حبيب: الجدار ليس للقضاء عليها بل ضاغطا لتوحيد الصفوف
بسيسو: يمثل تهديدا خطيرا للعلاقات الفلسطينية المصرية
غزة/مها شهوان
تضاربت الآراء حول سبب تشييد الجدار الفولاذي الذي أقيم بين الحدود المصرية وقطاع غزة ، البعض ذهب إلى أن الجدار أقيم بهدف خنق أبناء القطاع لتجديد الحصار وإسقاط حركة حماس بعدما فشلت القوات الإسرائيلية بإضعافها خلال الحرب الأخيرة على القطاع،في حين يرى آخر أن الجدار يشكل ضاغطا على الساحة الفلسطينية من اجل توحيد الصفوف.
الاستحقاق الأخلاقي
وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي مؤمن بسيسو أن الجدار الفولاذي له أهداف سياسية واقتصادية وأمنية تنذر بتداعيات بالغة الخطورة على الواقع الداخلي لقطاع غزة.
وأشار بسيسو إلى أن الأهداف السياسية التي يشكلها الجدار تستهدف كسر إرادة حركة حماس السياسية لإجبارها على الرضوخ لشروط اللعبة الإقليمية والدولية من أجل القبول بمقتضيات الأمر الواقع ،مبينا بان الحركة تتبنى سياسة مستقلة بعيدا عن الاشتراطات الدولية ولا تجد حرجا في إعلان تمسكها بالحقوق والثوابت الوطنية مما يعكس عجلة السياسة الإقليمية والدولية في رؤيتها لإنهاء القضية الفلسطينية على حساب الحقوق التاريخية للفلسطينيين.
وفي ذات السياق أوضح المحلل السياسي هاني حبيب أن مصر معنية باستمرار علاقاتها مع القطاع على كافة الأصعدة ، مشيرا إلى ارتباط مصر عضويا وسياسيا وجغرافيا مع القطاع وبالتالي لا يمكن اعتبار أي إجراء هو محاولة مصرية للتخلص من هذه العلاقة .
وحول ما إذا كان الجدار يتعلق بحركة حماس بين حبيب بأن مصر التي تعتبر الوسيط الأساسي في النزاع الفلسطيني الداخلي بذلت جهدا وما تزال تبذل من اجل إنهاء حالة الانقسام ،موضحا بان يفترض بها البقاء على علاقاتها القوية مع مختلف الأطراف ، بالإضافة إلى أن القاهرة غير معنية بالفكاك من الوضع الفلسطيني على مختلف اتجاهاته.
وحول ذلك اعتبر المحلل السياسي بسيسو أن التداعيات السياسية لإقامة الجدار تعتبر خطوة تشجع
على استمرار الأزمة الفلسطينية الداخلية ، بالإضافة إلى عدم المساهمة المطلقة في استعادة التوافق الوطني وإنضاج مناخ المصالحة الوطنية ، لافتا إلى أن ذلك سيسهم بإثارة المزيد من التعقيدات في ملف المصالحة الداخلية وتأجيل معالجته إلى اجل غير معلوم.
وأضاف : إقامة الجدار مؤشر واضح لتخلي مصر عن دورها التاريخي والقومي والإنساني تجاه القضية الفلسطينية الذي كانت قد رفعته طيلة العقود الماضية ، موضحا بان الجدار يمثل تهديدا خطيرا للعلاقات الفلسطينية المصرية للعمل على إثارة نوازع الكراهية والبغضاء بين الأخوة الأشقاء.
وتابع بسيسو: "على الصعيد الأمني فان تداعيات إقامة الجدار تهدف إلى كسر إرادة المقاومة الفلسطينية ومنعها من التزود بالحد الأدنى من السلاح والمعدات القتالية اللازمة لمواجهة العدوان والتحديات الإسرائيلية "،مؤكدا على أنه يعطي مؤشرا خطيرا على قرب حدود ضربة إسرائيلية لحركة حماس خلال الأسابيع المقبلة.
وفي ذات السياق خالف المحلل السياسي حبيب سابقه قائلا:" الجدار يشكل ضاغطا على الساحة الفلسطينية من اجل توحيد الصفوف مما يعني إعادة فتح معبر رفح وفقا للانتخابات السابقة "، مضيفا انه لا يمكن أن يبقى الوضع الفلسطيني رهنا للأنفاق أو الجدران .
ولفت حبيب إلى أن إنهاء الوضع لما هو عليه يلقي على عاتق كافة الفصائل لاسيما حركتي فتح وحماس لإيجاد مخرج حقيقي للوضع الداخلي،موضحا بان التوقيع على الورقة المصرية ربما يشكل الخيار الممكن في الظروف الراهنة.
هجوم جماهيري
وعن سبب تشييد الجدار الفولاذي في هذا التوقيت ذكر حبيب بان هذه الخطوة لم تأت هذه الأيام وقد تقرر ذلك بعد الحرب الإسرائيلية على القطاع ، موضحا بأنه كان هناك جهود دولية لحصار بحري على قطاع غزة وحصار بري آخر من خلال جهد مصري، إلا أن القاهرة في ذلك الوقت رفضت أي تدخل بشان أي إجراء بري بدعم خارجي.
وقال:"اتخذت مصر خطوات خاصة بها وقررت منذ ذلك الوقت العمل على إغلاق الأنفاق وتم التحضير لإقامة الجدار إلى أن اكتملت عملية الحفر وبدأت عملية الإنشاءات "،لافتا إلى أن الجدار يستغرق وقتا طويلا و لا يمكن اعتباره مرتبطا بالظرف الراهن وتداعياته.
بينما أشار بسيسو إلى أن ذلك يعتبر إحدى أدوات الضغط الخطيرة التي تفتقت عنها العقلية الأمريكية في مرحلة ما بعد حرب غزة نهاية العام الماضي،معتبرا ذلك خطوة قد تشكل السهم الأخير في النظام الإقليمي والدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في إطار محاولاتها الدؤوبة لتركيع حركة حماس وإخضاع القطاع وسحق المقاومة فيه.
وعن ما إذا كانت مصر قد أقامت الجدار تحسبنا من هجوم جماهيري من قبل أبناء القطاع في حال حدوث حربا جديدة أوضح المحلل حبيب بأنه حينما يتم انجاز الجدار سيكون الحصار أكثر تشددا مشكلا ضاغطا على الوضع الفلسطيني الداخلي من اجل إنجاح الحوار الداخلي ، مشيرا إلى أن ذلك ليس بالضرورة تمهيدا لحرب إسرائيلية قادمة.
بينما أضاف بسيسو بأن حركة حماس قد استعصت على كافة أشكال الإنهاء والتذويب لان تلك المحاولات التي كانت تمارس ضدها كانت تصب بالأساس في خانة إضعاف الحركة لمنعها من استعادة قوتها التي فقدت جزءا منها خلال الحرب الأخيرة.
وتابع بسيسو:"تلك الضغوط تعبر عن نفاد صبر النظام الإقليمي والدولي في مواجهة صمود حركة حماس وتمسكها بالحقوق والثوابت الوطنية، بالإضافة لموقعها كرأس حربة في إطار مواجهة المخططات الدولية التي تستهدف طي ملف القضية الفلسطينية وإنهاءه بشكل تام".
وذكر بان الجدار يحاول تحجيم قدرة وقوة حركة حماس سياسيا وامنيا واقتصاديا على المدى المنظور من اجل إفساح المجال أمام ضربة إسرائيلية محتملة تحدث تأثيرات مهمة تعمل على إضعاف الحركة ودفعها للرضوخ لاملاءات الواقع واشتراطات النظام الإقليمي والدولي.