رامي خريس
انتهت زفة المصالحة أمس وبدأ اليوم التحدي الحقيقي لتطبيق بنودها على الأرض، فالاتفاق يتضمن العديد من النقاط التي تحتمل تفسيرات وتأويلات مختلفة ، فضلاً عن محاولة حركة فتح لاستباق التنفيذ بفرض رؤيتها للاتفاق ، بل إن رئيسها محمود عباس رفض أن يجلس بجانبه على منصة العرس رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل و معللاً ذلك بأنه رئيس الفلسطينيين وهو الوحيد الذي يمثلهم كما نقلت ذلك بعض المصادر التي كانت مشاركة في حفل التوقيع على اتفاق المصالحة في القاهرة.
مهمة الحكومة
وفي تصريحات قبل ساعات من الاحتفال بالمصالحة قال عباس خلال زيارته لصحيفة الاهرام المصرية أن الحكومة الانتقالية، التي سيتم تشكيلها، عقب التوقيع النهائي على الاتفاق ستكون "ملتزمة بسياسة منظمة التحرير الفلسطينية" ، بل وتطرق للحديث عن معبر رفح وقال : "’بموجب اتفاق 2005 الحرس الرئاسي هو من سيتواجد في معبر رفح، ونحن ملتزمون بهذه الاتفاقية"، وأضاف: "نحن نسعى للتخفيف عن أهلنا في قطاع غزة، والسماح لهم بالحركة وقضاء الحاجات خارج القطاع، لكن مع مراعاة ألا تلقى غزة بوجه مصر".
بل ذهب أحد قيادات فتح للقول بان الحكومة مهما كان شكلها هي حكومة الرئيس وملتزمة ببرنامجه السياسي.
وتعتبر هذه التفسيرات المتعلقة بالحكومة والمعبر مخالفة لروح اتفاق المصالحة ، فالحكومة بحسب الاتفاق سيجري تشكيلها من كفاءات وطنية ولن يكون لها برنامج سياسي ، ولها فقط مهمات محددة ستعمل عليها من أهمها تحقيق المصالحة وتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات بعد عام من توقيع الاتفاق .
أما البرنامج السياسي فتضطلع به الهيئة الوطنية العليا المشكلة من أمناء الفصائل الفلسطينية ، وهنا فإن عباس يعمل على ترويج تفسيرات للاتفاق ليست منه ولا تقترب منه قيد أنملة وذلك على ما يبدو محاولة لفرضها أثناء التطبيق وهو ما يعرضه للفشل .
المعبر
والجزء الثاني من تصريحات عباس كان يتعلق بمعبر رفح وتحدث فيه عن اتفاق 2005 او "بروتوكول" تشغيل المعبر الذي تفاوض بشأنه محمد دحلان القيادي في حركة فتح كمرجعية لتشغيل المعبر، علماً أن الزمن تجاوزه بانتهاء المدة المحددة له ثم بالتطورات اللاحقة التي فرضت نفسها على الساحة الفلسطينية من حصار يصار إلى تفككه فضلاً عن تغير النظام المصري والذى كان له دور كبير في حصار غزة ، ومع ذلك حاول عباس بث مخاوف تتعلق بفتح معبر رفح بشكل كلي وانه قد يلقي بتبعية غزة الى مصر.
وهذا الترويج يحاول من خلاله (أبو مازم) دفع مصر الى أن تتراجع عن فتح معبر بشكل كلي ، وتقييدها باتفاق المعابر واعادة الامور الى غزة للمربع الاول.
على أية حال فإن الايام قليلة التي تفصلنا عن تشكيل الحكومة والوعد المصري بفتح معبر رفح ، بل إن اليوم هو موعد اطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسيكون أول اختبار لتلبية استحقاقات المصالحة ، فهل سيخرج المعتقلون ام سيتم اللجوء الى تفسيرات مختلفة حول اطلاق سراحهم كما تناقضت التفسيرات حول مهمات الحكومة وفتح المعبر قبل مراسم التوقيع على اتفاق المصالحة.