الضفة المحتلة-الرسالة نت
لم يكد يحتفل أحمد بانتهاء الفصل الدراسي الماضي حتى بدأ الفصل الجديد يحمل معه "انتكاسات" تؤرق نوم كل طالب، فقد وجد ابن السنة الثانية على صفحته الجامعية إشارات حمراء تشير إلى ضرورة دفعه مبلغ 700 دينار متراكمة كديون عليه شريطة إتمام تسجيله للفصل الجديد.
ومع بداية كل فصل في عدد من جامعات الضفة المحتلة تتلاشى الأمنيات وتكثر الهموم فوق قلوب الطلبة لتراكم المبالغ المالية عليهم .
أقساط وعجز
وتعتبر الأقساط الجامعية التي يدفعها الطلبة همّا لا يجدون له حل، فمنهم من تُسلب آمالهم لمجرد عدم تمكنهم من دفع ما عليهم من أقساط تفرضها الجامعات، في الوقت الذي تفتقر فيه الأخيرة للدعم المالي الخارجي وتشكو فيه السلطة من عجز غير مبرر!
وعلى سبيل المثال بدأ طلبة جامعة بيت لحم إضرابا وتعليقا للدوام وإجراءات احتجاجية ضد سياسة الجامعة في موضوع الأقساط، فيقول أحد ممثلي الحركة الطلابية فيها محمد قراقع إن مجموعة مطالب تم طرحها على إدارة الجامعة ولكنها لم تستجب، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة على حساب دوام الطلبة.
ويوضح قراقع لـ"الرسالة نت" بأن الحركة الطلابية طرحت على الجامعة عدم رفع الأقساط بشكل مستمر الأمر الذي يرهق كاهل الطلبة علاوة على تغريمهم بغرامات مالية عقابا على عدم دفع الأقساط في موعدها، مبينا بأن الجامعة ترفض الحوار مع الطلبة مما يزيد الأمور تعقيدا.
ويؤكد بأن السياسة التي تتبعها الجامعة بحق الطلبة في موضوع الأقساط يؤدي إلى احباط الطلبة ، لافتا إلى أن الخطوات الاعتصامية ستستمر طالما بقيت الإدارة على موقفها.
عجز مالي
من جهته، يؤكد عميد شؤون الطلبة في الجامعة محمود حماد أن عجزا ماليا تعاني منه الجامعة يحول دون تقديم تسهيلات أكثر للطلبة، موضحا بأنها وفي بداية كل فصل تقدم عروضا للحركة الطلابية بشطب إحدى الغرامات كما فعلت هذه المرة ولكن تبقى قضية العجز المالي تسيطر عليها.
ويضيف حماد أن إدارة الجامعة تطلب لغة الحوار في كل التعاملات مع الطلبة بدلا من سياسة الاحتجاجات والاعتصامات وتعليق الدوام، مطالبا بأن يكون هناك فهم كاف لديهم بأن الجامعة لا تريد أن تزيد الأوضاع سوءا بالنسبة إليهم أو حرمانهم من التعليم.
وفي السياق ذاته أعلنت جامعة بيرزيت تعليق الدوام حتى إشعار آخر رداً على احتلال عدد من الطلبة مبنىً رئيسيا فيها.
وعن ذلك يقول محمد علي أحد قيادات الحركة الطلابية في بيرزيت لـ"الرسالة نت" إن إدارة الجامعة ترفض التفاوض مع الطلبة وهناك حالات مستعصية في الوضع المالي، وإن عدم التعاون من قبل الإدارة يعني تفاقم الأزمة.
ويوضح علي أن الازمة الرئيسية هي تراكم الديون على الطلبة وعدم تقديم حلول إيجابية من قبل الإدارة لإنهاء هذا الوضع، حيث تصل المبالغ المتراكمة على الطالب إلى ألف دينار أو أكثر.
بدورها تؤكد إدارة الجامعة بأن حل الأزمة المالية لا يتم بالتعرض للمباني الجامعية واحتلالها من قبل الكتل الطلابية، بل بالحوار والتفاهم والتوصل إلى حلول تخدم الطرفين، إضافة إلى تأكيدها بأنها تعاني أيضا من عجز مالي.
وذكرت إدارة الجامعة في بيان لها وصل "الرسالة نت" بأن مجلس أمنائها قرر آسفا بناء على توصية من مجلس الجامعة إغلاقها إلى أجل غير مسمى؛ بعد أن اقتحمت مجموعة من الطلبة مبنى إدارة الجامعة عنوة .
وكان من المخطط عقد اجتماع بين فريق من الإدارة ومجلس الطلبة لاستكمال التباحث في تسهيل الحالات المالية العالقة، بعد أن تم التغلب على الغالبية الساحقة من المشاكل المالية التي واجهها بعض الطلبة، إلا أن المجموعة التي احتلت مبنى الإدارة متجاوزة مجلس الطلبة تقدمت بمطالب أكاديمية من شأن البحث فيها الإضرار بالعملية الأكاديمية، والمساس بالمستوى الأكاديمي في الجامعة.
فشل السلطة
ولا شك أنه وفي مثل هذه الأوقات تتجه أصابع الاتهام إلى السلطة التي تعلن دوما أنها تعاني من عجز مالي يمنعها من تقديم الدعم للجامعات والتي من المفترض أن تحظى بشيء من المساعدة من قبلها، وعلى صعيد آخر تبرع في إغلاق المؤسسات التي كانت دوما عونا للطلبة في همومهم المالية.
وتقول النائب في المجلس التشريعي منى منصور لـ"الرسالة نت" بأن سيطرة فتح على مجالس الطلبة في جامعات الضفة دون انتخابات نزيهة أدى إلى غياب التنافس بين الكتل وبالتالي أصبحت خدمة الطالب شعارا تستخدمه فتح لدعايتها الانتخابية ولا تطبق منه شيئا، في الوقت الذي كانت فيه الكتلة الإسلامية تقدم تلك الخدمة بتفانٍ عال خلال ترؤسها لمجالس الطلبة في الأعوام السابقة.
وتعتبر منصور بأن سياسة السلطة المتبعة في الشكوى دوما من العجز المالي في الوقت الذي تعطل فيه لجان التشريعي تؤدي إلى إفشال أحلام أجيال كاملة من الطلبة، مبينة أن المجلس هدفه مساعدة كل شرائح المواطنين وهذا الأمر يسلب منه بمجرد منعه ونوابه من العمل.
وتضيف:" توفير المساعدات والمنح والقروض للطلبة والوقوف إلى جانبهم ورفع الضغط عنهم وعن إدارة الجامعات على حد سواء أمر يوفره المجلس التشريعي للمواطنين ولكن السلطة تصر على إبقائه غير مفعل".
وفي هذا السياق يقول الطالب أحمد خميس في جامعة بيرزيت لـ"الرسالة نت" إن السنوات الماضية التي كانت تترأس فيها الكتلة مجلس الطلبة تميزت بتطبيقها شعار "خدمة الطالب عبادة نتقرب بها إلى الله"، حيث أن الأزمة المالية كانت لا تستمر سوى يومين وتحل.
ويضيف:" نشتاق إلى تلك الأيام التي كان فيها أنصار الكتلة يخدموننا ويقدمون لنا المفاجآت يوما بعد يوم عبر ترؤسهم للمجلس مثل المعارض بأسعار رمزية والتصوير المجاني وتوزيع الكتب المجاني والمواصلات المجانية، ومنذ عام 2008 لم نشهد مجالس نزيهة وقادرة على خدمة الطلبة كتلك".