رامي خريس
لا تزال المشاورات حول حكومة التوافق جارية وتشهد تقدماً بحسب تصريحات مسؤولين من حركتي حماس وفتح ، ومن الواضح أن المدة الزمنية المحدودة التي ستزاول فيها الحكومة القادمة مهامها تقلل من أهميتها – بحسب ما يرى المراقبون - فأقصى مدة متوقعة لها عام لحين اجراء الانتخابات كما نص اتفاق المصالحة .
ومع ذلك فإن "حكومة المهمات" تلك كما يطلقون عليها تواجه عقبات كثيرة ، من أبرزها المرجعية التي ستمنحها الشرعية ، فحركة فتح تطالب بحسب بعض المصادر بعدم عرض الحكومة على المجلس التشريعي – بخلاف ما يقرره القانون الاساسي - والاكتفاء بحلفها ورئيسها اليمين القانونية أمام الرئيس محمود عباس، وهو ما يصطدم برفض حركة حماس التي تعتبر ذلك تعطيلاً لدور المجلس وتجاوزا الصلاحيات التي منحها له القانون الأساسي، الذي ينص بوضوح على وجوب عرض الحكومة على المجلس قبل مباشرتها مهامها.
استنساخ
وبهذا الطرح تحاول فتح استنساخ الآلية التي شكل فيها رئيس السلطة محمود عباس حكومة فياض التي استمدت شرعيتها من أدائها اليمين الدستورية أمامه ولم يتم عرضها على المجلس التشريعي.
وتذكر المصادر أن الحجة التي تسوقها فتح لعدم عرض الحكومة على التشريعي هو أن يمثل ذلك مسوغاً لتطبيق القرارات التي اتخذها المجلس خلال مرحلة الانقسام، حيث كان يلتئم بأعضائه من كتلة التغيير والاصلاح بصفتها تحظى بأغلبية المقاعد ، بل وتشير المصادر إلى أن عباس يخشى بشكل خاص أن يطالب المجلس بالنظر في المراسيم والقرارات التي اتخذها خلال فترة مرحلة الانقسام في حال التئامه.
حجة ضعيفة
ولا يبدو أن حجة فتح قوية بإصرارها على عدم عرض الحكومة بعد تشكيلها على المجلس التشريعي ،بل إن ذلك يعتبر مخالفة دستورية ، حتى لو كان ذلك بتوافق من الحركتين، ولا يشكل أداؤها اليمين أمام الرئيس لوحده اجراءً سليماً ، بل إنه بحسب القانون الاساسي لا تحصل الحكومة على شرعيتها بدون موافقة التشريعي عليها بأغلبية أعضائه.
لكن قد يكون هناك سبب آخر يدفع حركة فتح للإصرار أن تكون مرجعية الحكومة هو الرئيس عباس ، فبهذه الطريقة تكون قد جردت حماس من أهم استحقاقات فوزها في انتخابات عام 2006، والذي منحها اغلبية حاسمة في المجلس التشريعي ، وإذا جرى التنازل عن دور المجلس التشريعي فإنه في حين نشوب أي خلاف في اطار الحكومة لن يكون للمجلس أي دور في حسم الخلاف، بل لن يكون للمجلس أو أعضائه أي صلاحية حقيقية لمتابعة ومراقبة أداء الحكومة ، وهو ما تريده على ما يبدو حركة فتح .
الخلاف حول المرجعية هو واحد من العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة الذي يعتبر من اسهل الملفات التي يمكن اجتيازها في اتفاق المصالحة ومع ذلك فإن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن تقدم اتفاق المصالحة طالما لم تتشكل حتى اللحظة حكومة التوافق.