قائد الطوفان قائد الطوفان

حقنا للدماء .. علماء الأمة يطالبون بإلغاء مباراة مصر والجزائر

الرسالة نت -وكالات

في الوقت الذي تتوجه فيه الأنظار اليوم صوب ملعب المريخ بالعاصمة السودانية الخرطوم الذي يستضيف مباراة مصر والجزائر لحسم بطاقة التأهل لنهائيات كأس العالم لكرة القدم بجنوب إفريقيا 2010، وسط مخاوف من تفجر أعمال عنف بين مشجعي البلدين، مع استمرار التطاحن الإعلامي والجماهيري الذي بلغ ذروته في أعقاب مباراة السبت الماضي، أبدى العديد من علماء الأمة استنكارهم لظاهرة الهوس الإعلامي والشعبي المصاحب للمباراة، متوجهين بدعوات إلى الشعبين المصري والجزائري أن "أطفئوا النار التي أوقدها الشيطان قبل أن تحرق الجميع.

وفي رسالتين توجها بهما إلى الشعبين المصري والجزائري وأرسلا إلى "المصريون" نسختين منهما، حث الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والداعية الإسلامي الدكتور صفوت حجازي، الجماهير في كلا البلدين الشقيقين على وقف حملة التصعيد المتبادلة، والحفاظ على عرى الأخوة في العروبة والإسلام، مشددين على حرمة دم المسلم وأنها أعظم عند الله من حرمة الكعبة فكيف هانت لتكون أهون من حرمة لعب الكرة إن كان لها حرمة، محذرين من أن استمرار النار المشتعلة بين الطرفين لن تستثني أحدًا وستلتهم الأخضر واليابس، على ما أكدا في رسالتيهما.

وتوجه الشيخ القرضاوي في رسالته بنداء خاص إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة "الرجل الذي أعتز بصداقته" من أجل المبادرة لإطفاء هذه الفتنة التي أشعلها الشيطان بين الأخ وأخيه، وأن يستعين بالعقلاء من قومه لإطفائها، أيا كانت نتيجتها، فيكسب رضا الله، وثناء العقلاء من الخلق، ويجنّب قومه عواقب وخيمة لا يكسب منها غير أعداء العرب والمسلمين، مذكرًا بالتاريخ المشترك بين البلدين يوم قدَّم الجزائريُّون مليون شهيد في معركة الحرية، ووقف المصريون وراءهم عسكرياً وإعلامياً وسياسيًّا، ودور المصريين في تعريب التعليم والتحرير الفكري والتنوير الديني في الجزائر.

في المقابل، توجه الداعية الدكتور صفوت حجازي بنداء إلى الرئيس المصري حسني مبارك دعاه فيه إلى اتخاذ قرار "حكيم" بالانسحاب من مباراة اليوم حقنا لدماء المسلمين في مصر والجزائر والسودان، محملاً كل مسئول في يده اتخاذ قرار وكل إعلامي يزكي نار الفتنة والتعصب وكل مشجع يذهب إلى الاستاد مسئولية الدماء والخسائر والشحناء والبغضاء الناتجة عن هذه الملهاة والمهزلة، مشددًا على حرمة الدماء، محذرًا من أن وقوع أعمال عنف قد يترتب عليه إهدار دماء مسلم هو أمر يحرمه الإسلام أعظم من حرمة الكعبة.

وشاطره الرأي الداعية الإسلامي الشيخ يوسف البدري، قائلا إنه الأولى أن تلغى المباراة بدلا من أن يتم فيها سفك دماء المسلمين، وإن كان لابد من اللعب، فيجب أن يكون ذلك في إطار من الأخلاق الإسلامية التي ترمى إلى التواد وروح المحبة، فهذا رسول الله يسابق السيدة عائشة وتسبقه هي مرة فلم يغضب، فلما سبقها المرة الثانية غضبت قال لها يا عائشة: "هذه بتلك"، وأقول للجزائريين انتم غلبتم ثم بعد ذلك غلبتم فهذه بتلك.

