قائمة الموقع

اليتيم للكفلاء: لا تحسبن المال ينفع وحده

2012-01-28T17:27:11+02:00

غزة – مها شهوان

في أحد أزقة مخيم جباليا, سمع صوت صراخ لأم تتعرض للضرب على يد ابنها "آخر العنقود 22 عاما"، حينما أبلغته أنها لا تمتلك المال الذي يريده لشراء دراجة نارية.. وما أن سمع ردها هذا حتى انهال عليها ضربا مرددا "كاذبة"، وقتئذ لاذت بالفرار من تحت يديه وهربت إلى الجيران تشكو حالها قائلة "ما بدي فلوس بدي حد يربي الولد".

آخر العنقود لم يعتد منذ سبع سنوات رفض أي طلب له منذ أن تيتم، وفي حال تهاونت أمه في تلبية طلباته يضربها ويشتمها, مستغلا سفر إخوانه خارج البلاد.

هذه الحالة مثال يتكرر لدى بعض أيتام القطاع الذين توفرت لهم سبل الحياة المادية, وبعضهم افسد المال نفوسهم بعدما اغدق عليهم ذوو الجيوب الميسورة, معتقدين أن اليتيم بحاجة إلى المال فقط  لتعويضه عن الرعاية التربوية من الوالدين.

وبعض الأمهات الأرامل لم يتركن باب مؤسسة إلا وطرقنها كي يظفرن بالمساعدات, ونسين أن خلفهن أبناء بحاجة إلى تربية ، لا تؤديها المساعدات المالية ولا الجمعيات الخيرية .

"الرسالة" بدورها تلفت الانتباه إلى الاحتياجات الحقيقية للأيتام التي تتجاوز المساعدات المالية المقدرة بملايين الدولارات شهريا, الى تعويضهم عن فقدان المربي الاول.

رجل البيت

في باحة بيتها المتواضع جلست الموظفة الأرملة "أم عمرو" تروي معاناتها مع ابنها ذي الخمسة عشر ربيعا الذي يضرب أخواته باستمرار, باعتباره رجل البيت, كما يقول عن نفسه.

وتقول أم عمرو بامتعاض: "لا أريد شيئا سوى تقويم ابني واستقامته ودعمه تربويا ونفسيا، وأود رؤيته رجلا يتحمل المسئولية ويحافظ على صلاته، فقد بت أخشى فقدانه لانغماسه طيلة الوقت مع رفقاء حارتنا"، مضيفة: في الصيف التحق ببرنامج الرواد الذي نظمته الجمعية الإسلامية وقتئذ كان يواظب على الذهاب ويطبق ما يقوله المرشدون ويحصل على علامات جيدة, لكن بعد انتهاء البرنامج بدأ يتقاعس عن القيام بأبسط ما أطلبه منه وزاد عنفا مع أخواته".

وتستكمل حديثها وفتياتها الثلاثة من حولها: "أعجز عن السيطرة عليه, فهو يرفض تعليمي له مرددا "أنا رجّال البيت"، داعية المؤسسات المعنية كافة بتقديم الرعاية الاجتماعية والنفسية والتعليمية للأيتام بدلا من الأموال التي لا تنفع لاستقامتهم.

بدورها التقت "الرسالة" مدير الجمعية الإسلامية فرع خانيونس رائد حمد ليتحدث عن المشاريع التي تقدمها جمعيته في هذا الاطار قائلا :" عقدنا ورشات عمل لأمهات الأيتام وطالبناهن بتقديم الدعم التربوي والنفسي لأبنائهن بدلا من الكفالة المعيشية "، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في تربية الأبناء بعدم وجود من يرعاهم لاسيما وهم في أعمار لا يمكن للام السيطرة على سلوكهم فيها.

وأوضح أن جمعيته عقدت الصيف الماضي مشروع "برنامج الرواد" لرعاية الأيتام كان يهدف لتغيير فكرة كفالة اليتيم المادية إلي الأخلاقية والتربوية ، مؤكدا أن فكرة مشروعهم جاءت من خلال إدراكهم لما للتربية من دور فعال في صقل شخصية اليتيم ودعمها .

