قائد الطوفان قائد الطوفان

مع قلة أماكن الترفيه

في غزة..الطفولة مسلوبة في ظل الحصار الخانق

أمهات : زيارة أهلي النزهة الوحيدة لأطفالي

أبو هين : الترفيه مدخل لصحة الإنسان

أبو القمبز :الحصار يعيق إنشاء مشاريع ترفيهية

غزة - أمل حبيب

في أحد أزقة غزة كانوا يلعبون ..أطفال بنظرات تتحدى كل أشكال القهر والظلم , أجسام ضعيفة وآمال بسيطة , بدأ كبيرهم بتوزيع قطع من الخشب البالي عليهم ثم نادى بصوت مرتفع يعاند فيه آهات الأيام : يا أبطال هيا لنحرر الأقصى من المعتدين..طائراتهم الورقية تحلق بعيدا لتصل عنان السماء حاملة معها أمانيهم المتواضعة لفك الحصار ونيل الحرية المنشودة .

فأماكن الترفيه في غزة حدودها لا تتسع لأحلام الأطفال البريئة وخطواتهم المندفعة , يفرحون عند ركوبهم لعبة كهربائية بالكاد تعمل , يغطي ملامحها صدا وتآكل , وما إن تبدأ بالعمل حتى تبرق بهجة في عيونهم , كأنهم ملكوا الدنيا وما فيها ..

المتنزهات والبلدية

"زيارة أهلي النزهة الوحيدة لأطفالي" هكذا أجابت أم سامر عن سؤال الرسالة لها ما إذا كانت تخصص وقتا معينا للتنزه مع أطفالها, وأضافت :" الظروف مش مساعدة ,وزيارة أهلي في الشهر مرة تكفي لتسلية أطفالي , وأطلب من المسئولين إنشاء منتزه صغير في كل حي ليرفه الأطفال عن أنفسهم ."

مطلب أم سامر أخذه المهندس عبد الرحيم أبو القمبز مدير عام الصحة والبيئة في بلدية غزة بعين الاعتبار , حينما أكد أبو القمبز على اهتمام البلدية بزيادة المساحات الخضراء والمناطق الترفيهية من خلال إعادة اعمار وزراعة بعض المنتزهات والحدائق  التي تعرضت للقصف والتجريف أثناء الحرب الأخيرة على القطاع.

وقال:"هناك خطط ومشاريع لإعادة ترتيب حديقة معسكر الشاطئ التي استهدفت بصواريخ مباشرة في الحرب الأخيرة وتزويدها بالإنارة والممرات والألعاب والنجيل بتمويل من العاملين بمؤسسات اليونيسيف.

وأضاف :" ستشرع البلدية قريبا في إعادة ترميم وصيانة منتزه برشلونة الكائن في منطقة تل الهوى وهي منحة ستقدم من بلدية برشلونة ومقاطعة كاتالونيا باسبانيا."

وأشار أبو القمبز الى بعض المشاكل التي تعيق إنشاء مشاريع ترفيهية من حدائق وملاهي وذلك بسبب الحصار الخانق المفروض على القطاع فهي تحتاج إلى تمويل كبير ومواد بناء ومستلزمات عديدة يندر وجودها في سجن كبير كغزة .

ترفيه يعادل المخاوف

أما رضا الحلو أم لثلاثة أطفال فترى أن أطفال غزة لا يعيشون كباقي أطفال العالم فلعبتهم المفضلة هي " يهود وعرب " ومعظم ألعابهم مستمدة من واقعهم المؤلم لذلك هم بحاجة للترفيه عن النفس ."

من ناحيته قال الأخصائي النفسي  الدكتور فضل أبو هين : الطفل الغزي أكثر حالة تحتاج للترفيه لأنه يمر بتجارب قاسية ومنها الحرب الأخيرة على غزة , مضيفا : "مرور الطفل بتجربة الحرب ليس بالأمر السهل بسبب ما شاهده من أهوال وفظائع لا يتحملها الكبار قبل الصغار ."

