الرسالة نت - محمد بلّور
جاء الربيع وبدأت الزهور البريّة تتنفس دخان المدفعية وشظايا الصواريخ المنهمرة عل أحياء قطاع غزة في جولة تصعيد ساخنة. انتهت فسحة الشتاء وعادت الأمور لسابق عهدها بين الشدّ والجذب والفعل ورد الفعل العسكري الذي يصحبه سقوط عشرات الضحايا والمصابين .
طائرات ومدفعية إسرائيلية تقصف وفصائل مقاومة ترد بقذائف الهاون وصواريخ محلية الصنع والبقية تأتي تباعا كما تعرفون .وسجل الأسبوع الماضي سقوط 10 شهداء وعشرات المصابين في غارات لعدة مناطق في قطاع غزة بينما ارتفعت وتيرة التهديدات الرسمية الإسرائيلية .
عكس مصلحة إسرائيل
سنعود لنستمتع من جديد بهدير الدبابات الليلي وطنين طائرات الاستطلاع التي لا تتوقف عن الخفقان في سماء غزة متوقعين حضور الموت في كل شارع وزقاق .حسابات الربح والخسارة لإسرائيل تأثرا بالوضع الإقليمي لن توقف شهيتها عن القتل, فمعادلة الحفاظ على المناطق المتوترة أصيلة وعتيقة منذ أسست الدولة العبرية .
الباحث في الشئون الإسرائيلية ناجي البطة يرى أن التغيرات الإقليمية تسير في عكس مصلحة إسرائيل وأن إثارة المشاكل في الملعب الفلسطيني سيؤجج الموقف بما لا يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية .
وأضاف: "لا تتحرك إسرائيل إلا بضوء أخضر أمريكي ولا يعطى الضوء الآن بسهولة لكن الاحتلال منذ ميلاده يحافظ على المنطقة متوترة ليعيد ترتيب أوراقه في كل مرة" .
ورغم أن الاحتلال حافظ طوال الأسبوع المنصرم على قصف أهداف ثابتة والرد بمستوى محدود من النيران إلا أن الموقف اختلف مساء أمس حين بدأ الشهداء يسقطون بالجملة .
أما الباحث في الشئون الإسرائيلية محمد مصلح فأكد أن التصعيد الحالي ليس إستراتيجية وأنه لا يتعدى شكل استعراض العضلات وأنه قد يكون نابع من ضغوط على المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية .
وأضاف: "إسرائيل تترقب الجبهة الجنوبية-سيناء- لتأثيرها على الأمن القومي خاصة أن غزة قد تفتح حدودها معها وتستفيد حماس من ذلك بجلب مزيد من السلاح" .
وأشار أن تفكير إسرائيل في هدف كبير لن يكون أقل من القضاء على حماس سيما وأن المعارضة السياسية الآن داخل إسرائيل أشد تطرفا من الحكومة .
مربع الاستدراج
في اجتماعات الجيش الإسرائيلي "يكزّون" على أصابعهم رغبة في قصف غزة التي تبتلع يوميا مزيدا من الأسلحة الوافدة من الخارج-كما يعتقدون .الحدود مع مصر أصبحت أفضل بكثير من قبل والأنفاق تعمل بإنتاجية أكبر والكل يرى أن إسرائيل كـ"النمر الجريح" قوي لكن أحواله لا تساعده على العدو خلف الطريدة .
الاحتلال يبرر غاراته وقصفه بسقوط قذائف للمقاومة على النقب وجنوب البلاد وتعاظم قوة حماس العسكرية .وهدد نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي "سيلفان سالوم" بتنفيذ عملية عسكرية كبرى في قطاع غزة على غرار "الرصاص المصبوب" لإسقاط نظام حماس إذا استمر إطلاق الصواريخ .
أما الوزير الصهيوني متان فيلنائي فأعرب عن اعتقاده أن اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وحركة حماس ليس إلا مسألة وقت زاعما بان إسرائيل ستلقن حماس درسا يخص قواعد العمل.المحلل البطة أكد أن بعض التنظيمات الصغيرة تضرب مقذوفات بسياسة رعناء أو أنها مخترقة ما يجرّ المقاومة وحماس لمربع الاستدراج ثم المواجهة .
وتابع: "انتهت حرب ضروس قبل سنتين فقط بينما استمر الهدوء عام 1967 حين حاربت إسرائيل مصر وسوريا والأردن 6 سنوات رغم فارق الإمكانات فلا بد من خطاب سياسي ناضج وعدم الاستدراج للمواجهة" .
أما المحلل مصلح فقال إن تسيبي ليفني الراقدة الآن في المعارضة تطالب منذ أيام بالقضاء على حماس والكل يسجل موقف ونتنياهو غير مستعد للحرب فالجبهات قد تفتح كلها مرة واحدة هذه المرة .
وأوضح أن حكومة الاحتلال تحاول الاستجابة لضغوط المعارضة بالقصف خاصة بعد عملية "إيتمار" التي قتل فيها 5 إسرائيليين واتهم الاحتلال فيها الفلسطينيين دون دليل .وأشار أن الاحتلال يحاول تدويل المسألة لتصدير الأزمة وتبرير العدوان المستمر والحصار
تطورات الميدان
نسخة مكررة من النوتة الموسيقية أصبحت في حوزة حماس وإسرائيل وهم يتبادلون الرسائل عبر وسائل الإعلام وكلاهما يبدي التزامه بالهدوء إذا ما التزم الآخر .
الحكومة الفلسطينية بغزة أكدت أنها لا ترغب في التصعيد العسكري مشددة أن الدفاع عن المدنيين واجب وطني .
المحلل البطة يرى أن الاستفزاز الإسرائيلي هدفه استدراج المقاومة للكشف عن وسائل قتالية حذر هو من وصولها لغزة وعظّم من قدراتها .
وتابع: "منذ أيام يتحدث الاحتلال أن للجيش اليد الحرة في الرد على قذائف المقاومة ودأبهم عندما تتأزم حالتهم السياسية أو يمرون بأزمة اقتصادية يهربون للأمام و يتوجهون للحرب " .
أما المحلل مصلح فربط تصاعد الموقف الميداني بتطورات ميدانية مشددا أن إسرائيل تريد توجيه رسالة قوية لحماس لتحكم سيطرتها على غزة .
وتوقع نهاية اعتيادية لجولة التصعيد إلا أذا حدث تطور على الحدود المصرية وفتحت مع غزة, مضيفا: "عندها أتوقع إعادة احتلال محور فيلادلفيا" .
وقال إن إسرائيل بحاجة للرأي العام الدولي الذي ابتعد عنها منذ فترة لذا تحاول تسويق الخطر القادم من غزة وتتذرع بالقذائف لتبرر عدوانها" .
ورغم حالة التوتر المتصاعدة في قطاع غزة إلا أن انهيار الموقف نحو الأسوأ مرتبط بحدوث مفاجئة ميدانية على الحدود الشرقية مع الاحتلال أو اغتيال العدو لشخصية مؤثرة .