بعد الاحتفال باتفاق المصالحة

الفلسطينيون ينتظرون المرحلة التالية

رامي خريس

تراجعت تدريجياً مظاهر احتفال الفلسطينيين بتوقيع اتفاق المصالحة في القاهرة وحلت محلها مشاعر ممزوجة بالأمل والخوف من المستقبل ، فبعد أن حانت ساعة العمل لتطبيق بنود الاتفاق وأولها اطلاق سراح المعتقلين لم يلحظ الفلسطينيون أي تغير على أرض الواقع بل وبقى المعتقلون السياسيون وراء الأسوار ينتظرون ساعة الفرج التي يبدو أنها لم تحن بعد.

وبدأ المواطن الفلسطيني يرسم في مخيلته صورة للمستقبل القريب بناءً على ما توفر له من معلومات حول شكل المصالحة التي جرى الاتفاق حولها وبين الحقائق وردت شائعات كثيرة سرت خلال الايام الماضية قبل توقيع الاتفاق وزادت بعده وكل يوم تتأخر فيه رؤية تحقيق المصالحة على الأرض تزداد الأخبار الكاذبة ومعها يزداد قلقهم من المجهول.

الحديث عن النتائج

وتحول الحديث عن المصالحة واتفاقها الى الحديث عن نتائجها وراح كل مواطن لاستشراف ما يمكن أن تنتجه وكان أهم ما يدور في خلد كل واحد منهم تأثير تلك المصالحة على مستقبله الشخصي ، وهناك فقست اشاعات أخرى وأقاويل من هنا وهناك ومنها ما نقل من احالة اغلب عناصر السلطة السابقة إلى التقاعد وكذلك إنهاء ملف تفريغات 2005 ،  وهو ما دفع وزارة الداخلية في غزة أن تصدر بياناً ينفي هذه الاشاعات مستهجنة الهدف من وراء نقلها.

ولم تقتصر البلبلة في الشارع على المعلومات التي تتحدث عن الوظائف وكيفية التعامل معها بل امتد الحديث عن مصير المعتقلين في الضفة الغربية الذين اعتصم ذووهم اول من امس للمطالبة بإطلاق سراحهم كأحد نتائج اتفاق المصالحة وبدأت المخاوف تتسلل مرة أخرى إلى صدور المواطنين فاطلاق المعتقلين يعتبر من أهم وأول ثمرات الاتفاق المنتظر حصادها وهي الاختبار الاول الذي يتمنون أن يتحقق ، بل وهو الاسهل والايسر للتنفيذ.

تشاؤم وشكوك

المتابعون لوسائل الاعلام الفلسطينية يرون بشكل واضح أن حدة التحريض قد خفت الى درجة كبيرة بعد توقيع اتفاق المصالحة الا أنها لم تتلاش كلياً فلا تزال كتابات بعض الصحفيين تحمل في طياتها نوعاً من التشاؤم حيال سلوك الاطراف الذي فيه التباس الى حد كبير ، بل إن بعض المؤسسات الاعلامية لا تزال مغلقة حتى هذه اللحظة.

الشكوك امتدت لتشمل الحديث عن الدور المصري فبعد أن كان الحديث يدور حول وصول وفد مصري إلى الضفة وغزة لمتابعة تنفيذ الاتفاق ، نقلت بعض المصادر الصحفية عن مسؤولين مصريين قولهم ان هذا الامر لا يزال مبكراً وأنه قد يحصل في وقت لاحق ، وهو ما فتح الباب أمام تأويلات عديدة ،فإذا لم يتابع احد سير الاتفاق والالتزام بتنفيذ بنوده ، فكيف يمكن ضمان الالتزام به وبروحه؟ الامر الذي قد يؤدي الى تهرب البعض من مسؤولياته .

على أية حال فإن توقيع الاتفاق قد تم والجميع ينتظر البدء بتنفيذه على ارض الواقع ، وترقب نتائج هذا التطبيق وتفصيلاته ، مع ادراك الجميع أن هناك تحديات كبيرة  في المرحلة القادمة يمكن تجاوزها بإيمان الطرفين بضرورة انهاء المرحلة السابقة وتداعياتها ، وان أي انتكاسة جديدة –لا سمح الله- لن تؤدي فقط الى انهيار الاتفاق بل قد تودي بالفلسطينيين الى المجهول.

البث المباشر