قائد الطوفان قائد الطوفان

شهر صفر .. الآثار الواردة فيه وبدعة التشاؤم به

 1. عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا عدوى ولاصفر ولا هامة )) ، فقال أعرابي : يا رسول الله ! فما بال إبلي تكون في الرمل كأنها الظباء ، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها يجربها؟فقال: (( فمن أعدى الأول )) متفق عليه

2. عن أبي هريرة -رضي الله عنه-عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولاصفر)) متفق عليه .

3. عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( لا يعدي شيء شيئاً ))، فقال أعرابي : يا رسول الله ! البعير أجرب الحشفة ندبنه فيجرب الإبل كلها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( فمن أجرب الأول ؟ لا عدوى ولا صفر ، خلق الله كل نفس فكتب حياتها ورزقها ومصائبها )) .

4. عن ابن عباس- رضي الله عنهما – قال : ((كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، ويجعلون المحرم صفر ، ويقولون : إذا برأ الدبر ، وعفا الأثر ، وانسخ صفر ، حلَّت العمرة لمن اعتمر . قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة ، فتعاظم ذلك عندهم ، فقالوا:يا رسول الله !أي الحل ؟. قال:(( حل كله)) .

5. قال أبو داود : قُرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد : أخبركم أشهب ، قال سُئل مالك عن قوله : (( لا صفر)) قال : إن أهل الجاهلية كانوا يُحلُّون صفر ، يُحلونه عاماً ويُحرمونه عاماً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا صفر )) .

6. قال البخاري في صحيحه : باب (( لا صفر )) ، (وهو داء يأخذ البطن ) .

*** بدعة التشاؤم بصفر

ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر)) .

واختلف العلماء في قوله (( لا عدوى )) ، فهل المراد النهي أو النفي ؟.

قال ابن قيم الجوزية: (هذا يحتمل أن يكون نفياً ، أو يكون نهياً ، أي :لا تتطيروا ، ولكن قوله في الحديث : (( لا عدوى ولاصفر ولا هامة)) يدل على أن المراد النفي ،وإبطال هذه الأمور التي كانت الجاهلية تعانيها، والنفي في هذا أبلغ من النهي ؛لأن النفي يدل على بطلان ذلك ، وعدم تأثيره ،والنهي إنما يدل على المنع منه ).

وقال ابن رجب : ( اختلفوا في معنى قوله : ((لا عدوى))، وأظهر ما قيل في ذلك : أنه نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية، من أن هذه الأمراض تعدي بطبعها، من غير اعتقاد تقدير الله لذلك، ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم : ((فمن أعدى الأول ))، يشير إلى الأول إنما جرب بقضاء الله وقدره ،فكذلك الثاني وما بعده ).

قال الله تعالى : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا........ }.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ((ولا صفر )) ، فاختلف في تفسيره :

أولاً : قال كثير من المتقدمين : الصفر داء في البطن . يقال : أنه دود فيه كبار كالحيات ، وهو أعدى من الجرب عند العرب ، فنفى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وممن قال بهذا من العلماء : (ابن عيينة ، والإمام أحمد ، والإمام البخاري ، والطبري ) .

وقيل : المراد بالصفر : الحية ، لكن المراد بالنفي نفي ما كانوا يعتقدون أن من أصابه قتله ، فردّ الشارع ذلك بأن الموت لا يكون إلا إذا فرغ الأجل .

وقد جاء هذا التفسير عن جابر وهو أحد رواة حديث : (( ولاصفر)) .

ثانياً : وقالت طائفة : بل المراد بصفر هو شهر صفر . ثم اختلفوا في تفسيره على قولين :

أ‌- أن المراد نفي ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء فكانوا يحلون المحرم، ويحرمون صفر مكانه،وهذا قول الإمام مالك

ب‌- أن المراد أهل الجاهلية كانوا يستشئمون بصفر ويقولون أنه شهر مشئوم ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك . ورجَّح هذا القول ابن رجب الحنبلي .

ويجوز أن يكون المراد هو الدواب التي في البطن ، والتي هي أعدى من الجرب بزعمهم ، وأن يكون المراد تأخير الحرم إلى صفر وهو ما يسمى بالنسيء ، وأن الصفرين جميعاً باطلان لا أصل لهما ، ولا تصريح على واحد منهما .

وكذلك يجوز أن يكون المراد هو نفي التشاؤم بصفر ؛لأن التشاؤم صفر من الطيرة المنهي عنها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا طيرة )) . لقوله صلى الله عليه وسلم : ((طيرة شرك ، طيرة شرك)) . ويكون قوله : (( ولا صفر ))من باب عطف الخاص على العام ، وخصَّه بالذكر لاشتهاره .

فالنفي- والله أعلم- يشمل جميع المعاني التي فسر العلماء بها قوله صلى الله عليه وسلم (( لا صفر ))والتي ذكرتها ؛ لأنها جميعاً باطلة لا أصل لها ولا تصريح على واحد منها ..

البث المباشر