حقوق اليتيم

ولفت حمد إلى أن برنامجهم يهدف إلى تعليم الأطفال لدينهم الاسلامي وزرع الأخلاق الحميدة في نفوسهم ودعمهم تربويا وتعليميا وترفيهيا ، منوها إلى أنه خلال البرنامج اكتشف وجود بعض الأيتام الملتحقين لا يؤدون صلاتهم ولا يعرفون كيفية الوضوء الأمر الذي أدى إلى تدخل  الأخصائيين لتقويمهم وإرشادهم حتى باتوا من رواد المساجد.

وعن متابعة الأطفال المستهدفين عبر البرنامج في بيوتهم ذكر مدير الجمعية الإسلامية أن الأخصائي كان يقوم بزيارة اليتيم بحضور والدته وأحد أعمامه أو جده للسؤال عن سلوكياته في البيت ، مبينا أن الكثير من الأطفال بعدما قطعوا شوطا بالبرنامج باتوا يطالبون مشرفيهم  بتحديد موعد لزيارتهم .

وأوضح أن الفئة المستهدفة ضمن البرنامج  كانت من عمر  14 حتى 16 عاما .

وأعلن  أن الدورة الثانية من المشروع سيدرج فيها الفتيات، مرجعا عدم إدراجهن في الدورة الأولى إلى أن البداية كانت مجرد تجربة ومشاكل البنات اقل باعتبار أن العادات والتقاليد تضبط سلوكياتهن أكثر وتستطيع الأمهات السيطرة عليهن بخلاف الأولاد.

وعلى صعيد المشكلات النفسية التي تم ملاحظتها خلال البرنامج قال:" وجدنا أن الأيتام يعانون من تدني مستواهم الدراسي لعدم وجود رعاية من قبل الأم أو البيت مما يشعرهم بالخجل ويؤثر على نفسيتهم لذا قدمنا دروس التقوية لهم من خلال افتتاحنا لمركز تقوية تابع للجمعية يستفيدون منه"، مضيفا : هدفنا اهتمام اليتيم بدروسه لتغيير سير حياته وتكوين علاقة جيدة مع المحيطين به.

وكشف حمد عن رغبتهم في عمل برنامج لذوي الاحتياجات الخاصة من الأيتام لرعايتهم نفسيا باعتبار أنهم بحاجة لدعم ورعاية أكثر من الأسوياء.

ومن خلف مكتبه وما يحمل من مسئوليات داخل الجمعية طالب المؤسسات الخيرية بفرز باحثات مختصات للتواصل مع الأمهات وتوعيتهن في التعامل مع أبنائهن كونهن الأساس في تكوين شخصية الأبناء، مشيرا إلى أنهم سيفتتحون صندوق المقترحات للأمهات الأرامل لكتابة ما يحتجنه وأبناؤهن لمعالجة قضية الإحراج.

معهد الأمل للأيتام

وفي معهد الأمل للأيتام حكاية أخرى فقد طرقت أرملة تتحدث بلهجة مصرية الباب مصطحبة ثلاثة من أبنائها ترغب في ضمهم للمعهد تأمينا لهم من أقرانهم الذين يعيشون في حارتهم ويتلفظون بألفاظ نابية ويقترفون سلوكيات دونية.

أرجعت السيدة موقفها إلى عجزها عن السيطرة عليهم لاسيما وهم بأعمار المراهقة وبحاجة لمن يرعاهم بجانبها، موضحة أن الكثير من المساعدات تقدم لأبنائها لكنها لا تفيد شيئا إذا لم يوجد من يرعاهم ويقوّم سلوكياتهم ويدعمهم تعليميا.

