مقال: قراءة في ردود الفعل الإسرائيلية على فتح معبر رفح

د. عدنان أبو عامر

توالت ردود الأفعال من قبل المؤسستين السياسية والعسكرية الصهيونية منذ إعلان السلطات المصرية لفتح معبر رفح بشكل دائم، حيث هدّد عدد من المسئولين الصهاينة بمنع تطبيق القرار على الأرض، وطالب آخرون بوضع مراقبين لعدم السماح بدخول الأسلحة لقطاع غزة، فيما ذكرت أوساط أمنية أن فتح المعبر يُضاف إلى سلسلة مفاجآت لم تستطع أن يتوقعها "النظام الأمني الصهيوني".

حيث لفت مدير الفرع السياسي والأمني في وزارة الحرب، عاموس غلعاد، إلى أن هذا الفشل في توقع السلوك المصري تجاه المعبر، يضاف إلى سلسلة إخفاقات استخبارية في الآونة الأخيرة، من بينها تقدير الاستخبارات العسكرية قبل الثورة المصرية بأن نظام مبارك مستقر، إلى جانب عدم توقع اتفاق المصالحة بين فتح وحماس.

 تهريب الوسائل القتالية:

في ذات السياق، خففت مصادر صهيونية من حدة التصريحات المذكورة، وقالت أن المعبر لن يفتح بشكل كامل، في ظل أن منطقة الشرق الأوسط تمر بفترة انقلابات وتغيرات، ومصلحة "إسرائيل" العليا مع مصر تتمثل بمنع تهريب الوسائل القتالية، معبرة عن عدم انزعاجها الكبير من فتح المعبر.

الباحث الصهيوني، أساف غولان: رأى بأن الحكومة المصرية فتحت معبر رفح على نقيض الموقف الصهيوني، وبدون تنسيق أمني حقيقي مع قوات الجيش "الإسرائيلي"، وهو ما تتحمل مسؤوليته حكومة "نتنياهو" بسبب هذا القرار المصري أحادي الجانب، بعد أن نجحت حكومة حزب كاديما السابقة بزعامة "أولمرت" في فرض الحصار بغطاء دولي على حركة حماس، وبذلك يعتبر قرار فتحه "فشلاً سياسياً" للحكومة الحالية. وأضاف: بسبب الضعف السياسي لهذه الحكومة، وعجزها عن خلق تنسيق وتعاون مع الجهات الدولية، تسببت في عزلة "إسرائيل"، وضعف مواقفها الأمنية، بينما تزداد حماس قوة، ومرة أخرى يتبين أنها تتحدث بقوة ضد حماس، ولكن عملياً فإن الأخيرة تزداد قوة، وبأبعاد لم تحدث في الماضي، ولعل فتح المعبر أحد الدلالات الهامة.

المراسل الصهيوني، بوعاز فايلر: اعتبر بأن "الضجيج" المثار داخل تل أبيب حول فتح المعبر ليس ذا جدوى، لأن هذا القرار لا يمثل مشكلة فظيعة، بل إنه يحتوي على جوانب إيجابية، ما يتطلب من "إسرائيل" التركيز على خلق ضغط دولي، يتسبب في قيام السلطة المصرية الجديدة بتعزيز التعاون معها، بدلاً من تجاهلها.

الخبير في مركز "عيزري" لأبحاث إيران والخليج، والخبير في المجتمع والسياسية الفلسطينية بجامعة حيفا، عيدو زلكوفيتش: اتفق مع فايلر، وقال: "على المدى الطويل، فإن فتح المعبر أمر جيد لـ"إسرائيل"، وإذا ما فتحت المعابر من ناحية مصر، فسترفع المسؤولية عن "إسرائيل"، وستتحمل تزويد قطاع غزة بالسلع الأساسية، وستصبح مصر هي البوابة الرسمية". وأبدى اعتقاده أن مصر ستتبادل المعلومات التي ستجمعها من المعبر مع "إسرائيل"، لذلك ينبغي التعامل مع فتح المعبر كـ"فرصة وليس كمخاطرة"، مقترحاً التفكير في "كيفية استخلاص أكبر فائدة من أجل المصالح الإسرائيلية".

رئيس جهاز "الشاباك" السابق، آفي ديختر: اعتبر بأن فتح المعبر قضية فرعية مقابل ظاهرة تهريب الأسلحة من مصر إلى قطاع غزة، مشدداً على أن ما يهم هو "معرفة هل تغيرت السياسة المصرية؟ لأنه لو لم تتغير السياسة، فنحن أمام مشكلة، سواء كان المعبر مفتوحاً أم مغلقاً.

الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الصهيوني، غيورا آيلاند: رأى بأن فتح المعبر يخدم المصلحة "الإسرائيلية"، ولا ينبغي معارضته، لأن "إسرائيل" متهمة بأنها تسيطر على غزة من خلال حصار، والأمر يبرر العمل ضدنا، بما في ذلك الأسطول التركي السابق، والأسطول القادم، وكل شيء آخر".

وأشار إلى أنه يؤيد فتح المعبر، لأن "إسرائيل" ستستطيع الزعم أن غزة لا توجد تحت الحصار، مع شرط أن نحسن استغلال الأمر على الصعيد الدولي، وفي هذه الحالة سيكون الأمر ميزة لنا، لأن الزعم بأن فتح المعبر سيؤدي لتهريب أسلحة هو "مجرد هراء تام"، حسب قوله، لأن ما يدخل ويخرج اليوم في غزة هو ما يسمح به المصريون، لذا، لو كانوا يسمحون بالتهريب، فإن هذا الأمر سيتم بانتظام، ما يعني عدم حدوث تغيير، ولو لم يرد المصريون دخول بضائع أو أشخاص محددين، فلن يدخلوهم، لأنه يمكن منعهم في المعبر.

ويواصل: من الناحية الأمنية لا يوجد ضرر من فتح المعبر، ومن الناحية السياسية هناك ميزة كبرى، وليس بالضرورة أنه لو حدث شيء جيد لحماس، فهو سيء لنا، وهناك العديد من الأمثلة.

تغير استراتيجي

مصادر أمنية صهيونية أعربت عن اعتقادها أن "إسرائيل" تحاول تحليل الوضع الجديد بعد فتح المعبر، لأنه يشير إلى "تغير إستراتيجي" في العلاقات بين مصر وحماس، وهو ما تجب دراسة أبعاده جيداً، في حين تحاول أوساط أخرى التقليل من شأن هذه الخطوة، لأنه إزاء التغير الإستراتيجي فلا يوجد تغيير جوهري من الناحية التكتيكية، لأن عبور عدد أكبر بقليل من الناس للمعبر "أمر هامشي" بالمقارنة مع استمرار نشاط تهريب أسلحة في الأنفاق.

وأضافت: هناك عدة حقائق معروفة للجيش الصهيوني والهيئات ذات الصلة، من بينها أنه منذ الثورة المصرية، هناك "تراجع" في السيطرة المصرية على سيناء، و"تقارب" بين مصر وحماس، ومن المتوقع حصول تغييرات في المعبر نفسه.

وزير البنية التحتية، عوزي لانداو: اتّهم مصر بخرق الاتفاقات باتخاذها هذا القرار، باعتباره "تطوراً مؤسفاً"، لأن القرار يتيح حرية الحركة للأشخاص والبضائع عبر المعبر، وسيسمح بمرور المزيد من الذخائر والمعدات العسكرية والمسلحين.

وزير المالية، يوفال شتاينتس: لفت إلى أن فتح المعبر "يؤكد أهمية أن تراقب "إسرائيل" بمفردها الحدود لمنع دخول الأسلحة، ومن جهة أخرى يؤكد ضرورة بقاء "إسرائيل" في غور الأردن, من خلال قوة عسكرية، وفي تجمعات سكنية مدنية.

وزير المواصلات، يسرائيل كاتس: وصف القرار بأنه "إجراء أحادي الجانب، يمكن أن ينطوي على مخاطر أمنية، وإذا تولى المصريون مسؤولية الغزيين، فستعلن "إسرائيل" في الوقت المناسب قطع كل الاتصالات، ووقف إمدادات الكهرباء والماء والمواد الأساسية، وهو ما يتفق مع تحليل بدأ يروج في الآونة الأخيرة مفاده أن إعادة فتح المعبر يظهر أن مصر تولت بحكم الأمر الواقع المسؤولية عن سكان غزة، وهو حلم لطالما راود "إسرائيل".

أوساط أمنية صهيونية لفتت إلى أن قرار فتح المعبر يبعث "قلقاً عميقاً" لديها، والتخوف الفوري أن يسمح ذلك لحماس وغيرها من المنظمات بأن تستورد وسائل قتالية بلا حدود، وهذه حجة مقنعة، من الناحية الظاهرية، لكن أربع سنوات من الإغلاق لم تمنع نقل الأسلحة، أو إنتاج الصواريخ في القطاع، كما أن تقارير أجهزة الأمن عن تزود حماس بصواريخ حديثة بكميات كبيرة تدل على ذلك.

 

البث المباشر