بقلم الدكتور : احمد بحر
الصلاة والسلام على قائد العز المحلجين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال تعالى " { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ }
في الذكرى الثانية والعشرين لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" نتذكر البيان الأول للحركة والذي صدر في 14/12/1987م واستهل بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ثم خاطب الجماهير الفلسطينية المسلمة فقال " أنتم اليوم على موعد قدر الله النافذ في اليهود وأعوانهم بل أنتم جزء من هذا القدر الذي سيقتلع جذور كيانهم آجلاً أم عاجلاً بإذن الله تعالى"
إنها كلمات انطلقت قبل واحدٍ وعشرين عاماً ونحسب أنها تتجدد اليوم على أرض الواقع في الذكرى الثانية والعشرين لحركة "حماس" ف"حماس" قدر الله منذ انطلاقتها حين أوجدت مشروعاً متكاملاً للمقاومة والجهاد وصاغت رؤية إستراتيجية واضحة المعالم لإدارة الصراع مع الكيان الصهيوني المسخ، حيث ارتكزت هذا المشروع على ضوء رؤية "حماس" الواعية لحقيقة الصراع مع اليهود كونه صراعاً حضارياً عقدياً، فهو صراع بين مشروعين المشروع الغربي الاستعماري والذي قام بزرع الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية والإسلامية، وأما المشروع الثاني فهو يمثل المشروع العربي الإسلامي الذي يسعى للتحرر والانعتاق مع مواصلة الطريق نحو إزالة الاحتلال، وحركة "حماس" تُعتبر طليعة هذا المشروع في الدفاع عن شرف وكرامة الأمة العربية والإسلامية، بل هي رأس الحربة في هذا الصراع ومعها كل المجاهدين الشرفاء من أبناء العروبة في الإسلام وفي هذه المناسبة نؤكد على مايلي:
1. لقد انطلقت "حماس" لتقييم دعوة الله في الأرض وتنشئ جيلاً عقائدياً يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا جيلاً شعاره: الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا.
2. انطلقت "حماس" لتؤكد بأن فلسطين أرض وقف إسلامي من بحرها إلى نهرها لا يجوز لأي كان أن يتنازل عن شبر منها أو يساوم على أي شبر منها لأنها ملكُ لأجيال المسلمين إلى قيام الساعة.
3. انطلقت "حماس" لتؤكد أن الانتصار على اليهود ليس أمراً مستحيلاً بل ممكناً إذا عادت الأمة إلى إسلامها وعقيدتها فالانتفاضة التي بدأت بالحجارة ثم بحرب السكاكين، والعبوات الناسفة، والعمليات الاستشهادية وحرب الأنفاق وصورايخ القسام المتطورة ثم الانتصار في حرب الفرقان التي قلبت الموازين وقدَّمت معادلة جديدة تقوم على قاعدة توازن الردع في ظل غياب توازن القوى مصداقاً لقوله تعالى {لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ } " كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ".
4. انطلقت "حماس" لترد الاعتبار للقضية الفلسطينية في بعدها العربي والإسلامي والدولي ولتقطع الطريق على مشاريع التطبيع الاستسلامية والمفاوضات العبثية والتي ثبت فشلها باعتراف كبار المفاوضين ولتفتح أعين الأجيال العربية والإسلامية على حقيقة الوجه القبيح للعدو الصهيوني وممارسته الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني وخاصة في الحرب الأخيرة على غزة.
5. انطلقت "حماس" لتؤكد في يوم انطلاقتها على وحدة الشعب الفلسطيني الجغرافية والسياسية في الضفة وغزة وأرض 48 وفي الشتات وهي حريصة على إنهاء الانقسام لنقف صفاً واحداً في مواجهة الغطرسة الصهيونية {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ }.
6. انطلقت "حماس" لتؤكد أن المصالحة إستراتيجية لحركة "حماس"، وهي ضرورة دينية ووطنية ولكن على قاعدة الحفاظ على الثوابت الفلسطينية وحماية مشروع المقاومة لا على شروط الرباعية والفيتو الأمريكي.
لأجل هذا كله لا زالت الهجمة المستعرِّة على حركة "حماس" لمحاصرتها وتجفيف منابع الدعم المالي عنها بغية رفضها للتخلي عن مشروع المقاومة فكم من تصفيات طالت قياداتها؟ وكم من مخططات صهيوأمريكية سُخرت من أجل اجتثاثها.
أربع سنوات من الحصار والإغلاق والتضييق والتحريض واختتمت بالحرب القذرة على غزة كلها باءت بالفشل وذلك بفضل الله أولاً ثم بفضل المخلصين الصادقين الصابرين المرابطين المجاهدين على هذه الأرض الطاهرة {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }.
إننا في الذكرى الثانية والعشرين لانطلاقة حركة المقاومة الإسلامية ""حماس"" نهنئ شعبنا الفلسطيني خاصة والأمة العربية والإسلامية عامة، تحية إعزاز وإكبار لأبطالنا البواسل في سجون الاحتلال وللأسيرات الماجدات ونقول لهم في ذكرى الانطلاقة أنتم في سويداء القلوب وفي حدقات العيون لن ننساكم أبداً وسنظل الأوفياء لكم حتى تحريركم بإذن الله تعالى.
تحية طيبة مباركة إلى أرواح الشهداء الذين ضحوا بأغلى ما يملكون دفاعاً عن دينهم ووطنهم ومقدساتهم.
تحية إلى المرأة الفلسطينية الصابرة التي قدَّمت زوجها وولدها وأخيها فداءً لفلسطين تحية لشعبنا في المنافي والشتات مؤكدين لهم أن حق العودة حق مقدس لا يزول بالتقادم.
تحية لأهلنا في القدس الذين يتصدون بصدورهم العارية للجيش الصهيوني وقطعان المستوطنين، تحية إجلال وإكبار لإخواننا في لـ48 الذين يدافعون عن الأقصى وفلسطين، تحية لجند القسام المرابطين على الثغور دفاعاً عن شرف وكرامة الأمة، تحية لشعبنا في الضفة الغربية الذين منعوا من الاحتفال في ذكرى انطلاقة "حماس" ومع ذلك فهم يعيشون معنا في يوم الانطلاقة بأرواحهم وقلوبهم وضمائرهم ودمائهم.
وأخيراً نؤكد لشعبنا ولأمتنا ولأحرار العالم أن "حماس" ستبقى على العهد مع الله أولاً ثم مع شعبها لن نقيل ولن نستقيل حتى تحرير فلسطين بإذن الله تعالى.