غزة-الرسالة نت خاص
يقول المثل الشعبي القديم " من عاشر القوم 40 يوما أصبح منهم"، ويبدو أن هذا المثل بات بالفعل يتحقق في قطاع غزة، وبالتحديد مع الجندي الإسرائيلي الأسير لدى فصائل المقاومة جلعاد شاليط، فهو عاشر القوم "كتائب القسام" أكثر من خمسة سنوات، الأمر الذي جعله-بحسب التوقعات- يخجل من طلب الطعام من آسريه، رغم أنهم لا يقصرون في حقه بكل تأكيد.
شاليط وفي اليوم الثاني من شهر رمضان الكريم والذي يصادف اليوم، قرر أن ينسى حكومته التي باتت "تفرط به ولم تعد تهتم بقضيته"، وأن يترك كل عادات عائلته اليهودية الديانة، وأن يقلد المسلمين بعد ما رآه من معاملة حسنة من آسريه، حتى في صيامهم.
لم يعد شاليط كذلك، لأن رئيس حكومته بات منشغلا بالمظاهرات الاحتجاجية في تل أبيب، ولم يعد يسمع على قناة "إسرائيل الأولى" أي خبر عنه، بل أن قضية الشقق السكنية باتت تذكر أكثر منه في نشرات الأخبار، الأمر الذي دفعه للاكتئاب وفقد الأمل من انجاز صفقة تضمن له حريته، بل أن لسان حاله يقول "شاليط يريد اسقاط النظام".
ودخل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط قبل حوالي شهر ونصف من الآن في السنة السادسة في قبضة المقاومة الفلسطينية التي أسرته في عملية الوهم المتبدد التي استشهد فيها مقاومين وقتل فيها ضابط وجنديين إسرائيليين وأسر خلالها جندي المدفعية الإسرائيلية في موقع كرم أبو سالم العسكري شرق رفح جنوب قطاع غزة.
يدخل شاليط عامه السادس بيد المقاومة وقد مرت على قضيته حكومتان إسرائيليتان وحرب إسرائيلية شرسة ضد القطاع ومئات الجولات من المفاوضات (بوساطة مصرية وألمانية وغربية) لمبادلته بألف فلسطيني يقبعون منذ سنين في سجون الاحتلال، وهي التي وصلت أخيرًا لقرار إسرائيلي بتشديد الخناق على الأسرى للضغط على حماس لتتراجع عن شروطها.
كما تُلقي ذكرى رمضان السادسة لأسر شاليط بظلال ثقيلة على الكيان الإسرائيلي كعنوان لفشل أمني مستمر، وهي التي تفتخر بأن لديها أقوى أجهزة الأمن بالمنطقة، وتضع القطاع الساحلي الضيق المكتظ بالسكان تحت مجهرها القوي من أقمار اصطناعية ومناطيد وطائرات تجسس، وتحاصر 1.7 مليون غزي من كل الجهات حصارًا محكمًا بمساعدة دولية منذ سنوات على أمل تحرير جندييها الأسير.
وقد وجد هذا الفشل طريقه في اعترافات أشكنازي وديسكن وموفاز ودغان وغيرهم من قادة الأمن الإسرائيلي.
ويقبع حوالي 6500 أسير فلسطيني وغيرهم من العرب في سجون الاحتلال الاسرائيلي دون أن يجدوا صوتًا لآلامهم لدى مدعي القانون والإنسانية الدولية، بينما يجد شاليط أبواقًا رنانة تذكر اسمه في كل المحافل، وهو الذي أسر من دبابته التي كان يقصف بها الأطفال في القطاع.