ووصف ما جرى بين الشعبين المصري والجزائري بأنه شيء محزن ومخز ويندى له الجبين، وقال إن هذا الأمر مخالف لتعاليم الإسلام؛ فالبلدان إسلاميان ونحن جميعا ندين بالإسلام والكرة ليست الشيء الذي نحرص عليه، لأنها لا تطعمنا ولا تسقينا ولا نتقدم بها، إنما هي مجرد لعبة تعصب وتأتي بالكثير من المشكلات، ونرى من يموتون إما صدمة فرحا بالنصر أو حزنا للهزيمة.

وحمل المسئولين في كلا البلدين المسئولية عن الدماء التي سالت، وأضاف: الدم الذي سال من الجانين يتعلق برقاب كل مسئول من كلا البلدين، لأنهم جميعا كانوا حريصين على هذا، معتبرا أن كل من اعتدى على دم مسلم وقع في إثم كبير، مدللا بقول رسول الله "صلى الله علية وسلم: "لزوال الدنيا عند الله أهون من سفك دم امرئ مسلم".

وحث الشعبين المصري والجزائري على ألا يقابلوا السوء بالسوء وأن يقابلوه بالعقل والحكمة والقول الصالح، مؤكدا أنه لا داعي لأهل الجزائر أن يقابلوا الهزيمة بهذه الخشونة إن كانوا حقا مسلمين ورياضيين.

وفي الجزائر، انتقد الناشط الإسلامي الدكتور أحمد بن محمد، المرشح السابق لانتخابات الرئاسة الجزائر "التحريض" الإعلامي الذي رافق مباراة الجزائر ومصر في القاهرة مساء السبت الماضي، وأعرب عن أسفه لما آلت إليه العلاقات بين البلدين جراء هذا التحريض، وحمل مسئولية ذلك إلى النظامين الجزائري والمصري.

وقال في تصريحات لوكالة "قدس برس": "للأسف الإعلام بسوء نية أو بخطأ عبأ الشباب في البلدين، بحيث أبعد عنه احتمال الهزيمة في مباراة كروية فيها الخاسر والرابح، ولكم كان المنظر مؤلما بعد انتهاء المباراة في الشارع الجزائري، حيث ساد حزن عميق مختلف الأرجاء كما لو أننا فقدنا كم مليونا من الجزائريين، لذلك فإن الطينة الطيبة أسيء استخدامها، وكتب إعلاميون جزائريون من أجل الانتقام من مصر وكأننا دخلنا حربا معهم، وانساقوا وراء الجزء الأكبر من الإعلام المصري حتى أن شيخ الأزهر، وحاشى الأزهر من ذلك، دخل على الخط للدعاء للفريق المصري".

واعتبر أن لجوء الشباب الجزائري والمصري إلى الرياضة يعكس شعورا باليأس والإحباط من أي تغيير، وقال: "في البداية لا يسعني إلا أن أنوه بشباب الجزائر وبما يتميز به من مشاعر وطنية كان من المفروض استثمارها في أمور طيبة لا في إذكاء نار الحقد مع الأشقاء المصريين كما فعل النظام المصري والجزء الأكبر من الإعلام المصري، هذا الشباب التجأ إلى الكرة مثلما التجأ إلى المسجد مثلما التجأ إلى الانتحار مثلما التجأ إلى البحر، وأن يقتل بعضه بعضا للتعبير عن يأسه وإحباطه من كل شيء".

وحمل بن محمد مسئولية هذا التحريض الإعلامي إلى النظامين الجزائري والمصري، وقال: "المشكلة ليست في الشعبين الجزائري والمصري وإنما في النظامين الحاكمين، المشكلة في الجزء الأكبر من الإعلام المصري، الذي تطاول على الشعب الجزائري وثورته".

استعداد أمني مكثف

في هذه الأثناء عززت السلطات السودانية إجراءاتها الأمنية استعدادًا لمباراة مصر والجزائر اليوم بالخرطوم لحجز بطاقة التأهل لنهائيات كأس العالم لكرة القدم، وذلك مع توقع حضور الآلاف من مشجعي البلدين، حيث يخشى من اندلاع أعمال عنف بين الطرفين.

