قائد الطوفان قائد الطوفان

في الذكرى الثالثة لحرب

"صمود غزة".. ألهم الحرية للشعوب العربية

فايز أيوب الشيخ

ليس من قبيل الصدفة أن تأتي دعوة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية -خلال مهرجان انطلاقة حماس الرابعة والعشرين- إلى تشكيل "جيش القدس" في العواصم العربية وعواصم الثورة للعمل على تحرير القدس والأقصى.    

فقد شكلت "حرب الفرقان" -قبل ثلاثة أعوام- والصمود الذي سطره أهل غزة ومقاومتها "استلهاما للشعوب العربية بأن تثور على أنظمتها الاستبدادية وحكامها الديكتاتوريين الذين صمتوا على العدوان والحصار"، فكان لسان حال الثوار العرب وقادتهم بأن خطوتهم التالية هي شق طريقهم التحرري نحو فلسطين والأقصى ورفع الحصار عن غزة.

وشن الاحتلال (الإسرائيلي) في الـ27 من ديسمبر 2008 حربًا جوية وبحرية وبرية على قطاع غزة استمرت 22 يومًا متواصلة استشهد خلالها ما يزيد عن 1450 فلسطينيا معظمهم من الأطفال والنساء، وأصيب نحو 5500 آخرين بجراح متفاوتة إضافة إلى تدمير آلاف المنازل وتضرر المنشآت.

ازدياد الارتباط بالقضية

الدكتور أحمد بحر -النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي- ذكر أن الهدف من الحرب التي شنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني كان "إسقاط حركة حماس وحكومتها والعثور على شاليط وإغلاق الأنفاق"، مؤكدا أن أيا من تلك الأهداف لم تتحقق، "وخاب ظن قادة الاحتلال أمام العالم الذي كان يراقب الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني".

وأوضح بحر -في حديث خاص لـ"الرسالة"- أن الشعوب العربية كانت تراقب -عبر الفضائيات المختلفة- صمود الشعب الفلسطيني، "الأمر الذي حركها للقيام بالثورات انتصارا للقضية الفلسطينية والقدس"، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني لم يكل ولم يمل يوما في تعويله على الشعوب العربية والإسلامية لنصرة حقوقه وقضيته العادلة.

وأشار بحر إلى أن قادة الثورات العربية أهدوا -في أكثر من محطة- انتصار ثوراتهم إلى فلسطين، "واعتبروا أن غزة كانت القدوة لهم"، مؤكدا أن الثورات في مصر وتونس وليبيا وغيرها أعلنت الرغبة في تحرير فلسطين والقدس وفك الحصار عن غزة.

وشدد بحر على أن الزيارات التضامنية لغزة من العواصم التي اشتعلت فيها الثورات -ومن العواصم الأخرى- زادت الارتباط العربي والإسلامي بالقضية، لافتا إلى أن الوفود المختلفة رأت في غزة وأهلها نموذجا يستحق الإقتداء به، "وأحقية بذل كل ما يستطيعون من أجل تحرير فلسطين".

غزة.. رفع للمقامات

ونوه بحر إلى أن تضامن شخصيات كبيرة في العالمين العربي والإسلامي والعالم الحر مع غزة ومقاومتها جعل منها شخصيات محبوبة على مستوى شعوبها والعالم.. "وتستطيع أن تحقق الانتصارات"، معتبرا أن ذلك فيه دلالة واضحة على أن القضية الفلسطينية قضية عادلة وأن الكيان الغاصب كشف للعالم عن وجهه القبيح.

واستدل بأمثلة على ما ذكره لبعض القادة الذين ارتفع شأنهم بعد نصرتهم لغزة والتضامن مع القضية الفلسطينية، "كـرئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" الذي حظى بشعبة كبيرة في بلده وعلى مستوى العالم، وكذلك "راشد الغنوشي" -رئيس حركة النهضة التونسية- الذي أهدى انتصار ثورة بلاده وفوز حزبه في الانتخابات -في أول بيان له- إلى فلسطين وغزة وبيت المقدس إضافة إلى "مصطفى عبد الجليل" -رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي- الذي عبر عن موقفه بأن الطريق بعد تحرير ليبيا هو الطريق إلى القدس"، كما نقل –د. بحر-عن "أبو جرة عبد الله سلطاني" -رئيس حركة مجتمع السلم- "حمس" قوله إن غزة أصبحت مركز التغيير.

