قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد منعهم من الصيد في حوض الميناء الملوث

صيادون يشتكون من الفوضى والمحسوبية في ميناء غزة

الشرطة البحرية: هذه إشاعات  هدفها التشكيك في مصداقيتنا

"النقل والمواصلات": الموضوع ليس من اختصاصنا

البلدية: الرقابة ليست مسؤوليتنا 

"الزراعة": هناك رقابة والتراخي يحصل في بعض الأوقات

 

غزة-فادي الحسني- الرسالة نت

في صباح يوم خريفي جلس الصياد الخمسيني أبو محمد تحت سقف صفيحي في ميناء غزة يغزل شباكه، وثمة امتعاض واضح في وجهه مما يسميه المحسوبية و"الواسطة" في تعامل الشرطة البحرية مع الصيادين.

وقوبلت الشكاوى الموجهة من قبل الصيادين الذين قالوا "إن البحرية تمنع صيادين من الصيد في "حوض" الميناء في وقت تسمح فيه لآخرين بالصيد"- بالدحض من قبل الشرطة البحرية التي وصفت الشكاوى بـ"الإشاعات".

وعلى الرغم من وجود قرار يمنع الاصطياد في "حوض" الميناء، إلا أن الصيادين قالوا إن بعضا من عناصر البحرية قاموا بأكل السمك المصطاد من الحوض، فهل حلال عليهم حرام علينا؟، في حين ردت الشرطة: لو ثبت صحة القول فستجري محاسبة المتورطين سواء كانوا عسكريين أم صيادين.

ومن خلال متابعة "الرسالة. نت " للموضوع وجد أن المسؤولية إدارة ميناء غزة ناقصة، خصوصا أنها تقع على عاتق عدد من الجهات.وبينما نفت نقابة الصيادين وصول أية شكاوى لديها، قالت وزارة الزراعة إن آلية تنفيذ قرار منع الصيد قد يكون "فيها تراخي في بعض الأوقات"، في حين أكدت وزارة النقل والمواصلات أن متابعة عملية الصيد ليس من اختصاصها، أما بلدية غزة فتعتبر أن المراقبة ليست مسؤوليتها.

ملوث

وصدر قرار في وقت سابق يقضي بمنع الصيادين من الصيد من حوض الميناء، على اعتبار انه ملوث ويحتوي على مخلفات مراكب الصيد بالإضافة إلى مضخات مياه عادمة، مما تسبب في عدم صحية الأسماك بداخله.

وتتولى الشرطة البحرية وتحديدا الأمن المتواجد في الميناء، مسؤولية تنفيذ القرار.ولا يجد الصياد أبو محمد مبرراً يعطي أمن الميناء الحق في منع الصيادين من الاصطياد في حوض الميناء، والسماح لآخرين "بحكم الواسطة، الصيد وبيع السمك على عينك يا تاجر" على حد قوله.

وقال: "ألا يكفي ظلم الاحتلال لنا ومنعنا من الصيد والسماح فقط لنا بمساحة محدودة جداً (..) الانتقائية في التعامل مع الصيادين من قبل أمن الميناء أمر غير مقبول".

وأضاف الصياد وأثار العناء بادية عليه "نحن لا نقارن تصرفات الاحتلال بتصرفات إخواننا في الشرطة البحرية، ولكننا نعتب عليهم في التعامل معنا بانتقائية، والسماح لفلان بالصيد في الحوض دونا عن فلان".

أما الصياد الثلاثيني (ر.م) فقال "نحن ندرك أن الصيد منع بقرار من وزارة الصحة الفلسطينية، على اعتبار أن الحوض ملوث وأسماكه غير صحية، ولكن قرار منع الصيد يجب أن يطبق على الجميع، وليس على أشخاص دون آخرين".

وبين الصياد(ر.م) أنه سبق وأن اكتشف أن عناصر من الشرطة البحرية قاموا باستغلال شباك صيد صادروها من أحد الصيادين، في الصيد من داخل حوض الميناء ليلاً، وعندما سألهم عن سبب قيامهم بهذا الأمر، أجابوا: الضباط حابب يتعشى سمك" على حد قوله.

وخشي الصياد أبو أحمد الحديث في مثل هذه المواضيع التي اسماها بـ"الشائكة" وقال "نحن لم يسبق لنا وأن تحدثنا في وسائل الإعلام حول هذا الموضوع، وجرى اعتقالنا، فكيف سيكون حالنا إذا ما تحدثنا!".

وأكد الصياد الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن أمن الميناء قام باحتجازه لثلاثة أيام، لمجرد تقديم شكوى ضده بأنه اصطاد في حوض الميناء، وقال: "عقب اعتقالي لثلاثة أيام أفرج عني وقيل لي انه بالفعل لم يثبت تورطي في الصيد من الحوض، وأن الشكوى باطلة".

واتهم الصياد امن الميناء بعدم التحقق من صحة الشكاوى التي تردهم، كما اتهم النقابة بالتواطؤ في عدم التعاطي مع قضايا الصيادين ومشكلاتهم.

ادعاءات

وفي إطار ردها على شكوى الصيادين، قالت الشرطة البحرية التي تتولى إدارة ميناء غزة، "هذه ادعاءات فقط وإشاعات تحاك ضدنا"، مؤكدة أنها تتعاطى مع كل الشكاوى التي ترد إليها.

وقال المقدم عامر سرور مدير الشرطة البحرية لـ"الرسالة نت ": "جاءتنا شكاوى تتعلق بهذا الموضوع، ضد صيادين، وقمنا بالتحقيق معهم وتبين عدم صحة الدعوى المقدمة، وأطلقنا سراحهم"، معتبرا أن ما يوجهه الصيادون من انتقادات للشرطة بالتعامل بانتقائية معهم، "إشاعة هدفها التشكيك في مصداقية الشرطة البحرية والإساءة إليها" كما قال.

