قائد الطوفان قائد الطوفان

لتعويض شئ من الخسارة

الأشجار المجرفة تجبر أصحابها لامتهان التحطيب

غزة- كمال عليان-الرسالة نت

منذ آلاف السنين تولدت علاقة لا تنفصم بين الفلاح الفلسطيني وشجرة الزيتون, فهي تهبه الزيت والزيتون وتمنح حطبها زاداً لنار الشتاء فلقد عرفها منذ القدم, ولكن بعدما جاءت الحرب الصهيونية على قطاع غزة في مثل هذه الأيام من العام الماضي، جرف آلاف الدونمات المزروعة بالأشجار المثمرة كان أكثرها أشجار الزيتون.

ولم يجد الفلاح الفلسطيني بداً من تجميعها لبيعها حطباً عله يسترد بعضاً مما خسره، رغم أن آلاف الشواكل لا تغنيه عن غصن واحد من أشجاره التي جرفها الاحتلال.

زراعتها من جديد

أرض الحاج أبو محمد عبد العال لها نصيب من هذا التجريف، الذي قال:" مساحة أرضي حوالي عشرون دونما كانت مزروعة بمئات الأشجار المثمرة والحمضيات"، مبينا أنه حزن كثيرا عندما دمرتها جرافات الاحتلال في الحرب الأخيرة على غزة.

ويؤكد عبد العال على أنه لم يتلق سوى بعض المعونات الرمزية والتي لا تكفي لشراء بعض الأشجار، موضحا أنه سيبيع أحطاب أشجاره المدمرة لعله يسترد شيئا من ماله ويشتري بعض الأشتال يعيد بها زراعة أرضه من جديد.

وكانت قد شنت قوات الاحتلال الصهيونية العام الماضي عدوانا بربريا على قطاع غزة دمرت فيه الأخضر واليابس، وكان للأراضي الزراعية النصيب الأكبر من التدمير والتجريف.

إرث

وتابع الحاج عبد العال:" لقد ورثت هذه المزرعة والأشجار المثمرة عن والدي منذ سنوات طويلة"، موضحا أنه خسر حوالي 100 ألف دينار جراء تجريفها حيث كان يضمنها لمزارعين كل عام وكانت تعود عليه كل عام بأموال تسد رمق عائلته المكونة من تسعة أفراد.

وأضاف وقد ارتسمت على وجهه علامات الضيق:" لكن الحال تغير بعد تجريف الاحتلال للأرض وقلعه للأشجار"، مردفا بقوله:" لا أقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل". وأوضح عبد العال أنه وبعد هذه الكارثة لم يبق أمامه سوى جمع حطب هذه الأشجار وبيعها لقريب له يبيع الحطب، مؤكدا على أن قلبه يتمزق حزنا وهو يجمع الحطب.

وذكر أنه باع خشب الأشجار المجرف بمبلغ من المال استفاد منه في إعادة إصلاح أرضه وزراعتها من جديد عل أحد أحفاده يرعاها كما رعاها جده.

مصدر رزق

ولإكمال حلقة مفرغة توجهنا إلى محل أبو محمد للحطب في منطقة مشروع بيت لاهيا الذي كان جالسا أمام محله يوزن لأحد زبائنه بعضا من الحطب، وبعد الانتهاء من زبونه قال لنا:" أعمل في هذه المهنة منذ أن أغلقت (إسرائيل) معبر بيت حانون حيث كنت أعمل في مجال البناء"، مشيرا إلى أنه على علاقة واسعة مع المزارعين لكي يشتري منهم الأشجار التي دمرها الاحتلال على طول الانتفاضة.

وأوضح أنه كان يقطعها إلى أجزاء صغيرة بواسطة أدوات بدائية مثل الفأس والبلطة وأما في هذه الأيام يقطعها بالمواتير حتى يسهل بيعها إلى الناس بعد ذلك، منوهاً إلى أن العمل بهذه المهنة أصبح مصدر رزق مهم لعائلته التي توقف جميع من يعمل فيها عن العمل بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والحصار المفروض على القطاع.

وأكد أبو محمد أن أسعار الحطب كانت مرتفعة إلى حد ما قبل الحرب الأخيرة ولكنها سرعان ما انخفضت بعد الحرب بسبب الكم الهائل من الأشجار التي دمرها الاحتلال, مبيناً أن سعر الكيلو من الخشب يبلغ شيكلين تبعاً لنوعه.

وفيما يتعلق بالإقبال على شراء الأخشاب قال أنه زاد في هذه الأيام خاصة على أبواب فصل الشتاء، بالإضافة إلى انقطاع الغاز والكهرباء المتكرر".

ويبقى السؤال: هل يمكن لمهنة التحطيب الذي أكره عليه الفلاح الفلسطيني أن تعوضه بعضاً من ماله ولو ملأ الأرض "حطباً".

 

 

البث المباشر