قائد الطوفان قائد الطوفان

تزيد معاناتهم في الشتاء

أصحاب البسطات.. طموحات صغيرة وهموم كبيرة

غزة/ كمال عليان

"سد رمق الحياة، وكسب قوت يوم أبنائي"، بهذه الكلمات بدأ الحاج الخمسيني أبو محمد العمري حديثه معنا، حيث اعتاد أن يذهب صباحا إلى سوق معسكر جباليا شمال مدينة غزة ليسوق منتجاته الصغيرة التي يصنعها بنفسه بإمكانات متواضعة. 

وفي سوق معسكر جباليا يقف عشرات البائعين خلف "بسطات" صغيرة يتم تفكيكها يدوياً، يسوقون بطاريات كهربائية وسكاكر وعطور مركبة، ومسابح، وجوارب، ومقصات، وطيور، وأشياء أخرى.

ومع دخول فصل الشتاء وهطول الأمطار، والحملات التي تقوم بها الشرطة الفلسطينية، ضد هذه البسطات، أصبح كسب الرزق يواجه تحديات.

يقول أبو محمد لـ"الرسالة" وعيناه إلى السماء:" لقد جاء فصل الشتاء لكي تبدأ معاناتنا في السوق، فأنا أسكن بعيدا عن هذا المكان، وبسبب الأمطار تصبح طريقي صعبة لأن الطرق "غير مرصوفة في منطقتنا".

و يقول: "أعود إلى بيتي في المساء بغلة لا تتجاوز العشرين شيقلا، المهم أني بروح خبزاتي وأكلي على بيتي".

وأوضح أبو محمد أنه يشتري بضاعته من أصدقائه أصحاب البسطات المجاورة لبسطته بمبلغ بسيط ديناً، ليقوم بتسديده على دفعات بعد أيام.

معاناة الشتاء

في أحد زقاق سوق معسكر جباليا تجلس الحاجة أم حسن العمري ( 59عاماً) وقد غطت بسطتها المتواضعة بالنايلون خشية المطر، وقد أطلت المعاناة من عينيها الذابلتين ، حيث قالت بقلب راضٍ بقضاء الله:" أبيع حزم النعناع والجرجير وغيرها من الخضار منذ عشرة أعوام"، مبينة أن لديها تسعة أطفال ويحتاجون مصاريف كثيرة".

أضافت :"أعيش في بلدة بيت لاهيا القريبة من هنا، وأزرع الخضار لأبيعها وأعتاش منها".

وبغصّة ألم تابعت :" كما ترى أن المطر في فصل الشتاء يحملنا كثيرا من المعاناة ونحن نجلس على قارعة الطريق"، مبينة أنها تضطر لتضع النايلون فوق بسطتها أو نقل بسطتها من مكانها إلى مكان تحت "عريشة"، ولا باب أمامي سوى هذا السوق الذي أصبح جزءاً مني".

وأما أم أحمد فلم يختلف حالها كثيرا عن سابقها (أبو محمد) في "تبسيطها" في معسكر جباليا لكي تستطيع سد رمق عائلتها، فهي تضع العديد من أكياس السكر والطحين والسيرج أمام المارة.

وتقول:"أحصل على هذه المواد من وكالة الغوث والمؤن ووزارة الشؤون الاجتماعية لأبيع جزءا منها للمارة كي أسد حاجات أخرى، لا أحصل عليها من الشؤون أو الأونروا. مبينة أنها تعاني كثيرا في فصل الشتاء حيث الأمطار والرياح والبرك التي تنتج عنها.

وفيما يتعلق بالزبائن على هذه المواد تقول :" أكثر ناس تشتري هذه المواد هم الموظفون".

نسبة كبيرة

ويقول الخبير الاقتصادي محمد مقداد:" إن الاقتصاد الشعبي والذي يحمل مسميات عدة كالاقتصاد الأسود واقتصاد الظل يشكل نسبة كبيرة بين فئات المجتمع المحلي من الطبقات الفقيرة والمتوسطة والتي تشكل أغلبية سكان القطاع.

في هذا السياق يشير د.م قداد إلى الأسباب التي تجعل الاقتصاد الشعبي سائدا بين المجتمعات، والتي تتمثل في أن الاقتصاد الطبيعي غير فاعل بسبب الإجراءات الإسرائيلية والحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، ليبلغ مستوى الصفر أو يكاد في ظل الحصار.

فلم يعد هناك استيراد ولا تصدير للمواد الخام وهناك شلل شبه كامل للقطاعات الصناعية.

وأضاف:"في ظل هذه الأوضاع يبحث المجتمع الفلسطيني عن مجالات أخرى "شعبية" مثل تجارة الأنفاق التي تمكن المجتمع من العيش ولو بالقليل.

ويوضح مقداد أن الاقتصاد الشعبي هو في الواقع من ضمن الناتج القومي ولكنه لا يدخل ضمن حسبة الناتج المحلي الإجمالي، ما ينعكس على دقة الرقم المعلن للدخل المحلي الإجمالي.

غير أن مقداد يجد بعض الإيجابيات لهذا النوع من الاقتصاد، والتي تتمثل بامتصاص فئة كبيرة من العاطلين عن العمل غير القادرين على الحصول على وظائف رسمية.

ويبين أنه لا يتوجب على الحكومة أن تحارب هذه الظاهرة إلا إذا قامت هي بتوفير بديل عن هذه الظاهرة وذلك بتوفير فرص عمل كافية لهم.

 

البث المباشر