في نفس الوقت شدد سرور على عدم التهاون مع من يثبت أنه تقاعس عن أداء دوره، نافيا أن يكون ثبت أن قام عنصر من عناصر الشرطة البحرية بالصيد في (حوض) الميناء، أو استغل شباك الصيادين- كما قيل- بعد مصادرتها من أجل الصيد بها.

وأضاف مدير الشرطة البحرية الذي جرى تعيينه منذ أسبوعين "من يدعي غير ذلك، عليه أن يتوجه إلينا وقلوبنا مفتوحة للتعامل معه".

في مطلع رده على الاتهامات الموجهة له شخصيا، حول عدم اكتراثه لهموم الصيادين وعدم السماع إلى شكواهم، قال سرور :"في اليوم الثاني من تعييني مديرا للشرطة البحرية عقدت اجتماعا في نقابة الصيادين وباستمرار التقي بالصيادين بشكل فردي، لكن لم يحدث أن التقيت بالصيادين بشكل جماعي(..)، وفي نيتنا ترتيب لقاء موسع للصيادين للاستماع لمطالبهم وشكواهم".

وعلى ما يبدو فإن نقابة الصيادين لا تدعم موقف الصيادين الذين بثوا شكواهم عبر "الرسالة"، حيث اعتبرت النقابة أن الصيادين المشتكين لا يستندون إلى وقائع أو حقائق على الأرض، تثبت صحة شكواهم.

وأكد نقيب الصيادين في قطاع غزة نزار عياش أن أحدا من الصيادين لم يقدم لهم أية شكوى بشأن السماح للبعض بالاصطياد في (حوض) الميناء.

وقال عياش لـ"الرسالة نت" :"لم تصلنا شكوى في هذا الشأن، والبعض يروج كلاماً غير واقعي وغير مبني على حقائق، وعلى الرغم من ذلك اجتمعنا بقيادة الشرطة البحرية وعرضنا الأمر عليهم ووعدونا بالتحقيق في هذا الموضوع".

وأضاف "هناك مصداقية لدى الشرطة البحرية ونحن واثقون بهم وانتهينا إلى أن يجري التدقيق في الأمر".

*لماذا تأكل؟

وبين نقيب الصيادين أن أسباب منع الصيادين من الصيد في حوض الميناء لأن الحوض يعتبر محمية طبيعية لتفريخ الأسماك وتكاثرها، بالإضافة إلى أن هناك مضخات مياه عادمة تضخ في حوض الميناء، "والسمك الموجود فيه غير صحي".

لكن صيادين قالوا لـ"الرسالة نت" لو كانت الأسماك المتكاثرة في الحوض غير صحية، فلماذا يأكلها ضباط امن الميناء؟".

في حين رد على ذلك مدير الشرطة البحرية بالقول: "سنلاحق الظاهرة إن وجدت وسنحاسب المتورطين سواء كانوا من عناصر الشرطة أو من الصيادين المخالفين".

إلا أن نقيب الصيادين يقول :"خروج السمك من حوض الميناء وانتقاله إلى داخل البحر، يعني أن طعمه سيتغير ومن ثم يصبح صحيا لكن بقاءه في الحوض يعني انه غير صحي".وفي إطار متابعة القضية لدى الشرطة البحرية، أكد سرور أنهم قاموا بوضع مصابيح إنارة ليلية، لمراقبة الحوض بشكل كامل.

وبحكم اشتراك وزارتي النقل والمواصلات والزراعة في مسؤولية إدارة ميناء غزة، بالإضافة إلى الداخلية ممثلة بالشرطة البحرية، وبلدية غزة، فإنه تبين أن متابعة قضية الاصطياد في الحوض، ليست من اختصاص وزارة النقل والمواصلات، ولا البلدية أيضا.

وقال عدنان أبو عودة وكيل وزارة النقل والمواصلات لـ"الرسالة" :"الموضوع ليس من اختصاصنا(..)اختصاصنا تدعيم وتأهيل ميناء غزة وإصدار تراخيص لمراكب الصيد فقط".بينما بلدية غزة فإنها اعتبرت أن قضية الرقابة على عملية الصيد في الحوض، ليست مسؤوليتها.

وجاء على لسان حاتم الشيخ خليل مدير العلاقات العامة في البلدية، " قرار منع الصيد في حوض الميناء صدر من قبلنا ولكن الرقابة ليست من اختصاصانا".

أما وزارة الزراعة ممثلة بدائرة (الثروة السمكية) فتعتبر أن مسؤولية رعاية حوض الميناء كمحمية طبيعية يقع على عاتق الشرطة البحرية بالدرجة الأولى.

وقال وكيل مساعد وزارة الزراعة إبراهيم القدرة لـ"الرسالة نت " قرار منع الاصطياد من حوض الميناء جاء بناء على عدم صحية الأسماك التي تتكاثر في هذا الحوض، وبالتالي فإن المراقبة موجودة لكن قد يكون التنفيذ فيه تراخ في بعض الأوقات".

وأشار القدرة إلى أن حوض الميناء يعتبر بركة شبه مغلقة، والمياه التي بها غير متجددة وتحتوي على الكثير من الملوثات خاصة من مراكب الصيد من الزيوت، بالإضافة إلى المياه العادمة.وبين الشكوى والرد وغياب المسؤولية، تبقى أزمة الصيادين طافية على سطح ميناء غزة.

 

البث المباشر