بداية يجب التأكيد على أن حكومة فياض غير شرعية وفق القانون الفلسطيني كونها شكلت عقب الانقسام ولم تأخذ شرعيتها من المجلس التشريعي وإن شكلت بقرار من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وتبقى حكومة إسماعيل هنية هي الحكومة الشرعية حتى تحصل حكومة فياض على شرعيتها من المجلس التشريعي، والمجلس التشريعي لن ينعقد لأن أبا مازن بات لا يعترف بالمجلس التشريعي ويعتبره غير قائم لأنه يريد التخلص من شرعية الشعب الفلسطيني والإبقاء على شرعيته المنتهية منذ عام 2010 الماضي.
هذه النقطة الأولى ، أما الثانية فإن هذه الحكومة التي يتولاها فياض لا علاقة لها بالمصالحة، وتشكيلها وتعديلها لن يكون ذا أثر عليها لا تعطيلا ولا دفعا، لأن المصالحة مسألة مرتبطة بشخص محمود عباس وقرار تطبيقها وتنفيذها وفق التفاهمات التي جرت في اتفاق القاهرة والدوحة والتي لم يلتفت إليهما رغم أن حماس منحت عباس مساحة واسعة وفرصة ذهبية عندما منحته تفويضا بتشكيل الحكومة، وهذه لم يقم بها محمود عباس، وهذا دليل على أن من يعطل المصالحة ويؤجلها هو عباس نفسه؛ لأنه يؤمن أن المصالحة مع حماس ومع الشعب الفلسطيني ستحول دون استكمال مشروع التفاوض الفاشل والذي لا يؤمن بغيره لتحقيق الحقوق الفلسطينية و يرى أنه الوحيد المؤتمن والذي يجب أن يقود كل شيء في حياة الفلسطينيين حتى لو أدى ذلك إلى ضياع الحقوق والتفريط بالثوابت، فعقلية الرجل عقلية انفرادية اقصائية، وهذا واضح ليس في علاقاته الوطنية والفصائلية فقط بل هو أمر ملموس في داخل تنظيم فتح التي باتت مهددة، كما أشار أحد قادتها وعضو كتلتها في التشريعي اشرف جمعة، بالانشقاقات والتفسخ نتيجة أسلوب الهيمنة الذي يمارسه عباس على حركة فتح.
"الحكومة التي يتولاها فياض لا علاقة لها بالمصالحة، وتشكيلها وتعديلها لن يكون ذا أثر عليها لا تعطيلا ولا دفعا
"
أما الثالثة فإن حكومة فياض هي واحدة من أدوات الهيمنة على مقاليد الحكم في الضفة الغربية من قبل عباس وهي الطعم الذي به يمكن له تشكيل ولاءات داخل حركة فتح من خلال منح بعض القيادات مناصب وزارية يمكن من خلالها تحقيق بعض المصالح الشخصية لهذه القيادات لضمان الولاء لمحمود عباس داخل الحركة وهو اليوم يستخدم التعديل الوزاري لفك الاشتباك بين حركة فتح وسلام فياض وحكومته ولرشوة بعض قادة التيارات داخل فتح وإرضائهم من أجل وقف حالة التمرد التي تشهدها أروقة حركة فتح ضد فياض الذي يعمل على تهميش حركة فتح ويساعده في ذلك عباس ليس حبا في فياض بقدر ما هو انتقام من حركة فتح والتي باتت أكثر كرها كتنظيم لمحمود عباس وسياسته.
هذه الحكومة بالتعديل أو بدون تعديل هي غارة في الفساد والتبعية لمحمود عباس الذي اصدر قرار تشكيلها وحال دون حصولها على الشرعية من خلال عرضها على المجلس التشريعي الذي كان من المتوقع ألا يعطيها الثقة، الأمر الذي سيحرج عباس ويظهر ضعف شرعيته وقراراته؛ لذلك من السهل عليه أن يصدر قرارا بحل هذه الحكومة والعمل على تشكيل حكومة انتقالية يقودها حتى إجراء الانتخابات الفلسطينية وفق اتفاق القاهرة، لذلك لن يكون لهذه الحكومة أو تعديلها أي أثر على المصالحة لو توفرت الإرادة السياسية لدى محمود عباس في المضي قدما نحو تنفيذ اتفاق القاهرة وتفاهمات الدوحة حول المصالحة.
"حكومة فياض هي واحدة من أدوات الهيمنة على مقاليد الحكم في الضفة الغربية من قبل عباس
"
لذلك هذه التعديلات لا علاقة لها بمصلحة الشعب الفلسطيني ولن يكون لها اثر على أي قضية فلسطينية وعلى رأسها المصالحة وإنهاء حالة الانقسام وإنما هي من أجل تقاسم مصالح ذاتية وإرضاء لبعض قيادات حركة فتح، وعليه يجب ألا نذهب بعيدا وألا نشغل أنفسنا كثيرا بقضية ثانوية هامشية ليست ذات صلة بالشعب الفلسطيني ومصالحة العليا، والانشغال يجب أن يكون في كيفية دعم الأسرى في معركتهم وتحشيد الرأي العام الفلسطيني والعربي نحو القدس والحصار وغيرها من القضايا والأمور التي تهم الشعب الفلسطيني لا الجري وراء قضية خاسرة وساقطة من الحسابات العامة كهذا التعديل الوزاري في حكومة فياض الغارقة في الفساد.