غزة- ياسمين ساق الله
تسعى الولايات المتحدة لإعادة عملية التسوية إلى مسارها بعقد لقاءات ثنائية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته محمود عباس ، وهو ما يراه الكثير من السياسيين الفلسطينيين نوعاً من العبث ، فاللقاءات الإسرائيلية الفلسطينية استمرت مدة طويلة في حقبة ايهود أولمرت ومن قبله ولم تسفر عن أية نتائج ، ومع ذلك فإن هناك إصراراً من قبل أعضاء اللجنة الرباعية على تمديد فترة بقاء عملية التسوية في غرفة الإنعاش قبل الإعلان الرسمي عن وفاتها.
صحيفة " يديعوت احرونوت" العبرية ذكرت أن دول الأعضاء في اللجنة الرباعية الدولية تسعى إلى ترتيب اجتماع بين نتنياهو وعباس لمناقشة عملية التسوية السلمية.
قلق وجمود
المختص بالشئون الإسرائيلية ناصر اللحام قال :" هناك قلق دولي ملحوظ فيما يتعلق بمستقبل المفاوضات العربية والدولية في المنطقة وتحديدا الشئون التفاوضية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ", مضيفا:" أعتقد أن الرباعية في هذه الآونة تفقد صوابها وطريقها في المنطقة العربية لذا فهم بحاجة إلى غطاء من إدارة أوباما لإعادة السيطرة من جديد على مسار وعجلة المفاوضات في منطقة الشرق الوسط , ولذلك تكرر المبادرات الدولية المتعلقة بملف التفاوض الإسرائيلي الفلسطيني ".
لكن المختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر يرى أنه ليس هناك أفق في المستوى السياسي في المرحلة الحالية بين الإسرائيليين والفلسطينيين , قائلا:" اللجنة الرباعية والمجتمع الدولي يشعرون بوجود جمود في مفاوضات السلام بين طرفي الصراع ، مما يدفعهما لإجراء لقاءات مكوكية ومباحثات واجتماعات رمزية لا تحمل مضموناً سياسياً كافياً لحل الأزمة ".
يذكر أن مصادر إعلامية مقربة من الحكومة الإسرائيلية كشفت أن الإدارة الأميركية تسعى للالتفاف على الرفض الفلسطيني لعقد لقاء قمة بين نتنياهو وبين الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس بسبب رفض إسرائيل تجميد الاستيطان, حيث تتوقع المصادر أن عملية السلام والأفكار الأمريكية لاستئنافها ستكون على رأس جدول أعمال لقاء الرئيسين حسني مبارك وباراك أوباما لدى زيارة الرئيس المصري لواشنطن في الفترة القادمة.
خطوة وليس حلا
ويتابع المختص بالشئون الإسرائيلية اللحام :" الرباعية الدولية لا تملك التأثير القوي في مسار التفاوض السياسي والعلاقات السياسية ودفع عملية التسوية والسلام بالمنطقة العربية بقدر كونها صاحبة التأثير القوي بقضية المال والدعم المادي والتأثير الملحوظ على مواقف الدول العربية المزدحمة بالصراعات ", منوها إلى أن مبادرة اللجنة الدولية الرباعية لعقد اجتماع ثنائي بين عباس ونتنياهو في الفترة القادمة تعتبر خطوة من خطوات دفع علمية السلام وليس حلا كاملا للسلام .
ويشاركه الرأي المحلل أبو عامر قائلا :"الاجتماع القادم لا يقف إلى مستوى الدخول في مفاوضات حقيقية بقدر منح المفاوضات حقنة أكسجين وإحياء اصطناعي خوفا من وصولها لمرحلة مسدودة ونشوب انتفاضة ثالثة، الأمر الذي يجعل من الرباعية نزع فتيل الاشتعال بين الجانبين ", قائلا:" العلاقات الأمريكية والإسرائيلية تتسم بالبرود والفتور فبقاء الأمور على حالها يشير إلى أن اوباما لا يقدر في المرحلة القادمة على ممارسة ضغوط على إسرائيل في ظل الدعم اللامحدود التي تبعثه منظمات يهودية في أمريكا لإدارة أوباما ".
يشار إلى أنه في حال تم هذا اللقاء فإنه سيكون اللقاء الأول لهما منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية بزعامة نتنياهو, حيث يشترط الرئيس الفلسطيني المنتهية ولاتيه محمود عباس على نتنياهو تجميد البناء في المستعمرات والقدس المحتلة لاستئناف مفاوضات التسوية السياسية مع "إسرائيل"، فيما يشترط نتنياهو الاعتراف بيهودية "إسرائيل" لبدء المفاوضات.
