لم تظهر مؤشرات إيجابية من الطرفين للحد من التصعيد.
أما بالنسبة لأزمة أوكرانيا، فمن المعروف أن ترامب يميل إلى تحسين العلاقات مع روسيا، وهو ما قد يؤدى إلى تحول كبير فى السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا. قد يعمل على تقليل الدعم العسكرى المباشر لكييف، وربما يتجه إلى تشجيع الحلول التفاوضية مع روسيا.
هذا التحول قد يثير جدلًا داخليًّا فى الولايات المتحدة، حيث سيواجه ترامب ضغوطًا كبيرة من الكونجرس ومن حلفائه فى أوروبا، الذين يعتبرون أن دعم أوكرانيا أمر ضرورى للحد من نفوذ روسيا فى أوروبا الشرقية. ومع ذلك، قد يحاول ترامب التأكيد أن السياسة الموجهة نحو تخفيف الصراع فى أوكرانيا تهدف إلى خفض التكلفة الاقتصادية والسياسية على الولايات المتحدة.
يواجه ترامب تحديات داخلية لتحقيق وعوده الانتخابية، مثل تحسين الاقتصاد وخفض الضرائب وتعزيز الأمن القومى. وقد يواجه صعوبات فى تمرير مشروعاته نظرًا للانقسام الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين. ويُتوقع أن يواصل ترامب سياسة تقليص الإنفاق الحكومى، وتعزيز السياسات الاقتصادية التى تفيد الشركات الكبرى، وهو ما قد يؤدى إلى تحسن فى مؤشرات النمو الاقتصادى، لكن مع تزايد الانتقادات بشأن التفاوت الاجتماعى. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يحاول ترامب تطبيق سياسات تهدف إلى تقليص الهجرة، وفرض قيود أكثر صرامة على الحدود، ما سيلقى تأييدًا من قاعدته الشعبية، ولكنه سيواجه معارضة شديدة من منظمات حقوق الإنسان ومن بعض الفئات داخل الكونجرس.
فوز ترامب يمثل بداية لمرحلة جديدة من السياسة الأمريكية ذات التوجهات الأكثر تشددًا والمتمحورة حول المصالح الأمريكية بشكل واضح. ومع ذلك، فإن قدرته على تنفيذ هذه السياسات على الأرض ستتوقف على مدى تجاوب الكونجرس والجهات الفاعلة الدولية.