فايز أيوب الشيخ
فجر التغيير الجديد للهيئة القيادية العليا لحركة فتح زوبعة من الخلافات الحادة والاتهامات المتبادلة بين القيادات الحالية والسابقة، وكشف عن سوأة التناحر والإصطفافات بين قطبي الصراع الفتحاوي "محمد دحلان ومحمود عباس".
وكانت مركزية فتح في اجتماعها الأخير قد صادقت على تشكيلة الهيئة القيادية الجديدة لقطاع غزة. وأوضحت المركزية أن الهيئة بقيادة عضو اللجنة المركزية نبيل شعث، ونائبته آمال حمد عضو المركزية أيضاً إضافة إلى 19 عضواً آخر، سيوكل إليها ترتيب أوضاع الحركة في القطاع، والتحضير للانتخابات إذا ما تم التوافق عليها.
ولم تُجر حركة فتح في قطاع غزة منذ منتصف حزيران (يونيو) 2007، أي انتخابات داخلية لفرز قيادات جديدة للإشراف على أقاليم الحركة الثمانية.
تركيبة "الدحلانيين"
وفي إطار كشفته "الرسالة نت" حول نية مركزية فتح إجراء تغييرات جذرية لقيادتها في قطاع غزة تستبعد من خلالها الموالين للقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، قال عبد الله أبو سمهدانة أمين سر الهيئة القيادية العليا لحركة فتح السابق، بأن تشكيلة الهيئة القيادية الجديدة لفتح بغزة لم تستبعد أشخاصاً كان شعث يطالب في السابق بإقصائهم على اعتبار أنهم مقربون من المفصول من الحركة محمد دحلان، واصفا ما جرى بأنه "حسبة هي أقرب إلى حسبة شخصية لشعث"، وفق تعبيره.
وأضاف: رفضنا في السابق إقصاء هؤلاء الأشخاص ولكننا فوجئنا بأن شعث وضعهم في الهيئة الحالية، موضحا أنه سيتم مناقشة هذه القضية في المجلس الثوري وداخل أطر الحركة العليا وسنرى كيف حدث هذا التناقض..!".
تعيين بقرار فردي
وأوضح أبو سمهدانة أن مركزية فتح رأت أن خطوة شعث بتغيير قيادة فتح بغزة "كانت فردية ودون استشارة أحد"، و"أن المناقشة اقتصرت على رام الله بعيداً عن أعضاء الحركة بغزة"، مشيراً إلى أن مقربين من شعث أثروا على قراره في اختيار الأعضاء الجدد.
ورد شعث على اتهامات أبو سمهدانة حول تفرده بالقرار الفتحاوي، بأن قرار تعيين الهيئة القيادية الجديدة في غزة "جاء بموافقة قيادة التعبئة والتنظيم ثم من اللجنة المركزية بشكل كامل ومن ثم وقع عباس على القرار"، متسائلاً "أي قرار فردي بعد كل هذا الإجماع ..أنا لا أفهم ذلك هل يريد أبو سمهدانة أكثر من هكذا إجماع من كافة أعضاء اللجنة المركزية ..؟".
وشدد شعث في حديثه لـ"الرسالة نت" على أن قرار التشكيل الجديد " قرار قيادي على مستوى عال والقرار في النهاية بمثابة تغيير للقيادة الحالية في غزة ولا يستشار فيه من يُقال"، مستدركاً "نحن نحترم الرجل-أبو سمهدانة- وليس لدينا عليه أي مأخذ ولكن نحن جددنا القيادة حتى نقوم بانتخابات لاحقة تنتخب فيها القاعدة الفتحاوية من تشاء وهذه القيادة بمثابة لجنة معينة".
قيادة فتحاوية "عن بعد"
ورفض أبو سمهدانة التعبير عن رأيه في التشكيلة الجديدة قائلاً "أنا لا أتحدث في موضوع الرضا من عدمه عن أعضاء التشكيلة، ولكن المهم الآن كيف شكلها شعث بمفرده؟"، مبيناً أنه طالما شكل شعث هيئة قيادية بهذا المستوى فإنه من المفترض أن ينقل –شعث- سكنه إلى غزة حتى يتابع هذا العمل ويتحمل المسئولية من داخلها وليس من خارجها.
