الرسالة - شيماء مرزوق
منذ توليها مقاليد الحكم في الضفة الغربية اتبعت حكومة سلام فياض سياسات اقتصادية تعتمد على التفرد والارتجالية في حل الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الفلسطينية, وهذا ما دفعها لإعداد خطة تقشفية تهدف إلى تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية, وإعداد قانوني التقاعد المبكر والضريبة الجديد, ممّا أثار موجة احتجاجات في الشارع الضفاوي ضد هذه السياسة التي أدت إلى زيادة الضرائب وارتفاع الأسعار.
غير مدروسة
ويرى محللون أن السياسات الاقتصادية المطبقة في الضفة الغربية قائمة على التفرد, "فلم تقدم علاجا للأوضاع الاقتصادية المتفاقمة بل ساهمت في تعميق الأزمة.
واعتبر المحلل الاقتصادي معين رجب في هذا السياق أن سياسة فياض -في الغالب- هي أفكار مطروحة لتلقي ردود الفعل ومدى إمكانية قبول المجتمع لها؛ "في محاولة لحل الأزمة المالية الراهنة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية وتقليل الاعتماد على الدول المانحة".
وأوضح رجب أن حكومة فياض تحاول تخفيف العجز المالي لديها بزيادة إيرادات الضريبة التي لا تحقق الغاية، "لأنه سيترتب عليها نتائج عكسية", قائلا: "الرغبة في تقليص عجز الموازنة مهم وذلك باتباع أساليب تحسين طرق التحصيل ومنع التهرب الضريبي وعدم فرض ضرائب جديدة".
واعتبر د. نائل موسى -أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح- من جانبه أن السياسات الاقتصادية المتبعة في الأراضي الفلسطينية -وخاصة في الضفة الغربية- عشوائية وغير مدروسة.
وذكر أنها جعلت أغلب المواطنين في الضفة مدينين للبنوك لسبب تسهيل الحصول على القروض، لافتا إلى أن التخبط في السياسات الاقتصادية أدى لرفع الجمارك بنسبة 5% على السيارات المستوردة.
وصادقت حكومة فياض على رفع ضريبة الدخل، وهذا ما حذر منه اقتصاديون ومراقبون إذ قالوا إنه سيقود إلى هجرة المستثمرين إلى خارج الأراضي الفلسطينية, كما تصاعدت الأصوات المطالبة بإلغاء اتفاق باريس الاقتصادي مع (إسرائيل) ومحاسبة سارقي الأموال في السلطة الفلسطينية وتخفيض الرواتب العالية لعدد كبير من الموظفين.
وأضاف رجب: "يجب وقف الإسراف في النقابات العامة واستبعاد النفقات غير الضرورية, والحد من مظاهر الإسراف, وتقليل الترقيات", منوها إلى أن كثيرا من القوانين التي صدرت بمراسيم رئاسية لم تطبق لسبب تعطل المجلس التشريعي.
تدني الاستثمار
وذكر رجب أن هذه القوانين لا تأخذ حقها من الدراسة، "وخاصة من الجهة التشريعية التي تدرسها وتراجعها بدراستها بدقة قبل الموافقة عليها".
وقال موسى بدوره: "سياسات حكومة رام الله أدت إلى انخفاض دخل الأفراد، ودفعتها إلى اقتراح زيادة الضرائب"، مشيرا إلى أن السياسات غير المدروسة أدت إلى إرضاء طبقة معينة في المجتمع، "وغضب باقي الطبقات التي تشكل أغلب أفراد المجتمع".
وأوضح موسى أن السياسات الاقتصادية الفلسطينية ساهمت في تركيز الأموال في يد فئات محدودة، مؤكدا أن آثارها ستظهر على المجتمع على المدى البعيد، ومتوقعا أن يتراجع النشاط الاقتصادي بصورة كبيرة في الأراضي الفلسطينية.
وبين رجب أن من جانبه معظم السياسات التي تنتهجها حكومة فياض تعالج ظواهر الأمور وليس بواطنها, موضحا أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني مشكلات عديدة تعود لسنوات طويلة.. "بعضها لسبب الاحتلال والبعض الآخر لسبب الوضع الفلسطيني الداخلي".
وشدد موسى على أن المجتمع المدني والأحزاب والفصائل والرئيس يجب أن يكون لهم دور في توجيه السياسات الاقتصادية ودعمها، "بحيث تفرض سياسات تتناسب مع المجتمع وظروفه، وبهذا يمكنهم الاعتراض على السياسات غير الصحيحة".
وطالب موسى بإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية المختلفة ليكون لها دور في المجتمع، مؤكدا أن العمل الجماعي أفضل من التفرد في القرارات، "بحيث يكون لكل طرف رأي وقرار، وخاصة المجلس التشريعي الذي يسن القوانين".