إن كانت الأرملة السابقة أحضرت أبناءها مقابل الحفاظ عليهم, ففي المقابل هناك حالة أخرى لامرأة أربعينية أحضرت فتياتها الثلاث لتضعهم في المعهد كونها تزوجت من شاب عشريني وتبتغي التفرغ لحياتها الجديدة، تلك السيدة لم تكن على مستوى من الخلق والتدين فقد كان بيتها يحوي ما حرمه الله, الأمر الذي جعل زوجها الشاب ينظر لفتياتها نظرة سوء محاولا التحرش بهن.

ومع التحاق الفتيات بالمعهد بدأن بالقيام بسلوكيات غير محببة  نتيجة لما تعلمنه في الخارج مما دفع الإدارة إلى معالجتهن نفسيا ورعايتهن تربويا حتى بتن فتيات صالحات.

بعدما استعرض د. حازم السراج - رئيس مجلس إدارة معهد الأمل - الحكاية السابقة استقبل  "الرسالة" متحدثا عن الدور الذي يلعبه المعهد في احتضان الأيتام قائلا:" الطفل اليتيم عند التحاقه بمعهد الأمل يعامل كأحد أبنائنا ونحرص على تقويم سلوكياته وتأهيله دينيا ونفسيا للاندماج مع المجتمع "، موضحا أنه يقدم لليتيم ما يحتاجه من مال في حدود المعقول وما يأتي من الخارج باسم أحدهم يضع بالبنك وحين يصل لعمر الثامنة عشرة ويخرج من المعهد يستفيد منه ليشق طريقه.

وأضاف:" الكفالة التي تقدم لليتيم غير الملتحق بالمعهد تعطى للأم باعتبارها ولي أمره لكن في كثير من الأحيان نجدهن غير مثقفات ويتصرفن بالمال بطريق غير متزنة ، بالإضافة إلى أنهن يتواصلن مع أكثر من جمعية للحصول على المال "، داعيا إلى ضرورة توعية الأمهات عبر الندوات الدينية والاجتماعية لتعريفهن بمدى خطورة تبذير أموال اليتامى.

ووفق علاقة السراج بالمؤسسات الخيرية وكذلك باعتباره رئيس العلاقات العامة بلجنة الزكاة يلاحظ أن الكثير من المؤسسات تتنافس لكفالة الأيتام من باب التشرف بالحديث النبوي "أنا وكافل اليتيم كهاتين" وذلك دون أن يعرفوا أين تصرف تلك الأموال، الأمر الذي دفع كثيرا من الأطفال غير اليتامى التمني لو كانوا كأقرانهم الأيتام لما يعيشونه من بذخ.

وحول برامج التوعية الذي يقدمه معهد الأمل لرعاية الأيتام ذكر أن  لديهم برامج توعية وتدريب نفسي للأبناء وأمهاتهم من خلال جمعهن وتقديم الدروس والندوات التي تنفعهم في أمور حياتهم ودينهم ، مشيرا إلى أنه من ضمن المشاكل التي قد تواجههم في المعهد عند التعامل مع الأبناء أن يكون واحد من الأسرة مقيم بالمعهد ووقت الإجازة يعود لبيته فقد يتعلم من الشارع أو أحد إخوانه سلوكيات غير منضبطة مما يتطلب تعاون بين المعهد والبيت.

وقال السراج :" يضم المعهد  ما يقارب 120 من الأيتام ولديهم مشرفون نفسيون واجتماعيون وتربويون يقدر عددهم بـ 47 موظفا، فغالبية الأيتام الملتحقين بالمعهد يأتون وهم بسن المراهقة الأمر الذي يؤدي إلى مضاعفة الجهد للسيطرة عليهم "، مضيفا : نحاول قدر الإمكان منحهم الخصوصية لاسيما وأنهم يشعرون وكأنهم في "معسكر جيش" لكن قدر الإمكان يسعى المشرفون للتعامل معهم  كأنهم في بيتهم حفاظا على خصوصيتهم.