وقال أبو سمهدانة " غزة ليست فندق ويجب على شعث أن ينقل سكنه إلى غزة ويتابع العمل من داخلها وليس من الضفة الغربية ".وتابع "أنا أُذكر وأقول للجميع ولقيادة فتح والسلطة أن لا تتعاملوا مع غزة بأنها فندقاً بعدد من النجوم، ولكن غزة جزء من الوطن يجب أن تسكنوا فيه وتتابعوا أمور تنظيمكم منها"، منوهاً إلى أنه منذ توليه منصباً قيادياً في تنظيم فتح وهو مقيم في قطاع غزة منذ العام 1981 .
وحول طلب أبو سمهدانة الأخير، فقد أبدى شعث رغبته في القدوم إلى قطاع غزة لمتابعة أوضاع حركة فتح وعمل هيئتها الجديدة.
وبنوع من التفاؤل، أوضح شعث أن الهيئة القيادية الجديدة لفتح يجب أن تقود الحركة لتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية، لافتاً إلى أن ذلك لا يتأتى بدون النهوض على المستوى التنظيمي وإشراك الآخرين من جيل الشباب وضخ دماء جديدة في الحركة. وأضاف "لدى الهيئة الجديدة ستة أشهر حتى ينتهوا من كل شئ متعلق بانتخابات أقاليم التنظيم المختلفة في قطاع غزة".
إضافة إلى ذلك، فقد كان أبو سمهدانة اتهم شعث-في تصريحات إذاعية- بأنه قام بتشكيل قيادة جديدة للحركة موالية له؛ من أجل الفوز بانتخابات اللجنة المركزية المقبلة.وقال "إن شعث جاء إلى غزة لتفصيل قيادة جديدة على مقاسه حتى تفوز بالانتخابات".
وأشار إلى أن السلطة في رام الله لم تستجب لمطالب فتح وعرقلت عمل القيادة في غزة، إضافة لرفضها إعطاء الامتيازات الخاصة بهم، معبراً عن استيائه الشديد لعدم استجابة السلطة لمطالب القيادة بغزة، قائلاً: "غزة مهمشة بالنسبة لفتح، ولم تعد تحظى بامتيازات كما كان في السابق".
تهرب من التفاصيل
وعلق عبد الله عبد الله عضو المجلس الثوري في فتح، على الاتهامات الأخيرة المتبادلة بين شعث وأبو سمهدانة فقال "لا بد للناحية الذاتية أن تبقى قائمة عند الواحد منا مهما كان موضوعياً، ولكن أؤكد أن أي عملية تغيير تحدث لا تنطلق من منطلق ذاتي وشخصي وليس هناك عداوات داخل فتح، فهي حركة لها تاريخها وتقاليدها ولها دورها وعملية التغيير في المواقع هي بقصد التجديد وإعطاء الفرص والشمولية ويجب أن ننظر لها بمنظار ايجابي".
وأزاح عبد الله المسئولية عن شعث حول تفرده بقرار تعيين الهيئة الحالية لفتح بغزة، مشيراً إلى أن شعث أحد المسئولين في اللجنة المشرفة على التعيين ولكن هناك أعضاء المركزية "زكريا الأغا وآمال حمد وجمال محيسن" هم من اللجنة وعندهم التفاصيل كاملة، علماً بأن محيسن نفى لـ"الرسالة نت" إطلاعه على التفاصيل، كما أن عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لفتح "تهرب"- هو الآخر-من مجرد التعقيب بزعم "أنه لا يتحدث في الأمور التنظيمية السرية".
وبشكل عام تحدث عبد الله لـ"الرسالة نت" حول ما جرى من تغيير فتحاوي بغزة، موضحاً أن كل تنظيم وحركة وحزب عادةً ما يسعى إلى التجديد والتدوير، معتبراً أن من غادروا مواقعهم من قيادة فتح بغزة لا يعني أنه فقدوا صلتهم في التنظيم.
وأشار إلى أن هدف أي تنظيم أو نظام سياسي سواء بالانتخابات أو التغيير هو التقدم للأمام والنهوض بالحالة القائمة، لافتاً إلى أن فكرة التغيير "تطلع لمشاركة أوسع وليس اتهاما لسابقين ولا اثراء للقادمين وهي مجرد تحمل مسئولية".
وفي نظرة تحليلية لما آلت أليه الأوضاع الفتحاوية والتي دفعت لتغيير الهيئة القيادية في غزة، فقد اتفق المحللان السياسيان هاني حبيب وطلال عوكل في أحاديث منفصلة لـ"الرسالة" على أن "حركة فتح تعاني من إرباك واضح في عدم القدرة على السيطرة على أوضاعها الداخلية نتيجة لعوامل تنظيمية وسياسية".