قائد الطوفان قائد الطوفان

يلهث وراء السراب

عباس يواصل بحثه عن أنصاف الحلول

رامي خريس

يعد رئيس السلطة محمود عباس الشعب الفلسطيني بإقامة دولة على ورق الأمم المتحدة في أيلول-سبتمبر المقبل ، وعلى الأرض يسعى لـ"دولة النص" التي تعتمد على نصف الاشياء، نصف الراتب ونصف المصالحة ونصف الشرعية، ونصف التسوية وصولاً إلى نصف الوطن أو ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك بكثير.

الوهم

وبهذه الطريقة يحاول أن يبيع الوهم للفلسطينيين، فالمفاوضات التي قال في أكثر من مناسبة انها خياره الاستراتيجي لم تحقق له شيئاً وبدلاً من الاعتراف بالواقع، هرب إلى الأمام وقال أن في جعبته خيارات أخرى سيلجأ لها إذا لم تستجب حكومة الاحتلال وتوقف عملية البناء في المستوطنات ، وعندما لم تستجب "اسرائيل" لطلبه، قال أنه سيتوجه في أيلول سبتمبر المقبل الى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية الموعودة التي قيل أنها لن تتحقق حتى على الورق بسبب قوانين الامم المتحدة وفق تصريح للمندوب الدائم لفلسطين سابقاً وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حالياً ناصر القدوة الذي قال إن اعتراف الأمم المتحدة بالدولة غير واقعي لأن الامر بحاجة الى قرار من مجلس الامن الذي سيخضع في نهاية المطاف للفيتو الامريكي.

بل ان عباس نفسه لم يحسم أمره بعد، فحتى هذه اللحظة لم يقدّم طلبا خطيا بهذا الأمر للأمين العام للأمم المتحدة، وبنفس الوقت يتم الحديث عن إمكانية العدول عن هذه الخطوة في حال التزام (إسرائيل) باستحقاقات العملية السلمية وبالتحديد تجميد الاستيطان، وهو ما يجعل المراقبين يتحدثون عن إمكانية "مناورة فلسطينية" بموقفها هذا وتلك الخطوة بحسب المراقبين دعائية اكثر منها خطوة جادة للتطبيق، الهدف منها الحصول على بعض المكاسب السياسية في عملية التسوية.

بل إن ضغوطاً كبيرة بدأت تمارسها الولايات المتحدة ودول غربية بهدف ثني عباس عن أية خطوة "غير محسوبة"، وقبل ايام فقط صوت مجلس النواب الأمريكي "الكونغرس" على وقف المساعدات للسلطة في حال الإصرار على الذهاب إلى سبتمبر.

ضغط

ويبدو ان الضغوط امتدت لتشمل الدعم المالي للسلطة التي دفعت لموظفيها نصف راتب عن الشهر الماضي وقال رئيسها أنها قد لا تتمكن من دفع راتب الشهر القادم ، وهنا يكون عباس قد اخفق في تنفيذ وعوده بالرخاء الاقتصادي الذي ستحققه عملية التسوية التي لم تحقق بناء الدولة.

وفي الوقت الذي يتطلع فيه الرئيس عباس الى المفاوضات ودولة أيلول رمى وراء ظهره "المصالحة الداخلية" بعد أن تحقق نصف المراد منها أو اقل بتوقيع اتفاق القاهرة وترك النصف الثاني بتنفيذ استحقاقاتها مرهوناً لما يمكن أن تسفر عنه الأيام المقبلة من  نتائج تحركاته لعله يحصل على شيء ما من "الاحتلال" أو أية وعود جديدة من الادارة الأمريكية.

وهكذا يواصل عباس بحثه عن أنصاف الحلول والوعود والاوهام بدلاً من البحث عن علاج جذري وفعال للقضايا الفلسطينية المختلفة، وكل ذلك يستهلك وقتاً يضيع معه الوطن الذي قبل أقل من نصفه وربعه بكثير.

 

البث المباشر