وتابع :" العديد من الأيتام حينما يلتحقون بالمعهد مستواهم الدراسي يكون متدنيا لعدم اهتمام الآخرين بهم قبل حضورهم، ومفهوم الحلال والحرام لديهم غامض"، منتقدا في الوقت ذاته الكفلاء الذين يدفعون المال للأيتام دون أن يحسنوا التصرف فيه مما يستدعي التوعية عبر وسائل الإعلام ومنابر المساجد.

وعن متابعة ابناء المعهد في مدارسهم وعلاقتهم بالآخرين أوضح السراج أنه في بعض الأحيان يلاحظون قيامهم ببعض السلوكيات السلبية ، لكن سرعان ما يجري تجاوز الأمر ويأخذوا بأيديهم ليتداركوا السلوك.

تعديل سلوك الأبناء

في كثير من الأحيان يظهر على الأطفال الأيتام اضطرابات نفسية حينما يفقدون والدهم كونهم غير مهيئين لتلك الحالة الجديدة فالبعض منهم يصبح عدوانيا وشرسا ومحب للسيطرة ، وكذلك يصابون بالعناد كما الحال مع الطفلة رغد ابنة العشر سنوات فقد كانت ضمن برنامج  رعاية الأيتام الذي عقدته جمعية الوداد المجتمعية .

في بداية تردد الطفلة على الجلسات النفسية كانت تذهب بشكل غير لائق لكن مع تودد الأخصائية المتابعة لحالتها باتت تتحسن مع كل جلسة فتارة تعدل من هندامها وتارة أخرى تجلس هادئة دون افتعال المشاكل مع الآخرين.

وفي هذا السياق تحدثت إيناس الخطيب منسقة برنامج دعم وتأهيل المرأة والطفل بالجمعية عن أن مشروع الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الأيتام استهدف ثلاثة آلاف من الأمهات وأطفالهن حيث تم العمل معهم على التفريغ النفسي الانفعالي وتقديم دروس التقوية التعليمية لهم ومن ثم متابعتهم فرديا ، كاشفة أنه تم إيجاد ما يقارب 240 حالة بحاجة لمتابعة فردية ؛ لأنها تعاني من تأخر دراسي وتبول لا إرادي وعدوانية ولديها طاقة زائدة تتسبب في تشتيت انتباه والفوضى في الاماكن التي يترددون عليها.

وأوضحت الخطيب أنه من خلال البرنامج تبين أن بعضا من الأيتام يشعرون أنهم فوق الجميع ويعاملون الآخرين معاملة سيئة كونهم لم يجدوا من يردعهم عن تصرفاتهم، مشيرة إلى أن الكثير من الأمهات ليس لديهن الآليات المناسبة لتعديل سلوك أبنائهن ويقدمن لهم الأموال مقابل تعويضهم عما يفتقدونه.

وبحسب منسقة المشروع فإن الكثير من الأمهات يحاولن السيطرة على أبنائهن من خلال المال كي لا يحرمهن أعمامهن أو أجدادهن من رعايتهن لهم .

وعن كيفية تعديل السلوك أوضحت ليس من السهل ذلك لذا لابد من  تكثيف الجهود من خلال البيت والمسجد والمدرسة ليكون هناك خط متواز لتعديل سلوكياتهم ، مشيرة إلى أن الكثير من أهالي الأطفال الأيتام كجدهم أو أعمامهم يسعون لإفشال تربيتهم لأخذهم من أمهم ليثبتوا لهم أنها غير قادرة على تربيتهم.

ومن خلال ملاحظة الخطيب وجدت أن العنف لدى الأيتام يرجع إلى منح الأم مسئولية كبيرة لابنها مما يعود عليه بالسلب ، لافتة إلى أن هدفهم من البرنامج الدخول إلى أمهات الأيتام ومعرفة ما يحتجنه فإذا عدلت الأم من سلوكها يسهل تعديل سلوك الأبناء .

الدعم المادي والمعنوي

وفي مبرة الرحمة الوضع يبدو مختلفا حيث يعيش فيها أيتام من نوع آخر بحاجة إلى دعم نفسي واجتماعي أكثر من المالي كونهم مجهولي النسب ، زارت "الرسالة" المكان لتتعرف على ما يقدم لهذه الفئة.

