قائد الطوفان قائد الطوفان

الموظفون يصرخون ... مصارف غزة تفتقر للسيولة النقدية

غزة /لميس الهمص

تواجه المصارف العاملة في قطاع غزة أزمة مالية بسبب فقدان السيولة اللازمة من العملات، مما ينذر بعدم تمكن الموظفين من الحصول على رواتبهم لهذا الشهر، كما اشتكى العديد من المواطنين اختفاء الدولار من البنوك, مما وضع الموظف أمام خيارين إما صرف الراتب بالشيقل بسعر البنك الذي يعد منخفضا إذا ما قورن بالسوق أو الانتظار دون تحديد مواعيد .

** نقص السيولة

وفي هذا السياق قال أبو بلال الموظف في وكالة الغوث أنه لم يتمكن من استلام راتبه بالدولار ، مبينا أن البنك يخيره اما الحصول على راتبه بالشيكل وبسعر البنك وإما الانتظار.

وذكر أن الموظف هو الضحية في هذه المشكلة كونه محتاجا لاستلام راتبه مع بداية الشهر في ظل الغلاء وعليه أن يتحمل الفرق الكبير بين سعر البنك والسوق.

وأشارت أم أحمد التي تعمل مدرسة إلى أن موظف البنك أكد لها أنه من حقها سحب ما تشاء من رصيدها المستحق لها، إلا أن البنك لا يمكنه منحها راتبها بعملة الدولار لعدم توفر السيولة النقدية لديه، ويسمح فقط لها بسحب جزء من راتبها بعملة الدولار والبقية بالشيكل.

وأكدت أم أحمد  أنها لا تستطيع توفير متطلبات أسرتها بجزء من الراتب وتضطر لصرف باقي المستحق لها بعملة الشيكل، ما يعني خسارة جزء من راتبها يصل أحيانا إلى مائتي شيكل.

وتعتمد اسر كثيرة في غزة -التي يعمل أربابها في الوظيفة الحكومية- في العيش على الرواتب التي تدفع أول كل شهر، وإذا لم تحل الأزمة، فان هذه الأسر لن تستطيع توفير مستلزماتها الأساسية، مما يزيد من حجم "الكارثة الاقتصادية"، التي خلقها الحصار، وجعل 80% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الغذائية الخارجية.

*** مغادرة الدولار

وكانت عملة الدولار شحت حتى في السوق السوداء، بسبب خروج الدولار من غزة أو تخزينه من قبل التجار ومن يمتلكونه، وعدم توريد مبالغ إضافية.

وأوضح مصدر مصرفي محلي أن هناك نقصاً في سيولة عملة الدولار في بنوك قطاع غزة بسبب عدم سماح الحكومة الإسرائيلية بإدخال السيولة النقدية للمصارف من بنوك رام الله إلى بنوك قطاع غزة، مشيراً إلى أن ما تم إدخاله في الأشهر السابقة من سيولة نقدية لا يغطي احتياجات 50% من رواتب الموظفين في القطاع.

وأشار المصدر الذي فضل التحفظ على اسمه في تصريحات له إلى أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ذاتها لم تستطع تأمين سيولة نقدية بالدولار الخاصة بموظفيها، لافتا إلى أن البنوك واجهت صعوبة في صرف رواتب الموظفين.

وقال: إن بعض البنوك صرفت 25% من رواتب الموظفين بالدولار وسمحت بصرف الباقي بعملة الشيكل، مشيراً إلى أن غالبية البنوك لم تستطع الصرف إلا بالشيكل.

وأكد المصدر أن نقص السيولة النقدية في البنوك يؤثر بشكل سلبي على المصارف وسياسة البنك من حيث تقديم البرامج والخدمات للعملاء.

وفي ذات السياق أوضح أبو محمد حرز الله صاحب أحد محلات الصرافة أن السبب الرئيس في الأزمة هو الحصار وعدم السماح بإدخال العملات الأجنبية مما زاد الطلب على الدولار في ظل نقص إدخال المطلوب ، مبينا أن تجارة الأنفاق التي فرضتها حالة الحصار تتركز على عملة الدولار مما زاد الطلب عليها من غير تعويض فأخل التوازن الموجود في السوق.

