قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: المقاومة الشعبية.. حب من طرف واحد

بقلم: م. كنعان سعيد عبيد

ليس عيبا أن نَستَلهم العَبرَ من دراسة التاريخ؛ فالشعوب تَتَداخل في كثيرٍ من صفاتها، ولكن العيب كل العيب أن نستنسخ تجارب الشعوب كأننَّا في حالة تطابق هندسي فاقدي التفكير الحكيم, وما نجح من تجاربِ الشعوب ربَّما يكون وبالا على شعوبٍ أخرى, وما حققته المقاومة الشعبية والمقاطعة الاقتصادية في الهند حققته المقاومة المسلحة والعنيفة في فيتنام، وما حققته يافطات "الشعب يريد إسقاط النظام" في تونس حققته الثورة المسلحة في ليبيا، ولعل تجارب أهل الأرض تقف صاغرة عند تجارب الشعب الفلسطيني مع المحتل (الإسرائيلي)، وكأن القضية الفلسطينية خلاصة قصص الشعوب مع مُحتليهم حين بدأت هجرات اليهود تأتي من أشتات الأرض مُجَنِدَةً كل قوى الاستعمار العالمي ومستنفِذة خزائن اليهود لدعم تلك الهِجرات.. ومرورا بالمذابح التي ارتكبها اليهود لتهجير الشعب الفلسطيني واستيطان أرضه وحرب الأيام الستة والحرب ضد منظمة التحرير الفلسطينية.. وليس انتهاءً عند حصار غزة وحرب الفرقان وحفريات الأقصى، ولم تكن المقاومة الفلسطينية بعيدة عن تلك التنوعات حين بدأت بمقاومة الهجرات بالسلاح والمقاطعة الاقتصادية وإضراب سنة 1936، والمقاومة المُسلحة وخطف الطائرات والمقاومة الشعبية في الانتفاضة الأولى وغزوات الشهداء المفخخين وعمليات القنص والخطف وصواريخ المقاومة.. وليس بعيدا عن قناص وادي الحرامية جولات المفاوض الفلسطيني وجمعتي جداري نعلين وبلعين، وخطف شاليط. 

 

حين لا تعجز قواميس اللغَّة أن تفسرَ مُصطلح المقاومة الشعبية فتتيه قواميس السياسة في تفسير المقاومة الشعبية كما تاهت في تفسير قرار 242, والخوف أن تدخل المقاومة الفلسطينية -بأنواعها- دائرة التفسير والتأويل والمقاسات، فربّ حجر دون حصى الجمرات مقاومة شعبية!!.. وما كَبُر وأسال الدم بفتاوى الأجهزة الأمنية في رام الله هو إرهاب ولا ننسى ألّا يزيد طول العلم واليافطة عن نصف ذراع وألا يزيد عدد أي مسيرة عن الأربعين، كما يحق للمتظاهرين أن يحملوا معهم البصل للوقاية من الغاز المدمع، ويمنع رفع شعار الموت لـ(إسرائيل) ويحذر رفع خريطة فلسطين، ويسمح بخريطة الضفة وغزة، ويمنع على فضائية الأقصى اللقطات المستفزة للمشاعر الصهيونية.. دون ذلك لا تعطى الفصائل الفلسطينية براءة الذمة وشهادة حسن سير، ولا ننسى أن نعرِّف الحصار والمعتقلين وهجمات المستوطنين والمستوطنات على أنها مقاومة شعبية (إسرائيلية)، كما يمكننا أن نتأول اغتيالات الزنانة اليومية في غزة على أنها مقاومة شعبية على اعتبار أن المجندات من تقوم بإعطاء الإشارة للطائرة، وربما تكون حرب الفرقان مقاومة شعبية من شعب الله المُختار على شعب الله المُختَرَع. 

 

كما يمكن لساستنا أن يزَّوروا التاريخ لَيَجعلوا خروج (إسرائيل) من غزة وجنوب لبنان ودخول اليهود لملاجئهم جاء بالمقاومة الشعبية، وربما القوة ورباط الخيل مقاومة سلمية، أو "يتبروا ما علوا تتبيرا" و"جاسوا خلال الديار" مقاومة ناعمة، ويمكنهم أن يجعلوا من الشيخ أحمد ياسين غاندي فلسطين وداعية سلام لنتمكن من رفع صورته في المسيرات!!..

البث المباشر