يقول مدير المبرة مؤمن بركات :" تتواصل الجمعية مع مؤسسات داخلية وخارجية لجلب المساعدات للأطفال لإعانتهم على الاستمرار في الحياة كي لا يشعروا بالفرق بينهم وبين أقرانهم "، مشيرا إلى أنه منذ افتتاح المبرة وهم يقدمون الدعم النفسي والاجتماعي للأيتام عبر الأنشطة والفعاليات المختلفة.

وأوضح أن الدعم الذي يقدم للطفل اليتيم لا يقتصر على الجانب المادي بقدر الاهتمام بالجانب التعليمي وتعديل سلوكه ، مبينا أن جمعيته تستمر برعاية مجهولي النسب حتى يصلوا لمرحلة يكونون فيها مؤهلين للزواج لينشئوا أسرة بعد الاستقرار النفسي والاجتماعي الذي يصلون إليه.

وبين انه منذ اللحظة الأولى توفر الحياة الكريمة لمجهولي النسب ودمجهم بالمجتمع من خلال عيشهم مع أسرة غير منجبة مما يشعرهم بالجو العائلي.

وحول حجم المساعدات التي تأتي إليهم ذكر أن جمعيته تستوعب 8500 يتيم من مجهولي النسب والأيتام حيث تقدم كفالة لكل واحد منهم بمتوسط 50 دولارا شهريا، لافتا إلى أنه في حال وجدوا عدد أفراد إحدى العائلات كبيرا وتتلقى دعما قليلا فإنهم يسعون لجلب مساعدات تكفي تلك العائلة وفي المقابل لو كانت العائلة بحالة ميسورة ترسل الجمعية للكافل وتعلمه عدم حاجتها للمال.

الكفيلة والتأخر العقلي

في الطابق العلوي من المبرة يقع قسم المبيت الخاص الذي تشرف عليه الأخصائية خلود غانم, الأطفال من حول غانم ينادونها "ماما" لعنايتها بكل شئونهم .

تروي غانم أن المال لا يعني شيئا للأطفال المتواجدين في المبرة بقدر حاجتهم للدعم النفسي والمجتمعي حيث تعمل الجمعية على توفير جو عائلي لهم من قبل المربيات بعيدا عن جو التعامل بروح القانون.

وتقول: "أصعب اللحظات التي تمر علينا حينما يصل الأبناء لعمر الحادية عشرة ويبدؤون بالسؤال عن سبب تواجدهم بالجمعية وقتها يتم التدخل السريع من قبل الأخصائيين"، مضيفة أن بعض الكفيلات يلعب دورا كبيرا في رعاية أطفال المبرة نفسيا حينما يشعرهم بالاهتمام لكن خيبة الأمل تصيبهم عندما تتزوج الكفيلة مما يؤثر على نفسية الطفل وتحصيله الدراسي.

وذكرت غانم حكاية لطفلة تعيش داخل المبرة قال الأطباء أنها لن تعيش لأكثر من عشرة أعوام نظرا لتأخرها العقلي، إلا أنها الآن بالصف التاسع وحالتها النفسية مستقرة وتحصل على علامات عالية وذلك بفضل كفيلتها التي تقدم لها الدعم المادي والمعنوي.

وتحدثت بأن مجهول النسب يشعر باستمرار أن الآخرين ينظرون إليه نظرة عطف وشفقة أو يدعون على ذويهم  بعبارات تؤثر على نفسيتهم قد تجعلهم يتصرفون بردود غير طبيعية.

و أشارت إلى عدم قيام الأولاد والفتيات بسلوكيات غير أخلاقية نظرا للمتابعة التي يحظون بها، حيث أن الأولاد يصاحبهم طيلة الوقت حارس وأخصائي نفسي وكذلك الفتيات تشغلهن المربية التي تقوم بدور الأم بالأعمال اليدوية أو مساعدتها في أعمال البيت.

