الرسالة نت - أمل حبيب
دهش أطفال أبو محمود حينما وقفت سيارة السلطة الرابعة أمام منزلهم، فهرعوا لإخبار والدهم الذي ظل جالسا في مكانه ظنا بأنها تائهة المكان أو أنها تقصد بيت جاره.لم يتوقع أبو محمود للحظة أن أحدا سيطرق بابه ليسلط الضوء على مأساته المكبوتة، وخصوصا لأنه يتميز بدرجة عالية من عزة النفس ولم يعتاد على السؤال ومد يده للجمعيات أو المؤسسات الخيرية.
عند دخول فريق (ألم وأمل) منزله بدأت تتكشف صور المأساة شيئا فشيئا, فألواح (الزينقو) المتآكلة تحاول أن تستر ألمهم.. أما قطع الثياب الرثة المستخدمة كأبواب عجزت أن تمنحهم الخصوصية في حياتهم.
"البيت ضيق.. ما في شبابيك ولا أبواب.. نفسي أتوسع".. هي كلمات نطق بها ألم أبو محمود ثم اكتفى قائلا: "الشكوى لغير الله مذلة".
في البيت نفسه يقيم ابن شقيق أبي محمود اليتيم.. فقد رباه عمه كأحد أبنائه, وجدير ذكره أن أبا محمود له 50 مترا فقط من المنزل والباقي لابن أخيه اليتيم.
رائحة الفقر تنتشر في كل بقعة من المنزل, فالفراش البالي هو السائد، وخزانة عاف عليها الزمن تستنجد بمن ينتشلها من مأساتها بعدما بترت أطرافها واستأصلت أمعاؤها, وألواح (الزينقو) تبعث لهيبا ولا يوجد مروحة تلطف الأجواء عليهم.
أم محمود تحلم بأن يصبح لأطفالها خزانة تلملم بها ما لديهم من بقايا ثياب, وثلاجة بدلا من سؤال الناس لتبريد المياه لديهم, وتقول بحسرة: "يا ريت يصير عنا ثلاجة بدل القديمة (...) والله بخجل من الجيران لما يحنوا علينا بالمياه الباردة".
أبو محمود يقف عاجزا أمام أحلام زوجه وأطفاله لسبب إصابته بإعاقة في يده اليمنى نتيجة خلع كتفه عند الولادة, ولكنه في الوقت نفسه يتمنى أن يحصل على عمل أو بطالة تناسب إعاقته ليطعم أطفاله ويصرف على أسرته.
يتألم أطفال أبو محمود على حال والدهم كثيرا، فلجأ علام (15 عاما) إلى استئجار الخيل من جاره لتوصيل البضائع وبيعها مقابل نصف الربح, واستمر في العمل ولكن الطامة هي عند وفاة الحصان وإرغام الأب على دفع ثمنه, فتراكمت الديون عليه, وما يحزن في الأمر أن أبا محمود لا يجد ثمن غذاء الحصان حتى يجد ثمن الحصان نفسه.
واشتكت شقيقة أبو محمود -كانت وقت زيارة "الرسالة"- من عدم تجاوب المؤسسات الخيرية قائلة: "أخويا بيخجل وما في حدا بسأل", ولولا وجود شقيقته وقت الزيارة لما استطاع أبو محمود إكمال جملة واحدة توضح معاناته, فطوال الوقت يقف جنبا وينظر أرضا ويردد: "الحمد لله".
هي مناشدة لأهل الخير والجمعيات الخيرية لمساعدة أبو محمود في تحسين وضعه أو تحقيق جزء من أحلامه, فأمثاله بحاجة لمن يدعمهم حتى يحافظ على بقايا كبريائه وعزة نفسه.
http://www.alresalah.ps/ar/index.php?act=play&id=14