غزة- كمال عليان
أثارت قضية صرف بعض البنوك لرواتب الموظفين بعملة "الدينار أو الدولار" حفيظة وغضب الكثير من الموظفين، الذين اعتبروا أنها دليلا على استمرار البنوك في سياسية "مص دماء الموظفين" حسب وصفهم.
وكان البنك الإسلامي الفلسطيني في قطاع غزة، قرر صرف رواتب الموظفين بعملة الدولار والدينار، نظرا لوجود "أزمة في السيولة"، حسب ما أوضح البنك للموظفين.
الشيكل محرم!!
وفي هذا السياق قال أبو محمد الموظف في حكومة رام الله أنه لم يتمكن من استلام راتبه بالشيكل، مبينا أن البنك يخيره اما الحصول على راتبه بالدولار أو الدينار وبسعر البنك وإما الانتظار.
وذكر أن الموظف هو الضحية في هذه المشكلة كونه محتاجا لاستلام راتبه مع بداية الشهر في ظل الغلاء وعليه أن يتحمل الفرق الكبير بين سعر البنك والسوق.
وأما أبو خالد فأكد أن موظف البنك أكد له أنه من حقه سحب ما يشاء من رصيده المستحق له، إلا أن البنك لا يمكنه منحه راتبه بعملة الشيكل لعدم توفر السيولة النقدية لديه، ويسمح فقط له بسحب جزء من راتبه بعملة الشيكل والبقية بالدولار أو الدينار.
وأشار أبو خالد إلى أنه مضطر لأخذ راتبه بأي عملة نظرا لكثرة متطلبات الحياة والبيت، وتأخر الرواتب، الامر الذي يجعله يخسر "فرق عملة" قد يصل أحيانا إلى 200 شيكل.
وتعتمد اسر كثيرة في غزة -التي يعمل أربابها في الوظيفة الحكومية- في العيش على الرواتب التي أصبحت متذبذبة، وإذا لم تحل الأزمة، فان هذه الأسر لن تستطيع توفير مستلزماتها الأساسية، مما يزيد من حجم "الكارثة الاقتصادية"، التي خلقها الحصار، وجعل 80% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الغذائية الخارجية.
نقص السيولة
وكانت عملة الشيكل شحت في العديد من البنوك في قطاع غزة، بسبب رفض الجانب الإسرائيلي إدخال الأموال الفلسطينية بعملة الشيقل، وعدم توريد مبالغ إضافية.
وأوضح مصدر يعمل في البنك الإسلامي الفلسطيني أن هناك نقصاً في سيولة عملة الشيكل في البنك بسبب عدم سماح الحكومة الإسرائيلية بإدخال السيولة النقدية للمصارف من بنوك رام الله إلى بنوك قطاع غزة.
وقال المصدر :" إن البنك ليس عنده بديل غير الدولار والدينار عن الشيقل والظروف تحكم على المواطن أن يحصل على الدولار والدينار", مشيرًا إلى أن فرق السعر بين السوق السوداء وسعر الشاشة يتحمله المواطن وعليه وحده تعود الخسارة.
وأضاف:" إن البنك لا يتحمل مسئولية هذه الأسعار فهي أسعار عالمية, وفي النهاية فإن راتب الموظف موجود في البنك ولا نطالبه أن يأتي ويصرفه بالدولار أو الدينار وليبقى الراتب في البنك حتى تتوفر عملة الشيقل وعندها يمكن للمواطن استلام راتبه كاملاً".
حلول ممكنة
من جانبه أرجع المحلل الاقتصادي د. معين رجب الأزمة للحصار المفروض على غزة والذي يمنع تحويل الأموال من الضفة الغربية ومن الخارج عن طريق الحوالات وهذا يؤدي لقلة السيولة ، كما أن سداد فاتورة المشتريات التي تأتي عبر الأنفاق دون تعويض تلك السيولة عن طريق التصدير يعتبر من الأسباب الأساسية للأزمة.
وإضافة إلى ذلك حرص المواطنون على الاحتفاظ بما لديهم من مدخرات داخل منازلهم خوفا من استبدالها إذا كانت في البنوك بعملات أخرى في حال فقدان السيولة بما يلحق بهم الضرر.
وقال رجب:" الحلول تكمن في محاولة البنوك في حال نقص العملة تقديم العملات المتوفرة لديها بسعر صرف مناسب ودون فرق كبير بين سعر البنك وسعر صرف السوق ، كون البنوك يمكنها التحمل أكثر من المواطنين لامتلاكها فروع في الضفة الغربية يمكنها من خلالها تدارك الأزمة.
ويضيف كما أن أصحاب المدخرات لابد أن يكون لديهم استعداد بإيداع مدخراتهم في البنوك وأن يتعاملوا معها بشكل آمن لأنهم بذلك يستطيعون توفير السيولة داخل البنوك .
كما أوضح أن سلطة النقد والحكومة في غزة يجب أن يكون لهما دور في حل الأزمة وذلك ببذل سلطة النقد جهدها لدى السلطات الإسرائيلية للسماح بدخول ما تحتاجه البنوك من سيولة ، علاوة على أن الحكومة بإمكانها إيداع ما لديها من أموال في البنوك ، مبينا أن فك الحصار هو الحل الجذري لهذه المشكلة.
وفي السياق ذاته, أوضح المحلل الاقتصادي سمير أبو مدللة أن معظم البنوك الفلسطينية في قطاع غزة في الفترة الأخيرة افتقدت لعملة الشيقل, لذلك فالسلطة طلبت تحويل مبلغ 380 مليون شيقل من مستحقاتها لدى الجانب الإسرائيلي.
وقال:" إن الجانب الإسرائيلي رفض تحويل هذه الأموال بالشيقل كنوع من التضييق ومواصلة الحصار على قطاع البنوك, الأمر الذي اضطر البنوك إلى اللجوء للصرف بعملتي الدولار والدينار الأردني".
وأضاف:" إن بعض البنوك تحتفظ بعملة الشيقل دون بنوك أخرى, ولكن في البنوك دائمًا العملات الأكثر استقرار هي العملات الصعبة مثل الدولار والدينار وليس من مصلحة البنوك أن تمنع تحويل الأموال إلى المواطنين".
وأمام استمرار أزمة نقص السيولة تبقى موافقة الاحتلال على تحويل الأموال "بالشيكل" إلى غزة المخرج الوحيد من المشكلة.