مصطفى الصواف
واقع مرير تحياه ثقافتنا الفلسطينية على كل الصعد الرسمية والأهلية، حتى بات الحديث عن الثقافة نوعا من الترف والنظر إليها على أنها من الكماليات التي يجب ألا نشغل أنفسنا بها كثيرا وأن هناك أولويات أكثر أهمية ومقدمة عن قضية الثقافة التي يمكن أن تؤجل إلى أجل غير مسمى.
منطق معوج وفهم مغلوط لدور الثقافة في الحفاظ على القيم والتراث وإغفال لسلاح خطير لو أحسنا استخدامه فلن يقل تأثيره عن البندقية والقذيفة لأن جزءا من معركتنا معركة ثقافية تراثية حضارية، لان صراعنا مع العدو لم يعد ميدان القتال بل باتت كل الميادين ميدانا للقتال وعلى رأسها الحرب الثقافية الهادفة إلى التغريب والتشويه للحقائق والتاريخ والموروث الثقافي والحضاري الفلسطيني، وإلا ما هو تفسير أهل الحل والعقد لهذه الهجمة المسعورة التي يقوم بها الاحتلال في تهويد كل المعالم الحضارية الفلسطينية والإسلامية في مدينة القدس وبقية أنحاء فلسطين المحتلة.
الحجارة الصماء بات الاحتلال يعمل على تهويدها ويطلق عليها مسميات وتواريخ ويبين أنها جزء من هذا المعبد وذاك الكنيس، والحقيقة أنها حجارة مقدسية فلسطينية عربية إسلامية نحتت بأيد أموية إسلامية وليست كما يحاول الاحتلال أن يضفي عليها تاريخا يهوديا أو معلما تراثيا كهنوتيا يهوديا؛ لأنه يريد أن يثبت ذلك ثقافيا ويزرع في العقل اليهودي أن هناك وجودا يهوديا ضاربا في التاريخ عبر التزييف للثقافة والتراث الفلسطيني الإسلامي الذي نغفل عنه ولا نعيره اهتماما كون الثقافة والتراث من الكماليات المهملة.
يجب أن يعاد الاعتبار للثقافة والتراث الفلسطيني وان يعطى أولوية كبيرة من قبل الجهات الرسمية والشعبية ويجب أن ندرك خطورة هذا المجال وأهميته كونه أحد الوسائل للحفاظ على الذاكرة الفلسطينية وأحد أدوات الحماية للتاريخ والتراث الذي يحاول الاحتلال تغييبه وطمسه، ونساعده نحن في عدم فهمنا لأهمية الثقافة ولدور المثقفين لإبقاء الذاكرة حية متوقدة حامية للقضية الفلسطينية وللمواطن الفلسطيني.
صناعة الوطن التي تسبقها صناعة المواطن الصالح العالم العارف القادر على مواجهة محتل قذر ولئيم ويحمل كل أساليب الكيد والتزوير لا يتم إلا من خلال تسليح هذا المواطن بحضارته وثقافته وتراثه وهذا عمل شاق ويحتاج إلى جهد المخلصين في هذا المجال.
دعوتنا أن أعيدوا لنا عقولنا من خلال إحياء ثقافتنا الفلسطينية وحضارتنا وتراثنا، وأولوا الثقافة الاهتمام الكامل كونها أحد أهم أسلحة المقاومة للمحتل وميدان من ميادين المواجهة وسلاح يمكن أن نحقق من خلاله انتصارات لتثبيت حقنا التاريخي والحضاري الذي أكدته كل الأبحاث والدراسات العملية المنصفة.