غزة-الرسالة نت
مر الأدب الفلسطيني المعاصر بمرحلتين، كان للثانية منهما أثر كبير في تغيير مساره ووسمه بسمة خاصة ميزته عن بقية الأدب العربي المحيط، هذه المرحلة هي احتلال فلسطين على يد العصابات الصهيونية وإعلانهم دولة لهم على ترابها عام ١٩٤٨.
وقبل أن يتفاعل أدباء الأرض المحتلة مع مأساتهم إبداعا، كان الأدب الفلسطيني قبل هذا التاريخ متأثرا بالمناخ الأدبي العربي العام الذي كانت المكانة الكبرى فيه للشعر على حساب الفنون الأخرى، هذا مع وجود كتاب نثر متميزين مثل إسعاف النشاشيبي (١٨٨٠-١٩٤٧) .
و كان إبراهيم طوقان (١٩٠٥- ١٩٤١) في طليعة هؤلاء الشعراء، وكذلك فدوى طوقان ومطلق عبد الخالق (١٩١٠-١٩٣٧) وعبد الرحيم محمود ( ١٩١٣-١٩٤٨) وعبد الكريم الكرمي أبو سلمى (١٩١١-١٩٨٤) حيث لم يكن لهذين الأخيرين نفس المكانة الشعرية والشهرة على مستوى البناء الفني للقصيدة، ولكن شهرتهما جاءت من قوة طرح الموضوع السياسي الحاضر على الساحة الفلسطينية في تلك الفترة.
أما الفن القصصي قبل عام ٤٨ فقد كان في مراحله التجريبية، شأنه في ذلك شأن القصة العربية بشكل عام، والتي كانت تفتقر حينها إلى النضج الذي يؤهلها لترسيخ نفسها ومزاحمة الشعر، ، ورغم ذلك فقد عرفت أسماء مثل خليل بيدس (١٨٧٥- ١٩٤٩) وأحمد شاكر الكرمي (١٨٩٤-١٩٢٧) وجميل البحري (توفي عام ١٩٣٠) الذي أصدر أول رواية فلسطينية تحت عنوان الوريث والتي ظهرت في القدس عام ١٩٢٠ ونشر أيضا مجموعة قصصية بعنوان آفاق الفكر عام ١٩٢٤ في القاهرة.
وقد أسس كل من هؤلاء الأدباء مجلة أدبية خاصة وأشرف على تحريرها بنفسه وكانت معظم ما تنشره قصصا مترجمة، كانوا يقومون بترجمتها بأنفسهم من اللغات الأوروبية والآداب العالمية.
وفي عام ١٩٤٣ أصدر إسحق موسى الحسيني الرواية الفلسطينية الثانية تحت عنوان مذكرات دجاجة وقد كتب لها المقدمة د.طه حسين، وقد طبعت عدة مرات لما حصلت عليه من شهرة آنذاك في العالم العربي.
بطبيعة الحال، فقد جاءت نكبة ٤٨ حاملة معها جرحا عميقا في الجبين الفلسطيني خاصة والعربي عامة، تلك المأساة التي صبغت الأدب الفلسطيني بلونها القاني وما زالت، خاصة بعد أن عمقت هزيمة حزيران عام ١٩٦٧ من الجرح وحولت الشعر الفلسطيني إلى شعر مقاومة بالدرجة الأولى.
وقد اشتهر الكثير من الشعراء الفلسطينيين الذين كتبوا للمقاومة، أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد والقصصي غسان كنفاني وغيرهم ممن أنجبتهم سنوات الكفاح الطويل.