وتابع :" أدى ذلك إلى توليد حالة من الخوف والقلق وصدمات نفسية وبذلك فهو يحتاج إلى تفريغ هذه الطاقات الحائرة والمتوترة عن طريق الترفيه وقضاء وقت ممتع يعادل المخاوف التي بداخله".

وبين أبو هين ان قلة أماكن الترفيه في غزة تعود بالضرر على جميع أفراد المجتمع لان الطفل سيصبح مصدر إزعاج للأهل والجيران لأنه يمتلك طاقة حائرة لا يعرف أين يفرغها فيتجه بذلك إلى اللعب بالشوارع وحول برك المياه المتجمعة في فصل الشتاء التي تتسبب في نقل الأمراض والأوبئة إليه.

الطفلة ليندا خمس سنوات تحدثت (للرسالة)  وعلى وجهها ابتسامة صغيرة :" في عنا ملاهي بالبيت, ماما عملت مرجيحة حلوة بلعب عليها أنا  وخواتي " وأضافت:" كنا نروح على منتزه برشلونة بس اليهود قصفوه وماما عملتنا ملاهي بالبيت " .

أما الحاجة أم علاء فهي مستاءة من الأوضاع السياسية, غير مقتنعة بأهمية الترفيه في الوقت الحالي , معللة ذلك بان الوضع غير مستقر في غزة قائلة :" الله يهدي البال ويصلح الحال ,الوضع في غزة غير مستقر, فلا يوجد وقت للترفيه و الله يفرجها وتتحسن الظروف".

وجدير بالذكر بان قطاع غزة يعيش تحت حصار خانق منذ ما يقارب الثلاث سنوات .

أهمية الترفيه

وأكد أبو هين بان للترفيه أهمية كبيرة في حياة الأطفال , مشيرا إلى انه مدخل صحة كل شيء في الإنسان , فهو مدخل صحة العقل والجسد والتربية والتعليم وغيرها , فمن خلاله يستطيع الطفل أن يفرغ الشحنات الانفعالية والتوترات التي إن بقيت بداخله ستولد اضطرابات نفسية وتشل كل مصادر الحياة , قائلا : "قلة أماكن الترفيه في غزة هي مشكلة وتحتاج إلى حل , ونحن بحاجة إلى وسائل وأماكن ترفيهية من حدائق ومنتزهات لتتيح المجال لإدخال عوامل السعادة وتمد الإنسان بطاقات ايجابية تدفعه للانجاز والإبداع ".

ووجه أبو هين رسالة للمجتمع والأسرة مفادها " رفع الوعي الأسري بأهمية تخصيص وقت معين للتنزه والتسلية , للخروج من الحيز الروتيني اليومي وتعويض الطفل الغزي عن قلة المنتزهات والملاهي في غزة ولو بالقليل  ". 

أتسلى معهم ولو بالقليل

لكن أم محمود لم تستسلم للواقع المرير فلقد خصصت وقتا للعب مع أطفالها قائلة :" اهتم بتخصيص وقت معين للترفيه عن أطفالي فأتسلى معهم ولو بالقليل , فنرسم مع بعضنا البعض  ونلون بالألوان إضافة إلى التحدث إليهم عن يومهم الدراسي ومناقشتهم في مشاكلهم , وقبل النوم أقص عليهم حكاية ما قبل النوم".

وأضافت :" أتمنى من وزارة التربية والتعليم زيادة الرحلات الترفيهية للتخفيف من صعوبة المناهج الدراسية وتشجيع الطلاب على الإبداع والانجاز".

هي مناشدة من أطفال غزة تدعو العالم العربي والدولي للتدخل السريع في رفع الحصار الظالم , من اجل التخفيف من آلامهم ومعاناتهم وليستعيدوا طفولتهم المسلوبة.

 

 

البث المباشر