قائد الطوفان قائد الطوفان

في العيد.. عوائل الشهداء تحنَّ لمن تحت الثرى

الرسالة نت - عبدالحميد حمدونة

بمجرد أن صدح أذان المغرب من مساء يوم الخامس والعشرين من رمضان الماضي، بدأت عائلة العرابيد كباقي عوائل القطاع تتناول طعام الفطور، إلا وجاءها خبر استشهاد ابنها سليم مع تكبيرات الأذان الأولى.

لم تتنظر الأم ولا الزوجة إكمال الطعام، فنهضت العائلة سريعا صوب مستشفى كمال عدوان حيث يرقد جثمان الشهيد.

ذلك المشهد لم يغب عن ذاكرة أهل الشهيد سليم المنظم في صفوف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في أول أيام عيد الفطر المبارك، حالها كحال باقي عوائل الشهداء الذين يفتقدون فلذات أكبادهم في مثل هذه المناسبات.

وكعادة أهل غزة المكلومين، فإن أول عيد يمر على أهل الشهيد بعد استشهاد ابنهم، تراهم يفتحون بيت عزاء مصغر في داخل البيت لاستقبال التعازي في العيد بدلا من الانشغال بالزيارات الأسرية.

وهكذا عائلة العرابيد فقد فتحت أبواب بيتها على مصراعيه لاستقبال الحشود التي جاءت لمشاركتهم عزاء رحيل ابنهم البكر، الذي استشهد وهو ينتظر ولادة أول مولود له.

أمنية لم تتحقق

"لا طعم للعيد، ولا للحياة بدون ابني"، بهذه الكلمات رددت والدة الشهيد سليم لـ"الرسالة نت" عن ابنها الذي لم يمض عيد عليهم إلا ويقبل يديها وجبينها في صباحه الباكر ويعطيها "العيدية"، حسبما تقول.

وتقول أم سليم متأملة صورة ابنها المزينة حائط المنزل: " كان ابني طموحاً ومعطاءً وذو شخصية قوية, وكنت أثق فيه كثيراً, واختار بنفسه طريق الجهاد"، مضيفة أن سليم كان منذ نعومة أظافره خلوقا ومطيعا لوالديه وملتزما.

وتصف والدته الصابرة أنه وقبل استشهاد سليم بأيام لوحظ عليه كثرة زياراته لأقاربه وكأنه يودعهم، وتسرد والدموع تسرق فرحة العيد منها " تزوج ولدي ورزقه الله بطفل لم يرى النور بعد, وكان يتمنى رؤية طفله البكر، ولكن قدر الله شاء دون ذلك واستشهد "سليم" ومازال طفله في أحشاء أمه".

والده لم ينصدم للحظات، وقد توقع استشهاد ابنه في أي لحظة، عاد بشريط ذكرياته إلى يوم استشهاد سليم، وأوضح لـ"الرسالة نت" :" هاتفته زوجته قبل دقائق من استشهاده، ثم أغلق الهاتف، فقالت زوجته (أنا قلقانة) سليم أغلق الهاتف(..)".

وقال: "أثناء تناولنا وجبة الفطور سمعنا صوت انفجاريين فشعرنا أن هناك شيئا حدث لسليم, اتصل أخوه عليه لكن دون رد"، مبينا أنهم تلقوا خبر استشهاده من أحد أصدقاء سليم الذي ردد الشهادة قبل استشهاده.

وفي نهاية حديث والده, أكد الخمسيني أبو سليم أنهم كباقي العوائل الفلسطينية التي تقدم أبنائها شهداء لأجل فلسطين، لتكون منزلته في الفردوس الأعلى، مشددا على أن الصبر والاحتساب هو مطلب لا بد منه.

وكان الشهيد المجاهد "سليم العرابيد" ارتقى شهيداً في الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك يوم الخميس الموافق 25-8-2011 أثناء تأديته لمهمته الجهادية برفقة الشهيد المجاهد "علاء حمدان" في شمال قطاع غزة، وقد أطلقت طائرات الاستطلاع الصهيونية على دراجتهم النارية صاروخين أردتهما شهيدين على الفور.

هذا المشهد الدرامي لا يقتصر على عائلة العرابيد فحسب، فهناك الآلاف من العوائل الفلسطينية تعاني خلال العيد من فقدان الأعزاء والأبناء، وبدلا من الاستمتاع به وزيارة الأقارب تراهم يقاسون الأمرين مستذكرين أياما قضت في صحبة هؤلاء الحاضرين الغائبين.

البث المباشر