قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ [الأنعام : 82]
لقد قرن الله سبحانه الإيمان وتحقيقه والذي هو لب الأمر وأسه بزوال الشرك، وعبر عنه هنا بالظلم، ليكون كلاً من الإيمان والتوحيد أساساً وشرطاً لحصول الأمن مما يوحي وببداهة بسيطة أن الأمن أمر مهم جداً ولا يمكن أن تحيا الشعوب وتزدهر وتتطور بدونه، وعلى قدر أهميته وضرورته للناس كانت له شروط لتحقيقه وحصوله، ومن هنا نجد أن الأمن جزء من الإيمان والتوحيد واللذان يقومان على الاعتقاد والعمل، ولذا فإن الحكمة الأعم في أمر العقوبات في النظام الإسلامي أنها تهدف إلى إشاعة الأمن في المجتمع المسلم وحماية أعضائه من عدوان المعتدين، سواء في أمر النزوات والغرائز أم في أمر الأموال والدماء.
ففي حالة خطايا النفوس ونزواتها التي لا يملك الإنسان عامة أن يأمن الوقوع فيها وفي كل الأحوال وطيلة حياته، نجد أن عقوبة هذا النوع من الخطايا والجنايات ليست مقصودة للفعل في ذاته، ولكنها لعملية إشهاره والإصرار عليه بما يترتب عليه، والنزوات لا يتطلب إرضاؤها أو الوقوع في أوضارها الإشهار، فمن أشهر ليس له مخرج من العقاب، وذلك حفظاً لأمن الناس ورعاية لحقوقهم الدينية والخلقية، وبذلك فإن الفرد لابد أن يشعر بالأمن والطمأنينة لا الخوف والرهبة حين يعلم أن الحكمة من العقوبة التي تتعلق بالجرائم الناجمة عن النزوات هي منع أهل الفساد من إقحام فسادهم في حياة الناس وأهليهم والتغرير بصغارهم دون إرادة أو رغبة منهم، فإنزال العقوبة بالمفسد المستهتر تبعث الطمأنينة والإحساس بالأمن في نفوس أفراد المجتمع، وقسوة العقوبة إلى جانب أنها حماية حاسمة وصارمة لحقوق الإنسان الأساسية في الخيار، فإنها تدل أيضاً على فداحة الفاحشة وما يترتب عليها من آثار اجتماعية خطيرة في مجال الأسرة والمجتمع.