الآبار العشوائية أخطر على المياه من الاحتلال
الانقسام أثر على تنفيذ مخططات ضخمة للتحلية
غزة-عبدالحميد حمدونة
لا يزال سكان قطاع غزة يعانون الأمرين من مسببات الحصار الصهيوني المفروض عليهم منذ خمس سنوات متتاليات، ابتداء بأزمة السفر للخارج مرورا بنقص الأدوية الحاد والمستمر، وليس انتهاء بشح المياه وملوحتها في شتى مناطق القطاع.
"الرسالة نت" حاورت المهندس منذر شبلاق - مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل- للاطلاع على مشاكل المياه وحفر الآبار العشوائية، ومشاكل مياه المنازل التي لا تصلح للاستخدام الآدمي، وآليات حلولها.
لا يضمن
في بداية حديثه، قال شبلاق أن أزمة المياه لم تأت فجأة، وأنها عبارة عن تراكمات منذ نهاية القرن الماضي، مفادها أن القطاع يواجه كارثة بيئية خطيرة في المستقبل القريب، مبينا أنه كان المطلوب حينها وجود خطة مرضية بإيجاد مصادر بديلة على اعتبار أن الخزان الجوفي لا يضمن الاحتياجات المتزايدة للقطاع ذي الكثافة السكانية الأكبر عالميا.
وبيّن أن من عناصر الأزمة التي تعصف بالوضع المائي تغير المناخ، وقلة تساقط الأمطار التي وصلت إلى (200-250) ملم سنويا، وكذلك عدم وجود بنية تحتية وقلة الوعي لدى المواطنين وحفر الآبار العشوائية، لافتا إلى أن الاحتلال هو السبب الرئيس في الأزمة منذ احتلاله قطاع غزة حتى قدوم السلطة الفلسطينية.
وعن أسباب ملوحة المياه في مناطق عديدة في القطاع، قال شبلاق: "95% من مياه القطاع أصبحت غير ملائمة للاستخدام الآدمي، لأن الملوحة فيها ثلاثة أضعاف الوضع الطبيعي"، مضيفا أن الاستهلاك السنوي للمياه يصل إلى 180 مليون م3، بينما العائد من مياه الأمطار لا يتجاوز 90 مليون م3، وأن التناقص السنوي أدى إلى زحف مياه البحر إلى نظيرتها الجوفية إلى أن وصل الزحف 2000 متر أي حتى شارع الجلاء وسط مدينة غزة.
وأشار المهندس شبلاق أن انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة سبب كفيل في ازدياد ملوحة المياه ونقصها عن المناطق التي تنقطع عنها الكهرباء، مشددا في الوقت ذاته على حاجة ترميم البنى التحتية في القطاع وإنشاء خزانات مياه لسد العجز المائي للسكان.
يشار إلى أن مصلحة مياه بلديات الساحل هي أول مؤسسة وطنية مهنية ينطوي تحت مظلتها جميع إدارات المياه والصرف الصحي في بلديات القطاع وذلك ضمن أربع مصالح للمياه ثلاثة منها في الضفة الغربية وواحدة في غزة، وشهد العام 2000 شهادة ميلاد للمصلحة حينما تم اعتماد مذكرة التفاهم التي وقعها رؤساء بلديات قطاع غزة.
الانقسام سبب
وتذمر مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل من الوضع السياسي الفلسطيني الذي يلقى بظلاله السلبية على الخطوات التي تتبعها شركته، مطالبا طرفي الصراع (فتح وحماس) للتعجيل في إتمام المصالحة التي من شأنها الشروع في بناء محطات تحلية في مناطق عديدة على شاطئ بحر غزة.
وفيما يتعلق بحفر الآبار العشوائية من قبل المواطنين، أكد شبلاق أن مصلحة المياه ليست صاحبة الاختصاص في هذه المجال، وأن صاحب الأمر والنهي هو سلطة المياه ووزارتا الزراعة والحكم المحلي، محذرا من أن الآبار الموجودة هي أكثر ضررا على المياه الجوفية من الاحتلال.
وعما إذا كان هناك حل جذري للمعضلة، لفت شبلاق إلى أن الشركة لديها دراية باستحالة وجود حل جذري في ظل اختفاء المصادر غير التقليدية على اعتبار أن هناك وتيرة متسارعة في زيادة الملوحة، موضحا أن المصلحة تعمل على توفير محطتي تحلية في رفح ومثلهن في خان يونس والوسطى، يتم من خلالهن خلط مياه البحر مع مياه صالحة والخروج بحل وسط.
وقال: "كل ساعة تنتج المحطة 50 كوبا من المياه الصالحة للشرب، وفي اليوم الواحد يصل الإنتاج إلى 1200 كوب، والتي تصل شريحة هامة وكبيرة من المحتاجين للمياه"، مضيفا أن المشاريع التي أنشأتها مصلحة المياه منذ 2005 وحتى 2011م، وصلت قيمتها لـ 160 مليون دولار تبرعت بها الدول المانحة.
وبخصوص طريقة التواصل مع الجهات الحكومية بشأن مشاكل المياه الذي يعيشه سكان القطاع، أكد شبلاق أن مصلحته جهة خدماتية تخضع لرقابة سلطة المياه، وأن هناك تكامل في الأداء للارتقاء بالخدمة، مبينا أن اللغة مشتركة بينهم لتعزيز موقف الطرف الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه.
وقال "نجهز مشروعا بالتعاون مع سلطة المياه لتكوين النواة الأولى لمحطة تحلية مياه لمعسكر الشاطئ غرب مدينة غزة، وهناك مشروع لتحلية 13 مليون م3 من المياه قبل نهاية العام في مدينتي رفح وخان يونس".
"تقترح دول حوض البحر المتوسط تمويل مشاريع تحلية مياه قطاع غزة، تصل تكلفتها 200 مليون يورو، خلال الست سنوات المقبلة"، بهذه الجملة أنهى المهندس شبلاق حديثه لدى سؤال "الرسالة" عما إذا كانت هناك مشاريع تمويل جديدة من الدول المانحة.