20 ألف يتيم

ومن ناحية أخرى ذكر وزير العمل والشئون الاجتماعية أحمد الكرد أن هناك دورا رقابيا على المؤسسات التي تمنح المساعدات للأيتام حيث أنه في حال وجدت أسرة ليست محتاجة للمال يتم التنسيق مع المؤسسات المانحة لإيقاف ما يقدم لتلك العائلة، موضحا أن هناك بعض الأسر المتوسطة التي بالكاد يكفيها كفالات من ثلاث مؤسسات للعيش في مستوى معيشي جيد.

ووفق وزير الشئون الاجتماعية فإن لديهم خطة تنسيق مع المؤسسات المانحة لإيصال الأسرة التي تحتوي على الأيتام للحد المقبول لتعيش حياة كريمة، مبينا أن العائلات المكونة من ثمانية أفراد وتمنح ما يقارب الثلاث آلاف شيكل لا مانع من أن تنعم بما يدخل عليها من أموال لأن هناك العديد من مواطني القطاع يتقاضون هكذا مبلغ.

وقال :" يوجد في قطاع غزة 20 ألف يتيم مقابل 40 ألف كفالة ، حيث أن المؤسسات الأهلية غالبا ما تنظر لليتيم وليس للفقير"، مطالبا المؤسسات القائمة على تقديم الكفالات المادية للأيتام بمتابعتهم صحيا وتعليميا .

وتابع:" لدى الوزارة خطة توجيهية و إرشادية لتنمية المسئولية بين الجمعيات لمعرفة وضع الأيتام والمساواة بينهم .

ونوه الكرد إلى أن لديهم حق الترخيص للمؤسسات المانحة وفي حال تم استغلال الأموال بطريقة غير صحيحة تغلق المؤسسة حسب القانون ، مشيرا إلى أن رعاية المؤسسات لليتيم ليست دائمة فمن يكفله اليوم قد يولي غدا .

الحضانة الشرعية

وللوقوف على رأي الشريعة قال د. ماهر السوسي :" اهتم الشرع ليكون اليتيم في حضن أمه كونها الأقدر للتعاطي معه ومعرفة رغباته وأحاسيسه "، موضحا أن الكفيل ليس مسئولا عن كيفية صرف اليتيم للمال بقدر ما هي مسئولية الأم, فكثيرا من الامهات يدفعن بأبنائهن اليتامى نحو الهاوية عن طريق زيادة تدليلهم والبذخ بالمال بحجة سد الثغرات العاطفية وتعويضهم عن غياب والدهم.

وأضاف: لابد من عقد دورات تأهيلية لأمهات الأيتام لتدريبهن وتثقيفهن مهنيا ونفسيا لكيفية التعامل مع أبنائهن والمال المقدم إليهم من الكفلاء، إلى جانب تحذيرهن من المخاطر التي يمكن أن تتحقق لو أساءت إحداهن تربية أبنائها، مشيرا إلى أن الشريعة الإسلامية منحت الأم الحضانة الشرعية لأبنائها لمقدرتها على احتضانهم أكثر من غيرها لذا عليها صونهم.

وحول حصول الأيتام على أكثر من مساعدة مالية يرى السوسي أنه يصعب توجيه المتبرعين لجهة معينة لاسيما وأن المتبرع يبدي عاطفته مع الحالة التي يتعامل معها ، لافتا إلى أنه لا يمكن منع الكافل من كفالة أكثر من حالة لأن ذلك قد يدفع بهم إلى الإحجام عن تقديم المساعدات كون المجتمع سيتضرر لعدم تحمله لعدد كبير من الفقراء.

ويبدو انه في كثير من الاحيان تكون المساعدة المالية نقمة على اليتيم كونها تشبعه ماديا فقط ، لذا على الجهات المعنية ايصال الايتام عبر سفينة الكفالة الصحيحة لبر الامان للارتقاء بهم اخلاقيا وتعليميا.

 

اخبار ذات صلة