وقال عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم إن 15 ألف رجل شرطة سيتم نشرهم في شوارع العاصمة السودانية كما سيتم تشديد إجراءات الأمن في الفندقين اللذين يقيم فيهما المنتخبان المصري والجزائري، وأكد الاستعداد لمواجهة أي طارئ.

وأضاف أنه يتوقع وصول 48 طائرة تحمل مشجعين جزائريين و18 طائرة لمشجعين مصريين بالإضافة إلى أكثر من ألفي مصري يصلون بالحافلات. وسيحصل مشجعو كل فريق على تسعة آلاف تذكرة وستخصص 17 ألف تذكرة للجماهير السودانية.

وكان آلاف المشجعين المصريين توافدوا على السودان خلال الأيام الماضية لتشجيع المنتخب المصري في مباراته الحاسمة، حيث خصص الحزب "الوطني" الحاكم عددًا من الطائرات لنقل المشجعين إلى الخرطوم.

وأعلن الحزب "الوطني"، أن جمال مبارك الأمين العام المساعد أمين السياسات بالحزب يولي اهتمامًا كبيرًا بالاستعدادات للمباراة المرتقبة، وأنه يقوم بنفسه بمراجعة كافة الترتيبات أولا بأول وتذليل الصعوبات في عمليات تنظيم رحلات الطيران التي تحمل مشجعي مصر من كافة روابط مشجعي كرة القدم سواء الأهلي أو الزمالك أو غيرهم من الأندية مع الحرص على تحمل الحزب لتكلفة نفقات السفر الخاصة بهم.

أزمة طالت العمالة

وفي قرية ميت الديبة التابعة لمركز قلين بكفر الشيخ، تجمهر أكثر من 5 آلاف شخص من أهالي القرية أمام منزل جمال سعد الدين عضو مجلس الشعب عن دائرة قلين والمقيم بالقرية، وذلك لتقصي مصير أولادهم العاملين في الجزائر، بعد أعمال العنف التي طالت عددا من المصريين في أعقاب مباراة السبت الماضي.

ويعمل أكثر من 200 فرد من أبناء هذه القرية بشركات "أوراسكوم" و"إيداكو" و"المقاولون العرب"، وقد طالب أهالي العاملين عضو مجلس الشعب لمطالبته الاتصال بوزارة الخارجية المصرية لتأمين أولادهم، ورد النائب مؤكدا أنه اتصل بوزير الخارجية أحمد أبو الغيط موضحا له أن جميع المصريين العاملين سوف يعودون إلى مصر خلال 48 ساعة على أقصى تقدير.

وأكد أحد الأهالي ويدعى خيري رمضان أن ابنه سعد يعمل بشركة "إيداكو" منذ ثلاثة أشهر، وقد انقطعت الاتصالات معه منذ 10 أيام لكنه اتصل به أمس الأول وأكد له أنه جريح بعد إصابته بقطع الرأس بعد هجوم العمال الجزائريين عليه في موقع العمل، وأن الشرطة رحلته هو وجميع العمالة المصرية إلي فنادق بالعاصمة الجزائرية وسوف يصلون اليوم جميعا إلي القاهرة بعدما تم تصفية عملهم بالشركة.

وقال إن ابنه حمادة قد غادر الجزائر منذ 15 يوم وكان يعمل بنفس الشركة وذلك بسبب اشتباك بينة وبين أحد العمال الجزائريين بسبب المباراة أيضا فرحلته الشركة و15 عاملا مصريا من نفس القرية.

وظل المتجمهرون أمام منزل النائب حتى صباح أمس عندما اتصل بهم محمد إبراهيم سعيد أحد العمال المصرين بـ "أوراسكوم بالجزائر" وأكد لهم أنهم بخير وسوف يأتون اليوم علي أقصى تقدير وبعدها انصرف الأهالي، وسافر النائب إلى القاهرة لتأمين سلامة العمال المرحلين من الجزائر وسط حشود من القرية ينتظرون وصول أبنائهم.

 

 

البث المباشر