وذكر حرزالله أن الوضع قبل الحصار كان يستلزم إدخال العملات بشكل يومي فكيف إذا منع إدخالها لأشهر عدة ، وتابع " فهذا بالتأكيد سيخلق أزمة تسببت في نفاد عملة الدولار من البنوك والكثير من محال الصرافة" .

ونوه إلى أن سوق صرف العملات في غزة إضافة إلى بنوك القطاع دون استثناء أصبحت الآن تعيش أزمة حقيقية مع نقص الدولار، لافتا إلى أن العديد من التجار وأصحاب محال الصرافة الذين يتعاملون مع هذه البنوك سحبوا مؤخرا كميات كبيرة من الأموال لاستثمارها في تجارة الأنفاق وشراء البضائع وإدخالها عن طريقها.

***حلول عملية

من جانبه أرجع المحلل الاقتصادي د. معين رجب الأزمة للحصار المفروض على غزة والذي يمنع تحويل الأموال من الضفة الغربية ومن الخارج عن طريق الحوالات وهذا يؤدي لقلة السيولة ، كما أن سداد فاتورة المشتريات التي تأتي عبر الأنفاق دون تعويض تلك السيولة عن طريق التصدير يعتبر من الأسباب الأساسية للأزمة.

وإضافة إلى ذلك حرص المواطون على الاحتفاظ بما لديهم من مدخرات داخل منازلهم خوفا من استبدالها إذا كانت في البنوك بعملات أخرى في حال فقدان السيولة بما يلحق بهم الضرر.

وقال رجب:" الحلول تكمن في محاولة البنوك في حال نقص العملة تقديم العملات المتوفرة لديها بسعر صرف مناسب ودون فرق كبير بين سعر البنك وسعر صرف السوق ، كون البنوك يمكنها التحمل أكثر من المواطنين لامتلاكها فروع في الضفة الغربية يمكنها من خلالها تدارك الأزمة.

ويضيف كما أن أصحاب المدخرات لابد أن يكون لديهم استعداد بإيداع مدخراتهم في البنوك وأن يتعاملوا معها بشكل آمن لأنهم بذلك يستطيعون توفير السيولة داخل البنوك .

كما أوضح أن سلطة النقد والحكومة في غزة يجب أن يكون لهما دور في حل الأزمة وذلك ببذل سلطة النقد جهدها لدى السلطات الإسرائيلية للسماح بدخول ما تحتاجه البنوك من سيولة ، علاوة على أن الحكومة بإمكانها إيداع ما لديها من أموال في البنوك ، مبينا أن فك الحصار هو الحل الجذري لهذه المشكلة.

والمعروف أن الأموال التي تورد إلى مصر لشراء البضائع، وتدخل هي الأخرى عبر الأنفاق، لا تعود مجددا إلى قطاع غزة، كون أن عملية البيع والشراء تتم من طرف واحد، وهو ما عزز أزمة فقدان السيولة.

ووفقا لتقديرات المختصين في العملات تصرف عشرات الملايين من الدولارات بشكل شهري على هذه التجارة، بسبب استمرار إسرائيل بإغلاقها لمعابر القطاع التجارية.

وكانت سلطة النقد قد حذرت من نفاد الأوراق النقدية وزعزعة ثقة المودعين بالبنوك العاملة في قطاع غزة إذا استمرت إسرائيل في فرض القيود على دخول الأموال إليها.

وقال جهاد الوزير محافظ سلطة النقد أن شح الأموال أدى إلى عزوف الفلسطينيين في القطاع عن التعامل مع البنوك واللجوء إلى الاحتفاظ بأموالهم على الطريقة الكلاسيكية "تحت الفرشة أو في محافظهم الخاصة".

وتضطر سلطة النقد الفلسطينية في كل شهر إلى إجراء اتصالات مع الجانب الإسرائيلي مستعينة بجهود ممثل اللجنة الرباعية توني بلير والبنك الدولي لإدخال الأموال إلى بنوك غزة وغالبا ما تأتي الموافقة الإسرائيلية على إدخال مبالغ مالية اقل من المطلوبة.

وأمام استمرار أزمة نقص السيولة تبقى موافقة الاحتلال على إدخال الأموال إلى غزة المخرج الوحيد من المشكلة .

 

 

البث المباشر