قال مركز الدراسات السياسية والتنموية بغزة إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يوآف غالانت يعتبر حدثا قانونيا وسياسيا هاما، ويعكس إدراكا دوليا بضرورة المساءلة عن الانتهاكات الي ترتكب في القطاع.
جاء ذلك في ورقة حقائق أصدرها المركز، يوم الثلاثاء، حول تداعيات القرار القانونية والسياسية، ومدى التزام الدول الأعضاء في المحكمة بواجباتها القانونية.
أهمية القرار
وأكد مركز الدراسات أنه رغم أهمية القرار في فضح ممارسات "إسرائيل" فإن تأثيراته العملية تعتمد على مدى التزام الدول الأعضاء في "ميثاق روما" بتنفيذه كون المحكمة تفتقر إلى آلية تنفيذ ذاتية.
وشدد على أن الأثر الرمزي والسياسي للقرار يظل كبيرا في تعزيز قضية العدالة الدولية.
وأوضح المركز أن تأثير القرار داخل الكيان محدود لعدم اعتراف النظام القضائي للاحتلال بصلاحيات المحكمة، لكنه يضيق حرية نتنياهو بالحركة دوليا ويشكل ضغطا سياسيا.
وبين المركز أهمية القرار في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، كونه يمكن أن يشكل ضغطًا دبلوماسيًا دوليًا على "إسرائيل" ويزيد من عزلتها، خاصة في ظل احتمالية تعرضها لمزيد من الانتقادات والإدانات الدولية.
وأشار إلى أن القرار قد يفتح الباب لمزيد من الإجراءات القانونية ضد المسؤولين الإسرائيليين في المستقبل، خاصة مع استمرار جمع الأدلة حول الجرائم المرتكبة خلال العدوان المتواصل.
تداعيات القرار والتوقعات بعد صدوره
وحول التداعيات، لفت مركز الدراسات إلى أن القرار يؤدي لعدم قدرة نتنياهو وغالانت على السفر لعدد كبير من دول العالم، إضافة لإمكانية صدور العديد من مذكرات الاعتقال السرية.
ونبه إلى إمكانية توقف عدد من الدول عن تصدير السلاح إلى "إسرائيل" وربما مقاطعتها، وأن القرار يفضحها بأنها دولة تمارس جرائم الحرب.
وقال المركز إن قرارات المحكمة تعتبر ملزمة لكنها تعتمد على أعضائها لضمان التعاون، وبالتالي، إذا سافر نتنياهو أو غالانت إلى أي من الدول الأعضاء البالغ عددها 124 دولة فستكون السلطات في تلك الدول ملزمة باعتقالهما وتسليمهما إلى مقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.
وتابع: "يرى مراقبون أن نتنياهو وغالانت ربما لن يتعرضا للاعتقال إن سافرا إلى دول حليفة لإسرائيل، وبالتالي، فإن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية ستكون بمثابة انتصار أخلاقي لفلسطين أكثر من أي شيء آخر، كما أنها ستعمق الضغط الدولي على الكيان إذ لا يمكن لنتنياهو السفر إلى العديد من الدول الصديقة لعدم التسبب بإحراج حكوماتها".
المطلوب بعد القرار
وأوصى المركز بتشجيع السلطة والفصائل الفلسطينية على توحيد موقفها وتكثيف نشاطها الدبلوماسي في الأمم المتحدة والمحافل الدولية لتأكيد أهمية القرار وتعزيز التضامن الدولي.
ونبه إلى ضرورة تعزيز التعاون مع منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية لتوسيع قاعدة الدعم للقرار، والتركيز على توثيق الجرائم وجمع الشهادات التي تثبت الجرائم المرتكبة ضد المدنيين والضغط على الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية لتطبيق قراراتها بشكل فعال، وتأكيد أهمية الامتثال للقانون الدولي.
وشدد المركز على أهمية تعزيز الجهود لتوثيق وجمع الأدلة، وتأسيس فرق قانونية متخصصة بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان والمحامين الدوليين لتوثيق الجرائم المرتكبة في غزة بشكل دقيق ومنهجي، وتقديم الأدلة إلى المحكمة الجنائية الدولية لتعزيز الاتهامات الموجهة ضد نتنياهو وغالانت. يشمل ذلك جمع الشهادات المباشرة من الضحايا والشهود، لضمان تقوية الملف القانوني وزيادة فرص إدانة المتهمين في المحافل الدولية.
وحث مركز الدراسات على تنظيم حملات إعلامية دولية لتسليط الضوء على القرار وأهميته، وتفسير تداعياته على الوضع في غزة والمشهد السياسي الإسرائيلي، وتطوير مواد بصرية وتقارير توثيقية تشرح بوضوح جرائم الاحتلال في غزة.
القرار التاريخي
ويوم الخميس الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش السابق يوآف غالانت، بخصوص جرائم الحرب في قطاع غزة.
وقالت المحكمة في بيان، إن هناك أسبابًا منطقية تدعو للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات ضد المدنيين.
ولفتت المحكمة إلى أن الجرائم المنسوبة لنتنياهو وغالانت تشمل استخدام الجوع سلاح حرب، والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية.
والمحكمة الجنائية، ومقرها لاهاي بهولندا، هي واحدة من أبرز المؤسسات الدولية المختصة بمحاسبة الأفراد المتهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب، أنشئت عام 2002 بموجب "ميثاق روما".