رافعة للعلاقات العربية

وفي السياق رأى د. يوسف رزقة - المستشار السياسي لرئيس الوزراء أن الحرب على غزة شكلت رافعة في العلاقات العربية والإسلامية، "وبخاصة على مستوى بلد كتركيا، فقد جعلت السياسة التركية بلادها أكثر قربا من العالم العربي وذلك لتبنيها قضية غزة"، مؤكدا -في المقابل- أنه قد حدث جفاء وتناقض في العلاقات التركية-(الإسرائيلية).

وشدد رزقة في حديثه لـ"الرسالة" على أن الموقف الأسطوري الذي سطرته غزة في "حرب الفرقان" -والسياسة المرنة التي تتبعها في التعامل مع الإقليم والمجتمع الدولي- جعل من غزة مركزا جوهريا في التغيرات العربية.

وأشار إلى أن الشعوب العربية حاكت في ثوراتها كيف أن غزة صمدت وانتصرت ودحرت العدوان وتحدت الحصار، مؤكدا أن الشعوب العربية أخذت من غزة أنموذجا وقدوة لها، "فقررت الثورة على الظلم والاستبداد الناشئ في بلدانها".

ويرى رزقة أن مواقف الشعوب العربية لم تأت من فراغ؛ "فقد كانت الشعوب تتألم من موقف أنظمتها وحكامها الذين أبدوا مواقف متخاذلة خلال الحرب على غزة ولم ينصروا الشعب الفلسطيني وقضيته في محطات كثيرة"، لافتا إلى أن الأنظمة والحكام العرب لم يوحدوا كلمتهم داخل الجامعة العربية، "ولا أمام مجلس الأمن، وكشفوا عن خلافاتهم في "مؤتمر غزة" بالدوحة".

تجدر الإشارة إلى أن الساسة والمراقبين والمحللين يرون أن حكومة الاحتلال باتت تخشى من تنفيذ حرب على قطاع غزة في ظل الربيع العربي وصعود الإسلاميين, مشيرين إلى أن الكيان بات يخفي عدم قدرته على ضرب غزة بعباءة "عدم كفاية الميزانية الأمنية".

وذكر د. رزقة أن قادة الثوار في مصر وتونس وليبيا عبروا –خلال تهنئة الحكومة الفلسطينية لهم بنجاح الثورات- عن أنهم استلهموا في ثوراتهم صمود أهل غزة في حرب الفرقان وتحديهم للحصار.. "مؤكدين أن الشعب الفلسطيني مثل أنموذجا أكبر من النماذج التي قدموها من أجل الحرية"، وفق ما ذكروا وبيّن هو.

ونوه إلى أن الوفود الأجنبية التي قدمت لغزة متضامنة عقب الحرب -وضمت وفودا برلمانية وقادة أحزاب سابقين ومؤسسات مجتمع مدني- جاءت للتعبير عن المواقف الإنسانية واحتجاج الشعوب على مواقف الحكام الأوروبيين المنحازة إلى (إسرائيل).

أما الوفود العربية فقد أوضح د. رزقة أنها جاءت للتضامن والاطلاع على نماذج من بطولة الشعب الفلسطيني وصموده، "ونقلت هذه التجربة إلى الأحزاب والمجتمع المدني في عواصمها، وهذا شكل ذلك عملية ضغط على أنظمتها لكي تحسن موقفها من غزة ونصرة الشعب الفلسطيني".

يذكر أن حركة التضامن العربي والإسلامي والدولي مع غزة لم تتوقف، فقد دعا المنتدى الفلسطيني في بريطانيا للمشاركة في الاعتصام الاحتجاجي الذي سينظمه أمام السفارة (الإسرائيلية) في العاصمة البريطانية لندن -الثلاثاء المقبل- في الذكرى السنوية الثالثة للحرب، وذلك للتضامن مع الفلسطينيين في غزة وللمطالبة بإنهاء الحصار والاحتلال.

البث المباشر