في غزة.. هل تقول حواء لآدم أنت "مخلوع"؟!

غزة _ أمل حبيب

اذا أراد أحد الزوجين أن ينفصل عن زوجته بسبب كثرة المشاكل سيقول لها اذهبي أنت طالق .. ولكن ماذا لو أحبت الزوجة الخلاص من جحيم زوجها؟ هل ستقول له : روح إنت مخلوع؟

هو سؤال لابد من طرحه خصوصا بعد تصريحات الشيخ يوسف ادعيس رئيس المحكمة العليا الشرعية في الضفة بأن اللجنة الفقهية في المحاكم الشرعية تدرس في الوقت الحالي اتخاذ قرار يمكّن المرأة من خلع زوجها.

أبو محجوب قال لزوجته في احد الرسوم الكاريكاتورية بعد امكانية تطبيق القرار بفلسطين: دخيلك يا أم محجوب لا تخلعيني  واللي بدك اياه بصير، ومن بكرة راح اعمل عملية تجميل بمنخاري عشان يصير زي منخار مهند تبع مسلسل نور!, وكانت الزوجة في طريقها للمحكمة ولكن أبو محجوب ظل ممسكا بطرف فستانها حتى لا تخلعه.

خلع بضوابط

"بطلقها قبل ما تخلعني " بهذه الكلمات المليئة بالعقلية الذكورية التي ترفض الاهانة أجاب أنيس محمد (اسم مستعار) عند سماعه عن احتمال تطبيق قرار الخلع في غزة , أنيس لم يقبل على نفسه الخلع , في حين أن الكثير من مشاكل النفقة والزوجة المعلقة تعج بها المحاكم الشرعية على أمل الحصول على الحقوق أو الانفصال عن الزوج.

المحامية الشرعية اصلاح حسنية بينت "للرسالة" أن القرار ما زال قيد الدراسة في الضفة ولم يطبق بعد لأنه بحاجة لدراسة معمقة , مشيرة الى أن الخلع له أصول شرعية بينها الرسول عليه الصلاة والسلام.

وقالت حسنية :" الاسلام أباح خلع الزوجة لزوجها بشروط فحادثة امرأة ثابت بن قيس بن شماس ـرضي الله عنهما حين قالت للنبي صلّى الله عليه وسلّم: "يا رسول الله ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين، فهو مستقيم الدين، مستقيم الخلق ، ولكني أكره الكفر في الإسلام، (تعني بالكفر عدم القيام بواجب الزوج)، فقال لها النبي صلّى الله عليه وسلّم: "أتردين عليه حديقته"، (أي المهر)، حيث كان قد أمهرها بستاناً، فقالت: نعم، فقال النبي لثابت: "خذ الحديقة وطلقها" فهذه الحادثة تثبت مشروعية الخلع".

وأكدت رئيس مركز الابحاث والاستشارات القانونية للمرأة أن قانون الخلع له ضوابط قائلة :" المرأة قد تنجرف في بعض الأحيان وراء مشاعرها وعواطفها فاذا تم تطبيقه لابد أن يكون مقيدا بشروط".

وأضافت:" هي مجرد اجراءات وتصريحات في الضفة وبحسب علمي لم يتم التنسيق مع غزة بخصوص امكانية تطبيقه قريبا (...) هو بحاجة الى دراسة ممنهجة من قبل الجهات الفقهية". 

وكان د. حسن الجوجو رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة, قد رهن تطبيق قانون "الخلع" في محاكم قطاع غزة باتفاقه مع التشريع الاسلامي، مبينا أن القرار يحتاج إلى آلية تشريع لإقراره.

وقال الجوجو في تصريح خاص لـ"الرسالة": الخلع قرار فقهي أقره التشريع الاسلامي, لكن يحتاج إلى آلية تشريعية لإقراره, وليس مجرد إصدار قرارات, لافتاً إلى ضرورة دراسته دراسة واضحة, والتشاور مع الجهات المختصة التشريعية في الضفة وغزة

وأشار إلى أنه إذا تطابق مع القضاء والتشريع الاسلامي "فسيُعمل به", نافياً تأثر هذا القانون بوضع الانقسام بين الضفة المحتلة وقطاع غزة.

فقر النساء والثقافة سيعيقانه

وتعج أروقة المحاكم بمشاكل وأنات النساء المعلقات , السيدة سعاد تمنت الخلع من زوجها بعد أن تركها وحيدة لمدة عام ونصف في بيت أهلها وهجرها مسافرا للخارج , وبعد أن علم بانها رفعت ضده دعوى تفريق عاد الى أرض الوطن ورد الدعوى , لم تنته فصول معاناة سعاد فعاد زوجها للسفر مجددا وتركها معلقة .

معاناة السيدة السابقة ستنتهي بمجرد تطبيق الخلع في غزة لأن لديها المال الكافي لتفتدي به نفسها, وتقول حسنية للرسالة: لكن 90% من نساء غزة فقيرات ولا يمتلكن سوى البقاء معلقات والمطالبة بالنفقة دون استخدام حق الخلع ان أقرته اللجنة الفقهية

المحامية الشرعية بينت أن تطبيق قرار الخلع ستواجهه بعض المعيقات أهمها أن الرجل بعقليته الذكورية لن يتقبله بسهولة كونه صاحب السلطة في البيت ".

وبعيدا عن شعور الرجل بالإهانة من القرار أضافت حسنية :" العادات والتقاليد تلعب دورا بارزا في نجاح قضايا الخلع فكلمة (ايش يقولوا الناس) ستستخدمها الكثير من العائلات الغزية التي لا تقبل لابنتها رفع قضية خلع على زوجها.

ولم تنكر المستشارة القانونية بأن الانقسام السياسي يؤثر على تطبيق القوانين الصادرة من المحاكم الشرعية مبينة بأن قانون الحضانة على سبيل المثال تم تمديده لعمر 15 سنة في الضفة، بينما بقي كما هو في غزة , وكذلك في غزة صدر تعميم بأن المرأة الارملة التي حبست نفسها لتربية اطفالها تكون الحضانة من حقها ولكن في الضفة تنتهي الحضانة بالسن المحدد.

وفرقت حسنية بين الابراء العام وهو التنازل عن الحقوق الشرعية من عفش البيت والمؤخر مقابل الطلاق وبين الخلع وهو أن تفتدي المرأة نفسها بمال ليخلعها به زوجها من مهر ومؤخر وعفش البيت لافتة بأنه في بعض البلدان يطلب الزوج ما دفعه من أموال طيلة فترة الزواج.

الاسلام أباح الطلاق للرجل وحلل الخلع للمرأة.. ولكن الاجمل أن تدوم الحياة الزوجية بقدسيتها مدى الحياة بدون اهانة لأي طرف، وان وصل الوضع بينهما الى طريق مسدود فليحسنا استخدام شرع الله.

البث المباشر