وكانت مصادر إعلامية تحدثت أن الأميركيين يحاولون فرض لقاء قمة كهذه لدى وصول كل من نتنياهو وأبو مازن إلى نيويورك الشهر المقبل، للمشاركة في الدورة الجديدة للأمم المتحدة , وأضافت أن الفكرة هي عقد لقاء بحضور رؤساء الرباعية الدولية (الرئيس الأميركي باراك أوباما، والرئيس الروسي دمتري ميدفيديف، والأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس حكومة السويد، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، أو من ينوب عنه) , هذا ولم تستبعد المصادر أن يحاول الأميركيون ضم قادة من العالم العربي إلى هذا اللقاء.
ليس تنازل وإنما
وفي ذات السياق يضيف اللحام :" لم يعد هناك من سمات العصر الحديث أن يكون تنازل طرف مقابل طرف آخر بل تبلور على الساحة مصطلح الحلول الوسيطة بينهم , فالمتوقع من الاجتماع الخروج بحلول وسطية وليس تنازل مقابل تنازل ", مضيفا:" إسرائيل ستقدم تنازلات في اللقاء لأنها معنية بعودة المفاوضات من جديد مع الفلسطينيين وتقديم المشاريع الاقتصادية والإفراج عن الأسرى وتحديداً القيادات سواء برغوتي وسعدات لان حكومة نتنياهو تسعى للتقدم بخطوات نهائية لإقناع العالم بأنها دولة سلام ".
في حين يخالفه الرأي المختص بالشأن الإسرائيلي أبو عامر قائلا:" مصطلح التنازلات غير وارد في قاموس الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة , قائلا:" إن التنازل والاستحقاق الأهم الآن يتمثل في تجميد الاستيطان وليس وقفه في الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة الأمريكية الجديدة وقف الاستيطان لمدة عام والذي قابلته إسرائيل بوقف الاستيطان لمدة ستة شهور، الأمر الذي يجعل الأمور نحو التنازل غير واضحة ".
وتتوقع المصادر أن تضع حكومة مكونة من الأحزاب المتشددة التي فازت بالأغلبية البرلمانية في منتصف فبراير الماضي نتنياهو على مسار للتصادم مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما وتعهده بالتحرك بسرعة بشأن اتفاق لإقامة دولة فلسطينية , وسط تعهدات من قبل نتنياهو بالتعاون مع الولايات المتحدة في السلام بشأن الشرق الأوسط.
تطورات راهنة
ويختم المختص في الشئون الإسرائيلية اللحام قائلا:" هم يحاولون تجريب المفاوضات مرة أخرى التي لا تفرز ضمانات واقعية على أرض الواقع , فهي مجرد محاولة , لذا لا نملك الآن سوا انتظار نتائج تلك الاجتماع في واشنطن لاسيما في ظل التطورات الراهنة التي تمر بها الساحة الفلسطينية تحديدا التغيرات في القيادات الفتحاوية التي تمخضت من مؤتمر فتح السادس لكي نستطيع حينها رسم صورة متكاملة عن مسار عملية السلام في الفترة القادمة".
وفي السياق ذاته قالت مصادر في السلطة الفلسطينية: إن الولايات المتحدة تعتزم مطالبة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بحث قضايا الحدود بينهما كخطوة أولى في إطار عملية السلام في المنطقة، مرجحة طرح واشنطن لخطة سلام شاملة الشهر المقبل.
في حين ينوه المختص أبو عامر إلى أن الجهود المبذولة من قبل أوباما لتفعيل عملية السلام بالمنطقة مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لا ترتقي إلى مستوى إقامة علاقات عامة وشكلية, قائلا:"إنها لا تصل إلى تطبيق اتفاقات واقعية على الرغم من عزمه التوصل لاتفاق تسوية حقيقي في المنطقة لكن الأفق لا يشير إلى ذلك نتيجة للعلاقات القوية بين إسرائيل وأمريكيا , فإسرائيل لن تقدم تنازلات في القضايا الأكثر أهمية وصراعا مع الفلسطينيين من قضية الدولة المستقلة واللاجئين والحدود والمياه والقدس ".
وكانت مصادر دبلوماسية صرحت لـصحيفة الأهرام العربي المصرية أن هناك جهودا مصرية لمحاولة إقناع تل أبيب بإعلان وقف الاستيطان, خصوصا في القدس في إطار خطوات إبداء حسن النية وبناء الثقة قبل استئناف المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية, وفقا للصحيفة ستضع الولايات المتحدة إطارا زمنيا قد يصل إلى نحو عام ونصف لإجراء المفاوضات على أن تبدأ ببحث قضايا الحدود ومن ثم المستوطنات والمياه، انتقالا إلى القضايا الأكثر أهمية كالقدس واللاجئين الفلسطينيين.